الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: بناء وتعمير الأرض.. واجب شرعي

العلماء: بناء وتعمير الأرض.. واجب شرعي
21 يونيو 2018 21:43
أحمد مراد (القاهرة) أكد علماء الدين، أن الإسلام يقدس البناء والتعمير ويدعو إليهما،لأنهما عصب الحياة ومن أهم سبل تقدم الأمم والمجتمعات، مشيرين إلى أن الله سبحانه وتعالى خلق الكون وهيأ فيه الظروف المثلى للحياة السعيدة المستقرة، ثم استخلف فيه الإنسان بقصد عمارة الكون وإنمائه واستغلال كنوزه وثرواته. وأشار العلماء إلى أن الإسلام حث على الضرب في الأرض والسعي في مناكبها، والتنقيب عن موارد الرزق في البر والبحر، والإنشاء والتعمير، وتوفير أسباب المعيشة والتنافس المشروع في الكسب، والتسابق في الخيرات كلها دنيوية أم أخروية. العمارة والعمل من العبادة الداعية الإسلامي، د. خالد بدير، من علماء وزارة الأوقاف المصرية، أوضح أن الإسلام عُني بعمارة الأرض ورعاية الكون عناية خاصة وأولاها اهتماما مشهوداً، وفي هذا الشأن قال تعالى: (... هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا...)، «سورة هود: الآية 61»، ولو نظرنا إلى جميع الأنبياء سنجد أن لهم دوراً بارزاً في البناء والتعمير، فقد كان لكل واحد منهم عليهم الصلاة والسلام حرفة يعيش منها، فكان آدم حراثاً وحائكاً، وكانت حواء تغزل القماش، وكان إدريس عليه السلام خياطاً وخطاطاً، وكان نوح وزكريا نجارين، وكان هود وصالح تاجرين، وكان إبراهيم مزارعاً ونجاراً، وكان أيوب زراعاً، وكان داود حداداً، وكان سليمان خواصاً، وكان موسى وشعيب ومحمد صلى الله عليه وسلم يعملون بمهنة رعي الأغنام. وقال د. بدير: ولقد ربى النبي صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام على الجد والاجتهاد والعمل من أجل البناء والتعمير، فكان منهم التجار البارعون، وأسواق الجاهلية، تشهد بذلك مثل سوق عكاظ، وذو المجاز، وبنو قينقاع، وهذا خباب بن الأرت كان حدادا، وعبدالله بن مسعود كان راعياً، وسعد بن أبي وقاص كان يصنع النبال، والزبير بن العوام كان خياطاً، وسلمان الفارسي كان حلاقاً ومؤبراً للنخل، وخبيراً بفنون الحرب، والبراء بن عَزب وزيد بن أرقم كانا تاجرين، كما ربى النبي صلى الله عليه وسلم صحابته على العمل من أجل البناء والتعمير، فقد عالج جميع صور الكسل والمسألة، وحّول أصحاب هذه الدعوات من أدوات كسل وخمول وهدم، إلى أدوات جد واجتهاد وبناء وتعمير. وأضاف: ومن عظمة الإسلام أنه صبغ أعمال الإنسان أياً كانت دنيوية أو أخروية بصبغة العبادة إذا أخلص العبد فيها لله سبحانه وتعالى، فالرجل في حقله والصانع في مصنعه والتاجر في متجره، والمدرس في مدرسته، والزارع في مزرعته، والمهندس في مشروعه، كل هؤلاء الذين يعملون من أجل بناء وتعمير وطنهم وبلادهم يعتبرون في عبادة إذا ما أحسنوا واحتسبوا وأخلصوا النية لله تعالى في عملهم، فالفرد مع أنه يعمل من أجل العيش والبقاء والحصول على زاد يقيم صلبه ومن أجل بناء وتعمير بلده، إلا أنه في عبادة لله سبحانه وتعالى، بل إن الله تعالى جعل الضرب والسعي في الأرض جهاداً في سبيل الله قال تعالى: (... وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ...)