الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

السفر إلى «المؤامرة»!

السفر إلى «المؤامرة»!
29 سبتمبر 2016 13:07
الفاهم محمد الكثير من الأقاويل والإشاعات التي تدور حول المطار الدولي لدانفر في ولاية كولورادو الأميركية المعروف اختصاراً بـDIA، وهو بالمناسبة أكبر مطار في الولايات المتحدة الأميركية. تحاليل وملاحظات عديدة، سواء في الإنترنت أو في الصحافة الدولية. الأمر ليس سراً مخفياً على أحد، فالرموز المخيفة والرسائل العجيبة موجودة في كل مكان فيه، وبإمكان الجميع أن يعاين الصور على الموقع الرسمي للمطار بالنت. يتحدث البعض عن مؤامرة تحاك ضد الإنسانية من طرف الجماعات السرية، مثل الماسونية والمتنورين، أو عن مخطط لبداية عصر جديد NEW AGE أو حتى عن منشأة عسكرية سرية، لكن مهما كانت هذه الطروحات قريبة أو بعيدة عن الحقيقة، إلا أن ما هو أكيد هو أننا مع مطار دانفر لسنا أمام مطار عادي ككل المطارات. قبل أن نعرج على الجانب الشرير والمروع للمطار، دعونا أولًا نلقي نظرة سريعة على تاريخه وهندسته. من المعروف أن هذا المطار بني سنة 1995 على مساحة تمتد 34000 هكتار في موقع مطار آخر هو ستابلتن stapleton، مع العلم أن هذا الأخير كان يضم الكثير من الممرات الخاصة بهبوط الطائرات، فالسعة الاستيعابية لدانفر أقل من سابقه، لكن في المقابل يضم مطار دانفر الكثير من الأنفاق والسراديب والبناءات تحت الأرض. إن هذا الأمر هو ما يطرح العديد من التساؤلات حول الهدف من هذا البناء. لماذا إذن يتم الاستغناء عن مطار كبير من أجل مطار أصغر؟ لماذا يتم البناء تحت الأرض وليس فوقها؟ أصحاب نظرية المؤامرة يرون أن المطار برمته بني من أجل تهيئة مكان خاص بالنخبة للنجاة من كارثة نهاية العالم الوشيكة، أو هو على أقل تقدير هو كاتدرائية خاصة بالجماعات السرية. نهاية العالم حتى إذا كان الجانب الهندسي يمكن التغاضي عن غرابته، إلا الجانب الإستطيقي (اللوحات والتماثيل) هو شيء أكثر من فاضح. ففي بداية مدخل مطار دانفر يستقبلك تمثال غريب لحصان بعلو نحو عشرة أمتار ذي لون أزرق، بعروق بارزة وعيون تظهر بالليل حمراء شريرة وساطعة، رافعاً قائمتيه الأماميتين في حالة جموح. وهي رمزية واضحة ضمن التراث الديني المسيحي، لأن الإنجيل يتحدث عن فرسان يوم القيامة، وهم أربعة فرسان: الأول يمتطي حصاناً شاحباً وينشر المرض والموت. والثاني يأتي فوق حصان أسود، وهو يرمز للمجاعة، والثالث حصان أحمر يرمز للحروب. أما الرابع والأخير، فهو حصان أبيض يمتطيه المسيح الدجال. هذا من دون أن ننسى أن لويس خيمينز النحات الذي قام بنحت هذا التمثال مات بسببه، وذلك عندما سقطت عليه حجارة بينما هو منهمك في عمله، ما يعزز الطابع المشؤوم لهذا الحصان حسب المتتبعين، ولكن مهما كان الحال ومن دون أن نحمل الأحداث، التي قد تكون صدفوية، ما لا تحتمله، يبقى شيئاً واحداً مؤكداً وهو أن وجود هذا الحصان المخيف في مطار يظل أمراً في غاية الغرابة. وفي البهو الخارجي هناك كذلك تمثال مصري للإله أنوبيس وهو إله الموت والعالم السفلي في الديانة الفرعرنية. ما يعزز هذه الرمزية كذلك هو وجود صورة على الجدار الداخلي للمطار، وهي لهيكل عظمي يرتدي لباساً مظلماً ويحمل منجلاً طويلاً في يده. وهي صورة لا تحتاج إلى تأويل لأنها دلالة واضحة عن الموت. من الغريب إذن أن توضع هذه الرموز التي لا تطمئن بسبب إحالتها على القيامة ونهاية العالم، أمام مسافرين مقبلين على الركوب في طائرة. لوحات «ليو طانغوما» المشفرة