الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحيط الهادي … سباق بطائرات من دون طيار

13 مايو 2013 23:13
ريتشارد باركر محلل سياسي أميركي ستطلق البحرية الأميركية خلال الأسبوع الجاري نوعاً جديداً من الطائرات من دون طيار تتميز بالاستقلالية الكاملة لتحلق انطلاقاً من حاملة الطائرات جورج بوش، على أن تحاول النزول لاحقاً على مدرج الطائرة، مسجلة بذلك إنجازاً حقيقياً يعجز عنه أغلب الطيارين، فما بالك بطائرة لا تحتاج لأي تدخل بشري، اللهم التحكم عن بعد. هذا التمرين يمثل حسب الخبراء بداية صفحة جديدة في التاريخ العسكري يمكن أن يطلق عليه حرب الطائرات من دون طيار المستقلة، لكن التمرين يجسد في الوقت نفسه مرحلة خطيرة من التنافس العسكري الآخذ في التبلور حالياً بين الولايات المتحدة والصين، هذه الطائرة الجديدة التي طورتها الصناعة العسكرية الأميركية تندرج ضمن الطائرات الشبح من طراز X-47B التي يطلق عليها اسم «الروبوت»، وهي عبارة عن طائرة من دون طيار أكبر حجماً من الأنواع الأخرى، حيث يصل طولها إلى 38 قدماً، فيما يبلغ امتداد الجناحين 62 قدماً، كما أن قدرتها على التحليق في الأجواء أكبر من الطائرات الأخرى بسرعة تصل إلى 2000 ميل، إلا أن ما يميزها ويجعلها طائرة مجددة بكل المقاييس هي التكنولوجيا المستخدمة في داخلها التي تشغل أجهزتها المختلفة لتجعلها طائرة نوعية قد تغير قواعد اللعبة في شرق آسيا. ففي الإقلاع تعتمد الطائرة كلياً على أجهزة الكمبيوتر التي تتحكم فيها تحليقها عبر آلاف الأميال، وهو ما يثير احتمال انخراط المئات منها في عمليات قتالية بالتزامن خلال السنوات المقبلة، والأكثر من ذلك تستطيع الطائرة الجديدة التصدي للموجات الإشعاعية التي تستطيع قتل أي طيار وتدمير طائرته. وبالنسبة للأنواع التي ستتلو الطائرة، وستكون أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية، فإنه من المتوقع أن تحمل، بالإضافة إلى القنابل التقليدية، أجهزة قادرة على إطلاق أشعة حرارية تستطيع إذابة شبكات الكهرباء الأكثر تطوراً، مع ما يترتب على ذلك من تدمير كل الأنظمة الموصولة بالشبكة، بما فيها شبكات الكمبيوتر المرتبطة بالأقمار الصناعية، والسفن والصواريخ الموجهة، علماً أن هذه الأنظمة هي من بين الأسلحة التي استثمرت فيها الصين بكثافة خلال عملية التحديث المحمومة لجيشها التي انخرطت فيها على مدى السنوات الماضية. لكن وفيما تستعد أميركا لإطلاق طائراتها من دون طيار المتقدمة تبذل الصين قصارى جهدها للحاق بأميركا وصناعة طائراتها الخاصة، لا سيما فيما يتعلق بالطائرات القادرة على الإقلاع، والنزول على مدرج حاملات الطائرات في أعالي البحار، وهكذا نجح الطيارون الصينيون خلال شهر نوفمبر الماضي في النزول بطائرة مقاتلة على مدرج حاملة الطائرات «ليونينج»، التي تعتبر الأولى من نوعها التي تملكها الصين. ومع أن بكين ما زال أمامها شوط كبير قبل الوصول إلى الأسطول الأميركي الكبير من حاملات الطائرات، إلا أن إنزال طائرة على إحداها، وهي العملية المعقدة والخطيرة، يشي بطموحاتها في السنوات المقبلة. فبنصف مليون بحار، وبنحو ألف سفينة تجوب سواحلها تسعى الصين إلى الوصول بقوتها إلى أبعد مدى يمتد أولاً من مجموعة الجزر الواقعة إلى الجنوب من شبه الجزيرة الكورية، ومروراً بالسواحل الشرقية لتايوان، مطوقة بحر جنوب الصين، ثم ثانياً الوصول إلى جنوب شرق اليابان في تمددها اللاحق بالمحيط الهادي وصولاً إلى جزيرة «جوام» التي تعتبر أهم قاعدة أميركية في المحيط الهادي، وأخير ما يلمح إليه بعض المسؤولين الصينيين سراً دون الإفصاح عنه علناً بمحاولة الوصول إلى جزر هاواي. ولتحقيق هذه الأهداف لا تستطيع الصين الاعتماد على عدد بحارتها، بل لا بد لها من تطوير التكنولوجيا، فإبقاء الأميركيين بعيداً عن سواحلها، وقطع الطريق عليهم في المحيط الهادي يتطلب قدرات في مجال الصواريخ بعيدة المدى والدقيقة، والتي بدورها تستدعي قدرة الاستطلاع عبر الأقمار الصناعية، والحرب الإلكترونية، والاتصالات المشفرة، فضلاً عن شبكات الكمبيوتر، وهي أمور استثمرت فيها الصين أكثر من مائة مليار دولار خلال العقد الماضي؛ وفي الظروف المثالية ستفضي الجهود الصينية في مجال التسليح إلى إحداث نوع من توازن القوة الجديد في المنطقة، لكن لتعويض التفوق العددي لبكين واختراقاتها التكنولوجية تراهن البحرية الأميركية بكثافة على الطائرات من دون طيار، وليس فقط على الطراز المتطور الذي أشرنا إليها سالفاً، بل على طائرات استطلاع قادرة على كشف الغواصات، وأخرى قادرة على التواصل عن بعد، بل حتى طائرات من دون طيار تنطلق من تحت البحر، هذا السباق المحموم على التسلح وامتلاك التكنولوجيا بين أقوى بحريتين في العالم يقوض احتمالات الوصول إلى توازن جديد للقوة في المحيط الهادي، ويزيد من احتمالات التصادم غير المقصود بسبب نشر الولايات المتحدة للآلاف من طائراتها من دون طيار ومحاولات الصين من جانبها التصدي لها ومواجهة التحدي الجديد. ولأن الطائرات من دون طيار تخفض تكلفة الحرب الجوية لعدم انخراط العنصر البشري، فإن احتمال شن الجيش الأميركي لهجوم على الصين يصبح أكثر احتمالاً، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على البحرية الصينية التي لا بد أنها ستطور جيلاً جديداً من الطائرات من دون طيار. وبالطبع لا يمكن لبحرية البلدين إطلاق حرب من ذاتهما، لكن لا بد لمنع ذلك من تطوير علاقات شاملة بين البلدين تتجاوز ما هو اقتصادي إلى ما هو سياسي، فطالما أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين جيدة لن يسعى أحد إلى ضرب المصالح المشتركة والمغامرة بها من أجل مواجهة مكلفة. إلا أنه في حال تدهور العلاقات الاقتصادية لن توجد مع الأسف بدائل سياسية، ناهيك عن تحالف من أي نوع، يمكنه منع الانزلاق إلى مواجهة بين البلدين. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©