الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المناظرة الرئاسية... مشهد مصري جديد

13 مايو 2012
جفري فليشمان وعمرو حسان القاهرة تجمع المصريون في غرف المعيشة، والمقاهي ليلة الخميس الماضي، للاحتفال بسبق جديد آخر في ماراثونهم السياسي الشاق نحو ديمقراطية جديدة، تمثل في مناظرة تلفزيونية اتسمت بالجاذبية الفائقة والسيريالية في نفس الوقت. في هذه المناظرة اشتبك المرشحان الرئاسيان المحتملان الرئيسيان عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق وعبد المنعم أبو الفتوح، "الإسلامي المعتدل"، والنائب السابق لجماعة "الإخوان" في سجال لم يكن يخطر على بال أحد خلال فترة حكم مبارك، التي امتدت لثلاثين عاما. وقد مثل المشهد بأسره لحظة نادرة في منطقة شهد عدد من دولها انتفاضات ثورية، ويهيمن عليها قدر كبير من عدم اليقين السياسي في الوقت الراهن. كان المشهد أيضاً مصرياً بامتياز: حيث تأخر وصول أبو الفتوح للأستديو بسبب الفوضى المرورية القاهرية الشهيرة، كما تعرض المشاهدون قبلها لطوفان من الإعلانات المصحوبة بالموسيقى، وبثرثرات مطولة للمحللين السياسيين. وبعد أن وصلت تلك الإعلانات إلى نهايتها، انتقلت بؤرة التركيز إلى الكيفية التي سيدشن بها المرشحان المحتملان عهداً سياسياً جديداً. أشرف جاد الله (محامي) من هؤلاء الذين بهرتهم التجربة يقول:"لم أتخيل أنني سأعيش حتى اليوم الذي أرى فيه مناظرة مفتوحة بين مرشحين رئاسيين تذاع على الهواء مباشرة". وأضاف:"لقد أضفت المناظرة مناخاً إيجابياً وسط ذلك الكم من القتامة الذي يحيط بأوضاعنا السياسية". وكانت الاحتجاجات والتظاهرات الدامية المستمرة التي شهدتها مصر خلال مسيرتها الرامية للانتقال من الحكم العسكري وإرث مبارك منذ شهور طويلة، قد حولتها من أيقونة ثورية ملهمة، إلى أمثولة تحذيرية قبل أن تأتي المناظرة لتوفر جواً منعشاً ذكر المصريين بأن مبادئ ثورتهم، التي بدت متعثرة على الدوام، تقترب من التحقق أخيراً، مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة المقررة في الثالث والعشرين من مايو الحالي. وخلال المناظرة أثبت موسى قدراته كدبلوماسي محنك، قادر على استعادة الاستقرار. أما "أبوالفتوح"، فقد حاول أن يركز على صورته كإسلامي معتدل، متناغم مع الثورة. وقد اتفق المرشحان على أن الدستور يجب أن يهتدي بالشريعة الإسلامية، ولكن موسى كان حريصاً على الإشارة إلى حقوق الأقباط والأقليات وضرورة حمايتها، وعلى أن الدين يجب ألا يؤثر على السياسات العامة في مجال التعليم والاقتصاد. في بداية المناظرة حاول" أبوالفتوح" الذي حرص على خطب ود قادة التيار السلفي الذين أعلنوا أنهم سيصوتون له، دون أن يقصي مكونات قاعدته الانتخابية من الليبراليين في نفس الوقت، النيل من موسى من خلال اتهامه بالعمل في خدمة النظام السابق، غير أن موسى رد عليه قائلاً :" لم أكن جزءاً من النظام حين سقط فقد تركته قبل ذلك التاريخ بعشر سنوات". وشن موسى هجوماً مضاداً على أبو الفتوح باتهامه بأنه في حقيقة الأمر أقل ليبرالية مما يحاول أن يوحي به، وأنه سيعمل على الاصطفاف مع السلفيين، فيما لو أصبح رئيساً. الغائب عن تلك الليلة كان محمد مرسي مرشح "الإخوان" المسلمين، الذي بينت استطلاعات الرأي هبوطه للمرتبة الثالثة أو الرابعة، وذلك بعد أن قرر منظمو المناظرة الاقتصار فقط على الاثنين اللذين يحتلان المقدمة من بين 13 مرشحاً. كان موسى وأبوالفتوح اللذان يرتديان بدلتين غامقتين يقفان على منصتين قريبتين من بعضهما. وكان أبوالفتوح ينظر مباشرة إلى موسى الذي بدا أكثر استرخاء. وكان أكثر أجزاء المناظرة إثارة لحماس المشاهدين تلك الأجزاء التي تضمنت هجوماً من كل مرشح على الآخر، والتي مثلت تغييراً دراماتيكياً على أجواء الحملة الانتخابية الرتيبة لمبارك التي كانت تخلو من متحديين حقيقيين. وخلال تلك اللحظات من الاتهامات والاتهامات المضادة، كانت تتصاعد صيحات المشاهدين الذين اكتظت بهم المقاهي، ولم يعد بها موضعاً لقدم قبل بدء المناظرة بساعتين، إما استحسانا لما قاله أحد المرشحين أو احتجاجاً على ما يقوله المرشح الآخر. علق "أحمد رفيق" المهندس الذي كان يجلس وسط سحابة من دخان الشيشة على أداء عمرو موسى بقوله" لقد أثبت عمرو موسى اليوم بأنه رجل دولة حقيقي يمتلك المؤهلات التي يستلزمها بناء مصر". وأضاف رفيق:" فهو رجل مستقل الفكر، ليس تابعاً لتيار ديني، ورجل سياسة ودبلوماسية حقيقي، يريد خير الوطن بالفعل على العكس من أبو الفتوح المرتبط بأكثر من تيار إسلامي، والذي سيضطر لتقديم الكثير من التنازلات للقوى الإسلامية لكي يرد لهم الجميل، إذا ما فاز بالرئاسة". وعلى مقربة منه، كان يجلس "ماجد أمين" وهو مشاهد آخر، خريج إدارة أعمال، مؤيد لأبوالفتوح كانت له بالطبع وجهة نظر مختلفة: أبوالفتوح يتحدث لغة الثورة، وهو ما بدا واضحاً منذ الوهلة الأولى". وأضاف أمين" أما موسى فهو لا يؤمن بالثورة في الواقع، ويريد فقط على أن يبني على ما تم في عهد مبارك على الرغم من محاولاته الدائبة للتنصل منه على الرغم من أنه كان حليفاً وثيقاً له لمدة عشر سنوات". وتوقف أمين قليلاً قبل أن يضيف:" أعرف أن موسى قد بدا في المناظرة أكثر هدوءاً، ولكن ذلك يرجع لأنه قد ظل يتكلم ويتكلم لسنوات طويلة دون أن يفعل شيئاً... أما أبو الفتوح فيتحدث قليلاً ويعمل كثيراً، ولديه قناعات". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©