السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشرق الأوسط وتعديل السياسة الأميركية

13 مايو 2013 23:13
كيرت شيلنجر محلل سياسي أميركي يبدو أن التصعيد الذي تعرفه الحرب الأهلية السورية أخذ أخيراً يجذب إليها اهتماماً دولياً أكثر جدية؛ فقد وافقت الولايات المتحدة وروسيا على تنظيم مؤتمر دولي حول إنهاء الحرب. وفي الأثناء، تنكب واشنطن وقوى غربية أخرى على دراسة مخططات لتسليح المعارضة. ولئن كانت هذه الخطوات مرحباً بها، فإنها من جهة أخرى محبطة لأن ذلك كان ينبغي أن يحدث بسرعة أكبر؛ والتأخر لم يعمل إلا على جعل المهمة في سوريا أكثر تعقيداً، حيث ازدادت المعارضة انقساماً وتشدداً - إذ أضحت العناصر الجهادية أكثر قوة ونفوذاً - وبات المزاج الشعبي في المنطقة يعارض إرسال الولايات المتحدة أسلحة إلى الثوار. ووفق استطلاع جديد لمركز «بيو» للأبحاث نشر في الأول من مايو، فإن أقل من 33 في المئة من الناس في تركيا وتونس ومصر ولبنان والأراضي الفلسطينية يدعمون الولايات المتحدة وبلداناً غربية أخرى تسلِّح الثوار السوريين. كما أن معظم المستجوَبين في البلدان المجاورة يبدون تخوفاً من امتداد النزاع إلى المنطقة. وإضافة إلى ذلك، وجد استطلاع الرأي أن الدعم الرامي لتسليح الثوار بين حلفاء واشنطن الأوروبيين قد انخفض أيضاً. ولو فكرت الولايات المتحدة على نحو استباقي أكثر بشأن المنطقة، لكانت لديها ربما فرصة أكبر بكثير لدعم المعارضة والمساعدة على صياغة نتيجة ديمقراطية قبل أن تعكر العناصر «الجهادية» الصورةَ أو يهدد النزاعُ بابتلاع المنطقة. وعلى غرار حركة المعارضة في ليبيا، وقبل ذلك في مصر، فإن سوريا كشفت النقاب عن أميركا مترددة تكتفي بالرد على الأحداث فقط. ولذلك، فإن سياسة أميركا في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في حاجة إلى إعادة تقييم، تقطع مع السياسة التي تضطر فيها أميركا إلى التحرك وتعتمد فيها على القوة بشكل مفرط. ذلك أن أكثر من عقد من خوض الحرب في العراق وأفغانستان أنهك الجيش الأميركي واستنزف الخزينة. كما أنه صرفنا عن الدبلوماسية والتنمية، ما أدى إلى إضاعة الفرص وتقلص النفوذ. بيد أن ثمة منطقة واحدة تفكر فيها الولايات المتحدة على نحو استراتيجي هي المحيط الهادي، حيث أعادت الاهتمام بها عسكرياً واقتصادياً. ولكن عليها ألا تدع ذلك يترجم إلى إهمال وتهميش في مناطق أخرى. ورغم محاولات داخلية للمجتمعات العربية خلال السنوات الأخيرة للتخلص من أنظمة قمعية وفاسدة من أجل الديمقراطية، فإن المنطقة تفتقر إلى الهياكل والظروف المناسبة لإنشاء ديمقراطيات مستقرة واقتصادات حرة وقوية بمفردها، وذلك لأنه ليس لديها أي تكتلات تجارية وتنموية إقليمية لدعم الاقتصادات الوطنية، أو مؤسسات أمنية للتصدي للتطرف الإسلامي أو التفجرات الطائفية. ذلك أن قوات الأمن الوطنية التي جرى تشكيلها على عجل من قبل القوات الأميركية المغادِرة في العراق وأفغانستان لا تبعث على الثقة. وعلى سبيل المثال، فأبريل كان أكثر شهر عنفاً ودموية في العراق منذ 2008؛ والعلاقات بين أفغانستان وباكستان آخذة في التدهور بسرعة. وفي الأثناء، يبدو أن الخط الأحمر، الذي حدده أوباما في سوريا لم يفعل شيئاً غير تأخير قرارات ضرورية ولا مفر منها من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بشأن ما إن كان ينبغي تسليح الثوار، أو فرض منطقة حظر جوي، أو القضاء على قدرة القوة الجوية للنظام. كما أن الضربات الجوية الأخيرة لإسرائيل في سوريا، من أجل تدمير صواريخ إيرانية كانت متوجهة ربما إلى «حزب الله» في لبنان على ما قيل، تعكس مخاوف متزايدة بخصوص شحنات الأسلحة من طهران إلى دمشق، وأدلة متزايدة على المشاركة في النزاع من قبل «حزب الله» ومتطرفين إسلاميين آخرين. وفي الأثناء، وبينما تتراجع الولايات المتحدة بخصوص سوريا وأزمات شرق أوسطية أخرى، تعمل الصين على الانخراط في المنطقة على نحو استباقي واستراتيجي. وتشير تحركاتها إلى ما يمكن أن تخسره الولايات المتحدة إذا استمرت على نهجها الحالي. وفي كتابه الجديد، «الدولة التي يمكن الاستغناء عنها»، يجادل والي نصر، على نحو بليغ بأن الشرق الأوسط سيضع واشنطن في وضع أقل امتيازاً، مقارنة مع بكين. وفي هذا الإطار، كتب نصر يقول: «إن الشرق الأوسط مازال هو المنطقة الأهم في العالم- ليس فقط لأنه غني بالطاقة، أو مليء بالاضطرابات، أو مسرح للتهديدات الأمنية، ولكن لأنه المكان الذي سيحدث فيه تنافس القوة الكبرى مع الصين، والذي ستحسم فيه نتيجته»، مضيفاً «أن الأجزاء العديدة لسياستنا الشرق الأوسطية- في أفغانستان وباكستان، بخصوص إيران والربيع العربي- تتقاطع مع مصالح أوسع بخصوص الصين». إن الدول والمناطق قلما تُصلح من خلال الحرب فقط. فعملية الدمقرطة الناجحة لدول هشة في حالة تحول، والاستقرار في إمدادات النفط العالمية، والقضاء على تطرف الحركات الإسلامية... كلها أمور تتطلب دبلوماسية مستمرة. وبينما تنهي الولايات المتحدة تدريجياً عقداً من الحرب في العراق وأفغانستان، فإنها في حاجة لتسريع العمل الصعب والشاق المتمثل في تطوير اتفاقيات تجارية إقليمية، وتشجيع التحرير الاقتصادي، وتطوير البنى التحتية، وتوسيع التعليم والتجارة، بدلاً من فك الارتباط مع المنطقة والانسحاب منها. من ليبيا إلى باكستان، تشهد أكثر منطقة تقلباً في العالم أهم تحول في تاريخها منذ نهاية الامبراطورية البريطانية. ولذلك، فإنها في حاجة إلى انخراط دائم ومتعدد الأبعاد لن تستطيع دولة غير الولايات المتحدة توفيره. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©