، «سورة المزمل: الآية 20»، فالإسلام يعتبر سعي الإنسان على نفسه وولده جهاداً وعبادة يثاب عليها في الآخرة، ولو فطن كل فرد إلى هذه الحقيقة لما توانى لحظة في أداء عمله، بل إنه يسارع إليه بجودة وإتقان وإخلاص، لا من أجل الحصول على المال فسحب، وإنما من أجل بناء وتعمير بلده ووطنه، ومن أجل الثواب الجزيل والأجر العظيم الذي أعده الله له في الآخرة. وتابع د. بدير: كثير من الناس يظن أن هناك تعارضاً بين عمل الدنيا وعمل الآخرة، وهذا فهم خاطئ، لأن الإسلام حث على العمل من أجل عمارة الحياة والقوام فيها، كما حث على عمل الآخرة لأن عليه مدار الثواب والعقاب، وما الدنيا إلا مزرعة للآخرة، قال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، «سورة القصص: الآية 77»، قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك، والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة، ولا تنسى ما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح. أوجه الخير أما د. أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فقال: إن الله سبحانه وتعالى استخلف البشر في الأرض بقصد عمارة الكون وإنمائه واستغلال كنوزه وثرواته، والناس في ذلك شركاء، قال تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ)، «سورة الأعراف: الآية 10»، وقد اعتبر الفقهاء تعلم أصول الحراثة والزراعة ونحوها مما تتم به المعايش التي بها قوام الدين والدنيا من فروض الكفاية، لأن كل فرد من الأفراد عاجز عن القيام بكل ما يحتاج إليه، كما حث الإسلام على الضرب في الأرض والسعي الحثيث في مناكبها، والتنقيب عن موارد الرزق في البر والبحر، والإنشاء والتعمير وتوفير أسباب المعيشة والتنافس المشروع في كسبها، والتسابق في الخيرات كلها دنيوية أم أخروية، لأن معنى استخلاف الله للبشر وخلافتهم عن الله في الأرض يتطلب طاعة المستخلف طاعة كاملة، ولأن السيطرة على الأرض بتمكين الله للبشر تقتضي استغلال كل أوجه الخير فيها من استنبات الزرع، وإحياء الضرع، وتشجير الأشجار، واستخراج المعادن والزيوت، واستثمار المناجم والمحاجر وإقامة المساكن والمصانع والقرى والمدن حتى يعرف بكل ذلك ونحوه عظمة الله وقدرته، لأنه هو مانح الحياة لكل الموجودات. وأكد د. كريمة أن عمارة الأرض واستغلالها يتقيدان في الإسلام بطاعة الله والاهتداء بهديه والامتناع عما نهى عنه، والاعتقاد بأن الناس جميعا شركاء في منتجات الطبيعة المباحة، فكان لا بد لهم من التراحم والتعاون في العمل والعطاء من دون تخصيص، أو تمييز البشر في الجنس أو اللون أو العنصر. مهمة عظيمة من ناحية أخرى، أشار د. منصور مندور، كبير الأئمة بوزارة الأوقاف المصرية، إلى أن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم، وكرمه وفضله على سائر خلقه، وسخر له كل ما في الكون، ثم حدد له مهمة عظيمة بجانب مهمة العبادة وهي مهمة إعمار هذا الكون، واستخراج كنوزه وخاماته، وأمر الله عز وجل الإنسان بالسعي والأخذ بالأسباب، وعدم الركون إلى الخمول والكسل لتحقيق هذه الغاية، ولا يتوقف السعي والعمل على وقت معين، بل لا بد وأن يسعى الإنسان حتى آخر نفس في حياته، مؤكداً أن الإسلام دين يقدس البناء والتعمير ويدعو إليهما، لأنهما عصب الحياة ومن أهم سبل تقدم الأمم والمجتمعات. وقال: لقد اهتم الإسلام بتعليم وتعلم كل ما يتم به عمارة الكون وبناؤه، فحث الإسلام أتباعه على السعي في الأرض، فالإسلام دعوة صريحة للعمل الذي يتحقق به التعمير والبناء فيعود بالخير على الدنيا كلها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©