هناك كذلك سلسلة من اللوحات التي تمتد على أربعة جدران أنجزها الفنان ليو طانغوما leo tanguma. وقد صرح هذا الأخير أن الرسوم تحيل إلى:«تهديم وإبادة البيئة من طرف الإنسان وهكذا كي تتحد البشرية من أجل معالجة الطبيعة والعيش في سلام». كل هذا جميل ولكن اللوحات ذاتها تقول شيئاً آخر غير هذه المعاني الجميلة. وقد امتنع هذا الفنان فيما بعد من إعطاء أي تصريح يشرح فيه الرموز الغريبة المضمرة في لوحاته. تحليلات كثيرة قدمت بصدد هذه اللوحات الغريبة سنحاول أن نلخص أهم ما قيل في هذا الموضوع. ففي اللوحة الأولى المعنونة حسب الموقع الرسمي للمطار بـ «السلام والانسجام مع الطبيعة»، نرى في خلفيتها مدينة وبجانبها غابة تحترق، وفي الوسط مجموعة من الأطفال في حالة هلع، من بينهم طفلة تحمل في يدها لوحة تعود لحضارة المايا حول نبوءة نهاية العالم. أما في مقدمة اللوحة فنجد ثلاثة توابيت تضم أجساد فتيات من ثقافات مختلفة، واحدة إفريقية وأخرى من أمريكا اللاتينية والثالثة أوروبية، حيث هذه الأخيرة تمسك بينما هي مسجاة في التابوت إنجيلاً ونجمة صفراء تشبه تلك التي كانت النازية تستعملها من أجل تمييز اليهود عن غيرهم. هل تدل هذه الإشارة على نهاية المعتقدات المسيحية اليهودية، وعلى ميلاد معتقدات جديدة خاصة بالجماعات السرية؟ اللوحة الثانية تحت عنوان «أطفال الأمل العالمي للسلام»، وهي مقسومة على جدارين، نلاحظ فيها أطفالاً من مختلف الجنسيات يحملون أسلحة ملفوفة في أعلام أوطانهم، يبدو أنهم سيعطونها لطفل آخر يوجد في وسط اللوحة يرتدي بذلة ألمانية، ويقوم بتحطيم نصل بواسطة مطرقة. في أسفل اللوحة نجد جندياً ملقى على الأرض وفوقه حمامتين كإشارة إلى انتصار السلام على الحرب. لحد الآن يبدو كل شيء عادياً لأن كل المعطيات التصويرية السابقة تحيل على رغبة الأطفال في القضاء على الأسلحة وبلوغ السلام. ولكن في مقدمة الجزء الثاني من اللوحة، نجد هذا الجندي وكأنه عاد إلى الحياة من جديد، يقف منتصرا وهو يرتدي كمامة واقية من الغازات ويحمل في يد نصلا كبيرا، وفي اليد الأخرى رشاشا. النصل يبدو كما لو أنه يخترق حمامة في أسفل اللوحة (الرمز العالمي للسلام). هذا شيء يتناقض مع ما سبق وما يعزز هذه الرمزية هو وجود مجموعة من الأمهات بجانب هذا الجندي، ينتحبن وهن يحملن أطفالاً ميتين، كما لو أنهم تعرضوا للاختناق بواسطة غاز سام. اللوحة الثالثة تحمل عنوان: «السلام والانسجام مع الطبيعة»، وهي بدورها تضم مجموعة من الأطفال من أعراق وثقافات مختلفة جميعهم يتطلعون إلى وردة غريبة تملأ وسط اللوحة. كما لو كانت حقيقة جديدة أو اكتشاف غير مسبوق. هناك أيضاً العديد من الحيوانات والطيور والأسماك التي تحيط بهؤلاء الأطفال، كإشارة إلى تصالح الإنسانية مع الطبيعة، ولكن ما يثير الغرابة في هذه اللوحة هو مظهر النمور الصغيرة التي تحمل وجوهاً بشرياً. فهل هذه إشارة إلى تجارب بيولوجية وتغيير جيني قادم؟ الحاجة إلى الرموز قد يقول قائل إذا كان الأمر يتعلق بمؤامرة ضد الإنسانية، أو بشيء يتم تهيئته والاستعداد له في الخفاء. لماذا يتم عرضه هكذا للعلن وبرموز مثيرة للانتباه؟ هذا سؤال مهم ولكننا نعلم أن الإنسان منذ ظهوره على الأرض وهو يعمل على ترميز أفكاره، وذلك حتى يمنح لنفسه قيمة ومكانة أعلى من الطبيعة. لنتذكر هنا التعريف الذي يقدمه إرنست كاسيرر للإنسان باعتباره حيواناً رامزاً، أي كائناً صانعاً للرموز أكثر مما هو كائن عاقل، كما كان يقول ديكارت. الجماعات السرية هي كذلك على طول التاريخ كانت تقوم بترميز مشاريعها، ولدينا في هذا السياق تراث كامل من العلامات والرموز. كما أن هناك مبدأ في علم التواصل يقول ينبغي «إغراق الناس بالأخبار من أجل عدم إخبارهم» Informer pour désinformer، بمعنى إنه إذا كان بعض الفضوليين الذين سيدسون بأنوفهم في هذا الموضوع أو ذلك، ويثيرون الشكوك والتساؤلات، فإننا سنلجأ إلى إغراق الرأي العام بالكثير من الأخبار والمعطيات حوله، حتى يتم تعويم الموضوع ويصبح مبتذلاً وتضيع حقيقته. خذ على سبيل المثال النصب المسمى بجورجيا غيدستون georgia guidestones، النصب الذي بنته جهات مجهولة في ولاية جورجيا سنة 1980، وهو عبارة عن خمسة جدران من الغرانيت، يعلوها سقف يجمع ما بينها شبيهة بجدران ستونهينج في بريطانيا. كتبت عليها وصايا موجهة لحضارة قد تخلف الحضارة البشرية الحالية بعد نهايتها. خذ أيضا ما يعرف بشفرة الكريبتوس، وهو النصب الموجود في الفناء الخلفي لمقر المخابرات الأمريكية بولاية فرجينيا. وهي عبارة عن كتابة مشفرة تضم أربعة ألغاز تمكن البعض من فك ثلاثة، وبقيت الرسالة الرابعة مستعصية على الحل حتى الآن. هذا من دون أن نعرج إلى رموز العالم القديم في مصر وبابل وقبله في المايا وغيرها من الحضارات. هذه فقط أمثلة من التاريخ المعاصر عن رغبة الإنسان في ترميز وتشفير سلوكاته، وربما يكون مطار دانفر واحداً من هذه المعالم التي تم بناؤها بغرض توجيه رسائل إلى من يخلفوننا في القادم من الزمان. بقي أن نعرف فقط مضمون هذه الرموز وما تود أن تقوله لنا. في اعتقادنا المتواضع ومن دون أن ندعي الإحاطة الشاملة بكل هذه الألغاز التي على أي حال لم يتم فك شفرة بعضها بعد. وعن طريق تتبع هذه الهيآت الرمزية les instances symboliques ،سواء كانت مطار دانفر أو نصب جورجيا أو مجسم الكريبتوس، فإنها تركز على الرسائل الآتية: 1 هناك كارثة كبرى تتهيأ في المستقبل على المستوى العالمي. 2 ينبغي بناء حضارة جديدة على أسس ثقافية وعقائدية جديدة. 3 يجب أن تخضع هذه الحضارة لنظام سياسي عالمي جديد. 4 من أجل نهوض عالم جديد لا بد من القيام بتضحيات جسيمة وبقرارات مصيرية. 5 علينا إنقاذ الأرض والطبيعة والكائنات الحية عن طريق تدخل التكنولوجيا الحيوية. كبسولة لعام 2094 أما في البهو الداخلي الكبير للمطار، فنجد ما هو أغرب، هناك أولاً قطعة من الغرانيت رسم عليها واحد من أبرز رموز الماسونية وهو الكوس والمسطرة الموضوعان على شكل مثلث كتبت تحته عبارة new world airport commission «مطار لجنة العالم الجديد»، وهو ما يجعل الكل يتساءل: ما هي هذه اللجنة وما هو هذا العالم الجديد؟ كما تتضمن قطعة الغرانيت هذه كبسولة مدفونة تحتها، لا نعلم ما بداخلها لأن الصخرة تخبرنا أنها لن تفتح إلا سنة 2094. يا ترى لماذا بالضبط هذا التاريخ وما الذي سيحدث فيه؟ إضافة إلى ما سبق نجد في أحد معابر المطار منحوتتين تخرجان من حقائب صغيرة وهي عبارة عن موازيب شريرة لا نعرف بالضبط على ماذا تدل، ولكنها في كل الأحوال تماثيل مخيفة، ولا تتلاءم مع مطار للمسافرين. 8530 كلم ألياف بصرية يضم المطار نحو 8530 كلم من الألياف البصرية من أجل التواصل، هذا شيء غريب لأن كل الولايات المتحدة لا تضم سوى 4800 كلم، بمعنى أن المطار يفوق أميركا كلها بأكثر من نصف العدد. مضخاته يمكن أن تضخ نحو 1000 غالون من الكروسين في الدقيقة الواحدة، وهذا أيضاً شيء كبير جداً، كما يرى الملاحظون بالنسبة لمطار تجاري عادي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©