الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

جيل متحرر من عقدة الأب ومن عناء قتله

21 يونيو 2018 21:31
محمد عريقات (عمان) عاين شعراء أردنيون شباب نتاجات جيلهم الشعري في الأردن من زاوية أن هذه النتاجات لا تعكس تجربة جيل واحد، بل جاءت تجارب منفصلة لا يربطها نسق أو «قضية»، معلنة «انقلابها الشعري» على تجارب أجيال سبقتها، كما لو أن هذا الجيل ولد متحرراً من عقدة الأب ومن عناء قتله. تؤكد الشاعرة سناء الجريري على أن الجيل الشعري الجديد في الأردن ظل فردياً حتى في أنشطته وفعالياته، وأنه لا يحب التعلم مصاب بعقدة الكتابة على حساب القراءة، وإن حدث وقرأ فإنه يستنسخ تجارب خالية من صورته وتجربته، لست بعيدة عن هذا الجيل غير أن تأمل الحالة التي نعيشها، يفيد في إعادة تقييمنا لذواتنا ونتاجنا. وترى صاحبة المجموعة الشعرية «براري التوت» أن الكتابة هي النتاج الذي يبرز ملامح الفضاء الزماني والمكاني للإنسان، وليس بمستغرب ملاحظة انعدام الوضوح في الرؤية وأحيانا غياب الهوية الخاصة بالكاتب عند جيل الشباب وفي ذات الوقت الانفصال عن الموروث التقليدي في الأدب. وتلفت إلى أن الكتابة لدى جيل الشباب تبدو غائمة نظراً لميوعة المفاهيم والثوابت التي تربى عليها أبناء السبعينيات والثمانينيات ففي وقتنا نجد فكرة المنظور هي التي تسيطر على تقييم الواقع. أما الشاعر خلدون عبد اللطيف فله رأي مختلف؛ فهو لا يوافق على أن الجيل الشعري الجديد في الأردن بالعموم لم يقرأ تجارب أجيال سبقته، ويؤكد على أن ثمة ما يشبه القطع التاريخي، أو الفجوة الشعرية في سيرة القصيدة الحديثة طرأ بشكل لافت بعد الألفية الثالثة. ويذكرنا عبد اللطيف بالساحة الأدبية قبل عقدين من الزمن حيث غصت إحصائياً بالشعراء بأثرٍ واضحٍ من الانفتاح على تجارب أخرى أكثر حداثة، عربية وغربية، والتماهي فيها بسرعة، لا سيّما بعد إدراك الأشواط التي قطعتها قصيدة النثر، من دون أن يعني ذلك تأسيس محطات حقيقية أو مفترقات تاريخية فاصلة في حياة القصيدة الأردنية ضمن حيزها المحلي والجغرافي. ولا ينفي صاحب المجموعة الشعرية «بين المنزلتين» أنّ ما يشبه الاختلال أصاب ميزان الواقع الشعري في الأردن، لا على مستوى الشّكل والمضمون، وإنما على مستوى الكمّ والكيف الشعريين، وارتفاع منسوب التبنّي لذهنية حرق المراحل بين الشعراء، فضلاً عن مواضعةٍ جوهريةٍ أخرى تتمثل في تلاحم وتآزر رعيلٍ من الأصوات الشعرية الشابة والجديدة؛ شعوراً منها بضرورة أخذ المبادرة التشاركية والارتقاء بالقصيدة في الأردن. وحول ذلك يرى الشاعر مهند السبتي أن نشوء الجيل الشعري الجديد في الأردن هو نشوء نافر لا يقبل التشابه ولا التحدث بأصوات من سبقوا من الشعراء، ويضيف: «هذا ما ميز جيلنا الشعري الجديد لا على الإطلاق، حتى عندما نذكر «الجيل» نعني به المرحلة الزمنية لا أكثر، لقد كان قراراً حاسماً لم نتهامس به أن تكون نصوصنا الشعرية خالية من تسريبات وأصوات الغرف الشعرية المجاورة. ويقول صاحب المجموعة الشعرية «أينا الدخيل أيها الضوء»: «شخصياً أشكر عدم قدرتي على حفظ مقطع واحد لشعراء مجايلين، إنما يبقى في داخلي أثر نص أحدهم وخصوصيته المغايرة، ثم أكمل اشتغالي على الجهة الشعرية التي أعمل عليها، مطمئنا لأعمال الإبداع المستمرة بلا توقف، كأننا نجلس في وقت مستقطع خارج مشاغلنا». ويخلص: «هناك من نشكر صنائعهم الشعرية في أجيال سبقت، لكننا لا نضع نصوصهم في حيز المقدس والسابق الذي لا يجارى إبداعياً، لن أسمح للإعجاب أن يصبح غولا، لن أجلس في مقاعد آخرين كما لن أنطق بأصواتهم، رغم الذي لا أنكره من أثر تجارب بعينها على الحركة الشعرية، إلى حيث هو مستقبل الشعر لا وقوفه الثابت». بينما تعترف الشاعرة مريم شريف قائلة: «في الحقيقة لست متابعة جيدة لنتاج زملائي من الشعراء الشباب، للأسف أقرأ نتاج البعض في الملاحق الثقافية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي: فيسبوك وتويتر». وتضيف صاحبة المجموعة الشعرية «أباريق الغروب»: «لا أفهم أيضاً معنى القطيعة مع الجيل الذي سبق. الشعر، مثل أيّ شيء، يخضع لسير الزمن المتواصل، فكيف الحال إذن في عصر السرعة وتغيّر المفاهيم بما فيها مفهوم الذات ومفهوم الحرية». وتلفت إلى أن الجيل الشعري الجديد اتجه إلى كتابة قصيدة النثر، القصيدة الباحثة عن قدر أكبر من التغيير ومن الحرية والانعتاق، وبما أنّ قصيدة النثر هي قصيدة ذاتية ومن شروطها إذا سلمنا بالاشتراطات؛ تحرّرها من الغائية، فلا غرابة أن تكون تلك المسافة الشعرية بين هذا الجيل ومن سبقه، فهي حركة تطور طبيعية إذن، وقد لا تحتمل أن نسميها قطيعة!.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©