الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حق الليلة» تبهج قلوب أطفال الشارقة وتربطهم بماضيهم

«حق الليلة» تبهج قلوب أطفال الشارقة وتربطهم بماضيهم
30 يوليو 2010 21:26
شهدت منطقة الشارقة القديمة، التي تضم واحدة من أجمل المناطق التراثية الجميلة، احتفالات «حق الليلة»، والتي نظمتها إدارة التراث بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وذلك في سوق العرصة الشعبي، والذي يعد أحد أقدم أسواق الشارقة التراثية التي تعود إلى منتصف القرن الماضي، وقد كانت احتفالية ضخمة وحاشدة، خاصة مع استعداد أهالي الشارقة بشكل غير مسبوق للمناسبة بشراء المستلزمات الخاصة كالحلويات والمكسرات، بمشاركة العشرات من أبنائهن في هذه الليلة بشكل مميز. بدأ التجمع للاحتفالية في المقهى الشعبي بالسوق الشعبي مروراً بالمحال التراثية، بحضور جمع غفير من الزوار وأهل الشارقة، واشتملت الأمسية التراثية المميزة على مجموعة فعاليات بدأت بمسيرة للأطفال لجمع الحلوى والمكسرات، وتلاها مسابقات تخللها توزيع جوائز وهدايا تذكارية مقدمة من إدارة التراث على الأطفال المشاركين الذين كانوا سعداء بلقاء شخصية «العم شعبان»، حيث جلس الأطفال في حلقة أمام «العم شعبان» الذي تحدث للأطفال عن فعاليات حق الليلة في الماضي، وكيف كان الأجداد يقومون بتوزيع الحلوى التي كانت توضع داخل «الخريطة/الكيس القماشي» على الجيران والأقارب، وانسجم معه الأطفال في جو تراثي مميز، حيث أثراهم بحكايات الماضي عن حق الليلة. «اعطونا من حق الله» وفي هذا الإطار أشار الباحث عبد العزيز المسلم مدير إدارة التراث والشؤون الثقافية بالشارقة إلى أن الاحتفال بهذه المناسبة يتشابه مع احتفالات خليجية، مثل احتفال «ناصفوه» في قطر والبحرين، و»قرنقشوه» في عمان. وأضاف أن الأولاد الصبيان لا يقلون منزلة عن البنات في مسألة الزينة، حيث إنهم يرتدون أجمل الثياب مثل الكندورة الجميلة بألوان هادئة و»القحفية المطرزة/ القبعة» ويعلقون على رقابهم أكياساً قماشية مميزة تسمى «الخريطة». كما أوضح المسلم أنه عصر ليلة النصف من شعبان، وتحديداً بعد الصلاة، يخرج الأطفال بحللهم الجميلة حاملين «خرايطهم» على شكل جماعات أو فرادى مرددين عبارات جميلة بها ذكر الله ودعوات إلى الأهالي، مثل «اعطونا من حق الله»، حيث يحرص الأهالي في كل عام على الإعداد لاحتفالية «حق الليلة» قبل أسبوع من موعدها، وذلك من خلال شراء جميع المستلزمات الخاصة من حلويات ومكسرات لتوزيعها على الأطفال، خاصة أن «حق الليلة» تعتبر من العادات الاجتماعية الجميلة عادة، على الرغم من أنها مرت ببعض التغييرات عن السابق، حيث كان الأطفال يتجولون في «الفرجان/الأحياء السكنية»، أما اليوم فأصبح هذا الأمر نادراً، وأصبح العديد من الناس يشترون الحلويات والمكسرات ويحتفلون بهذه المناسبة في البيت، إلا إن قيام مختلف مؤسسات الدولة في مختلف الإمارات والمدن، بتنظيم الاحتفال بهذه المناسبة بشكل احترافي وقوي، أعاد الأهالي والأطفال مرة أخرى إلى الأجواء