الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صالح العامري: الكتابة الإبداعية تحلق بجناحي اللغة والخيال

صالح العامري: الكتابة الإبداعية تحلق بجناحي اللغة والخيال
30 يوليو 2010 21:25
يتمتع الكثير من الطلبة والطالبات بمهارات عالية في مختلف الفنون، سواء في الكتابة أو الشعر أو القصة أو التشخيص أو الرسم، هناك من يكشف عنها، ومنها ما تظل حبيسة الصدور، وهكذا فالكثير من الدوائر من خلال مبادرات جماعية وشخصية تقوم بدورات للطلبة للتنقيب واكتشاف مهاراتهم، وذلك من خلال تقديم محاضرات وندوات والقيام ببعض التدريبات. قدم الكاتب السينمائي صالح كرامة العامري ضمن مجموعة من الفعاليات التي قدمها مركز المواهب والإبداع في إطار دوراته الصيفية المميزة دورة «فن الكتابة الإبداعية» التي قدمها صالح كرامة العامري، حيث أبدع في استفزاز خيال الطفل وتحريضه على تلقي المعلومة وإعادة صياغتها بطابع إبداعي راق. «هواء بحري» استطاع العامري بمعية مجموعة من الطلاب إبداع مسرحية هواء بحري، وقام الطلاب أيضا من خلال مجريات هذه الدورة بتقديم إبداعات خاصة بهم، تنقل أحداث حياتهم الدراسية في قالب إبداعي ينم عن حمولة ثقافية تبرز مدى تعمقهم في الكلمة وطريقة نقل الصورة بطرق جمالية للمتلقي. استطاع العامري أن ينجز من خيال الطفل عبر الزمن من خلال الورش التي يقدمها تارة في فن الكتابة الإبداعية وتارة في فن الارتجال وتارة أخرى في فن تنمية المخيلة بعض النصوص الإبداعية، وفي هذا السياق يتحدث صالح كرامة العامري ويقول عن هذه الدورة التي قدمها لفائدة طلاب مركز المواهب والإبداع التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث في أبوظبي وعن طريقة تعليمه: أولا أنا ابن هذه المدينة، مدينة أبوظبي التي أشتاق لصيفها، إنها مدينتي التي قضيت فيها مراتع طفولتي عندما كانت تحوي أحياء شعبية وأزقة ضيقة، إن الذاكرة تتصاعد في الصيف وتحيلني إلى شخص أحلم بأن أتناول حبات الرطب مع الماء البارد، صحيح أن المدينة قد تغيرت ولم تعد كالسابق، لكنها دائما تحمل الخير في أرضها وبين أناسها، هكذا أتنقل بين فعاليات الدورات الصيفية كذاكرة ممتدة في الصيف، لا أكل ولا أتعب من توصيل معلومة للأبناء فالحياة لاتنضب أبدا، فهذه الحياة عبارة عن أناس يحيون بيننا ويشاركونا أينما حللنا. ويرجع العامري بذاكرته لسنين خلت ويقول عن بدايته في التعاطي مع طلاب الدورات الصيفية: أذكر عندما بدأت هذه المبادرة التطوعية مع صيف 2008 عندما استدعيت لتقديم ورشة مسرحية مع طلاب من ثانوية الاتحاد في فعاليات «صيفنا مميز»، وأخذت بصحبتهم طيلة أيام الصيف، وتحت وهج الشمس أنجزنا مسرحية «هواء بحري»، وقمنا بتأليف الجزء الأول من النص وتم تطبيقه على الخشبة، بحيث مثلوه بعدها انقضى الصيف المميز، وحصل أن قمت بتأليف الجزء الثاني من هذا النص، وفاز بالمركز الأول على مستوى الدولة بجائزة التأليف المسرحي، بعد ذلك حرصت على اغتنام هذه المناسبة لانحشر بين الطلاب لتتوهج ذاكرة هؤلاء التلاميذ. تنفس جديد ويضيف العامري عن الهدف من تقديمه لهذه الدورات الصيفية ويقول: الدورات الصيفية تتيح للمدرب تقريب المعاني والرسائل الإبداعية والفكرية للطلبة، إذ يكون لهم استعداد لتقبل المعلومة في جو بعيد عن الضغوط المدرسية، بذهن صافٍ، هكذا يندفعون نحو التسلية، مما جعلنا ندفع بالإبداع كمشروع الكتابة الإبداعية، وهو مشروع منشط، ولكنه ليس تعليمي كما يعتقد البعض، وهو محفز يعتمد على قدرة المتلقي على تسليم ذاكرته لتصبح طيعة، وتعتبر هذه أحدث طريقة في تقديم الإبداع بشكل مدروس وبشكل فني راقي، إذ يتم تطبيق هذه الطريق في تلقي المعلومة كثير من المعاهد المرموقة في أوروبا سواء على صعيد الكتابة الإبداعية أو على مستوى التطبيقات المسرحية، ولقد قرأت عن هذه المختبرات التفكيفية التي تقوم على عملية التطبيق التي تحتاج إلى منهجية وطرق علمية سيكولوجية للوصول لدواخل المتلقي وتحفيزه على الإبداع، ومن ثم فهي تحتاج إلى ثقافة عالية ودراية بمجريات كل ما يدور حولنا، فمثلا عند طرح أي موضوع في الحياة، لا يمكن طرحه كما يطرح في المدارس، وهي طرق تقليدية في نظري مع احترامي لما يذكر، بل يجب أن يرقى هذا الموضوع إلى مستوى التفكير الفني، أي لا نغدق عليه الخطابية والتوعية والإرشاد، يجب أن نجعل المتلقي يستنبط من الذي حوله، حيث إنه يجب توفر القدرة لجعل الموضوع في تناص دائم مع الذهن، لو تناولنا مثلا جملة: «ذهب الذئب إلى الصحراء لافتراس الأغنام»، هذه مقولة تذهب جزافا، ولكن ما يترتب عليها؟ كيف ذهب الذئب؟ ما الدافع له؟ مالعامل لماذا؟ لا يكون الذئب بريء هنا، فالتساؤلات المحيطة بالجملة يمكن أن تجعل النص ينقلب رأساً على عقب. أسلئة محرضة يعتمد صالح العامري في تقديمه لمثل هذه الدورات على طرح تساؤلات تستفز خيال المتلقي وتتيح له فرصة التخييل ومقاربة وقائع أبعد من الموجود، وفي هذا السياق يقول العامري: السؤال هو مفتاح كل شيء في الحياة، إذ الإنسان هو حجر الزاوية فيها، ومن خلال هذا الكائن أستمد ما يفكر به، لا أدعه دون استفزاز، وما نقوم به، لا يتفق مع الاستكانة والهدوء، هو ربيب التناقضات والقدح في التفكير والمخيلة والمراقبة في حركة أشياء من حولنا فهي مقياس للتوافق، هكذا أحب العمل مع الطفل لأنه أكثر استعداد لتقبل المعلومة وله القدرة على استيعابها الاستيعاب الجيد في كل الظروف، إذ يحمل مخيلة صادقة وبريئة، فالطفل يجب أن يدخل في اكتشاف نفسه، وحتى يحصل ذلك يجب أن نفسح له الحرية للتعبير والإبداع، ولا يتم ذلك عندما يتعرض الطفل للقمع، كان ذلك في المنزل أو في المدرسه، إذ مع مرور الوقت يدخل في دورة الشعور بالخيبة والخذلان وهذا يحيله إلى دوامة من الخجل، وهذا يحتاج وقت لتخليصه من هذا الأمر، ومن هذا الشعور علينا أن نبادر بما أتينا من قوة في إزاحة هذه الغمة بزرع الثقة في نفس الطفل، فالطفل العربي نتيجة التربية الخاطئة التي تعتمد على الصراخ والنهر تقلل كثيرا من الفرص لديه على المواجهة والمناقشة والصراحة، وهذا ينتج عنه الانكماش والانطواء، وخاصة في مرحلة بعد الخامسة والسابعة من عمر الطفل. البحث عن البراءة يضيف العامري: أبحث عن البراءة في كل الشيء من حولي، أشعر أنه عليّ أن التقطها من الشارع، من الناس حولي، وهناك في إمكانية دائما لإعادة صياغة أشياء في الطفل نفسه، فكثيرا ما كتبت أشيائي من خلال ملاحظات أطفال، وفي هذا السياق كان بيتر بروك وهو مخرج مسرحي عندما يعرض مسرحياته العرض الأول يعرضها على الأطفال قبل الكبار ويظل يسألهم باتجاه عمله الذي يعدله على منوالهم، فنظرتهم ثاقبة للأشياء ومختلفة عن نظرة الكبار، ويقوم النقد لديهم على صيغ المباشرة والصراحة، كما أن بيكاسو له مقولة شهيرة: «لماذا بعد هذا العمر المديد أعود أرسم مثل الأطفال». ويقصد بيكاسو أن البراءة هي أساس الصدق، وأنا عندما حزت على جوائر عديدة في الكتابة والسينما والمسرح، «وأنا أعبترها جهد مرحلة وليس إنجازا» قال لي أحد الزملاء عام 2007 ها أنت وصلت وحققت كل شيء». قلت له الآن بدأ التعب، علي أن أعود إلى البراءة». وفعلا عدت مرة أخرى من حيث أتيت إلى المقهى القديم وإلى الشارع القديم الذي أرتاده، إلى أناسي الذين كتبت عنهم. استفزاز المخيلة يضيف العامري عن طريقة إعطاء الدورة ويقول: أحاول استفزاز المخيلة في المقام الأول، وبعد ذلك أقوم بتحويل ما نفكر به بشكل فعلي من خلال الكتابة أو الرسم أو تأسيس مشهد مسرحي، حيث أعتبر المخيلة هي التي تلعب دورا أساسيا في تطوير الحدث وتطوير ما نفكر به، ويتحدث صالح عن بعض الصعوبات التي تعترضة ويقول: من الصعوبات التي تصادفني هي عدم تمكن البعض من أدواتهم، والأدوات هي اللغة، فكثير من الأطفال يكتبون بركاكة كبيرة، وأعتبر في هذا السياق أن الخيال يحتاج التحليق بجانحين هي اللغة والمخيلة، وهذان العنصران يفتقدهما الطالب في الغالب، ويرجع ذلك لكثرة مشاهدة التلفاز والحاسوب، كل ذلك أستنتجه من خلال تعاملي مع الأطفال بحيث عندما أبحث في بناء درامي مع المتلقي، أول ما يتبادر إلى ذهنه مشهد تلفزيوني، كما أن الألعاب الإلكترونية تسرق أجمل لحظات التخييل، كما أن الإدمان عليها تجعل الطفل أكثر تشنجا، وللتخلص من هذه الإشكالية يقترح صالح كرامة: نحتاج برامج أكثر جاذبية، من قبيل هذه الدورات وهذه الورش وتواصل طويل الأمد حتى تعطي أكلها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©