التراثية الحميمة التي تميزت بها هذه المناسبة في السابق. «العم شعبان» يأخذ الأطفال إلى الماضي أما خولة سعيد الشامسي مسؤولة الأنشطة والفعاليات بإدارة التراث فقالت إن اختيار سوق العرصة هذا العام كان الهدف منه إحياء التراث القديم لدى الأطفال، وتعريفهم بتاريخ الآباء والأجداد، خاصة مع وجود شخصية «العم شعبان» للتعريف بماضي «حق الليلة» وكيف كان يتم الاحتفال بها، إضافة إلى توزيع الحلوى على الأطفال وتنفيذ مجموعة من الديكورات في الأماكن المخصصة للجلوس على شكل البيوت القديمة. احتفالية تتوارثها الأجيال تحيي آلاف الأسر الإماراتية في مختلف إمارات الدولة مناسبة «حق الليلة» التي تصادف ليلة النصف من شعبان حيث يخرج الأطفال والكبار لتوزيع الحلوى على الجيران ويردد الصغار أهازيج شعبية مرتبطة بالليلة التي يحرص أبناء الخليج عموماً وأبناء الإمارات خاصة على إحيائها، ويقول الأطفال الجملة المشهورة «عطونا الله يعطيكم/ بيت مكة يوديكم» وهي المقطع الأشهر فيما يردده الأطفال كل عام من بين جميع الأغنيات، بالإضافة إلى عدد كبير من الأهازيج الشعبية احتفالاً بالليلة وهي العادة التي توارثتها الأجيال على مدى مئات السنين في دول الخليج، وإذا كان الصغار هم من يتولون الاحتفال بالليلة عبر توزيع أكياس الحلوى والمكسرات على أقرانهم وجيرانهم، فإن الآباء والأمهات هم من يتحمل عبء شراء هذه الحلوى قبل تعبئتها داخل أكياس مزركشة وتسليمها إلى الصغار لتوزيعها على الجيران، فما أن يهل شهر شعبان من كل عام حتى يبدأ الاستعداد لهذه المناسبة التي باتت طقساً إماراتياً بامتياز، فمع حلول هذه المناسبة تزدحم محال بيع الحلوى والمكسرات بالمتسوقين، ويحرص المواطنين كافة على الشراء من محال بعينها على الرغم من قدمها، باعتبار أن ذلك الطقس يجب عدم تغييره لارتباطه بالمناسبة الجليلة التي تستمر من جيل إلى آخر. «حق الليلة» في قلب السوق يعد سوق العرصة الذي شهد احتفالية حق الليلة، من أقدم الأسواق الشعبية في الإمارات، وسمي سوق العرصة لأنه يقع بمحاذاة (عرصة السوق) وهي أرض فضاء كانت تقع بين بيت النابودة (متحف الشارقة للتراث حالياً) ومجلس النابودة، وسمي السوق فيما بعد باسمها (سوق العرصة)، والعرصة هي كل بقعة أو ساحة واسعة ليس فيها بناء بين الدور، وقد كانت ساحة العرصة مناخاً للركاب وللبيع بالمفرق والجملة والمقايضات في الماضي، وقد أعيد افتتاح هذا السوق عام 1995م وهو يضم اليوم أكثر من ثمانين محلاً تراثياً، إضافة إلى مقهى العرصة الشعبي الذي يقدم المأكولات الإماراتية الشعبية والحلويات الشهيرة والشاي والقهوة العربية الأصيلة. وتجدر الإشارة إلى أن إدارة التراث دأبت على الاحتفال بليلة النصف من شعبان من كل عام، عبر تجميع الأطفال في ساحة التراث واستعادة التراث بشكل يساهم في عملية تأصيل وربط التراث مع المجتمع المحلي من خلال إحياء موروثه الشعبي، ودمج الأجيال وربطها بالعادات والتقاليد والموروث الشعبي والديني.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©