الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أعلام منسية «4»

27 سبتمبر 2016 22:44
البَطَلْيَوْسِي أبو محمد عبد الله بن محمد بن السِّيد البطليوسي من كبار أئمة اللغة والأدب ومفخرة من مفاخر الأندلس، كان مولده سنة «444 هـ» في بطَلْيَوس مدينة غربي قُرطبة، والسِّيد جَدُّه، معناه الذئب، قال في القاموس السِّيد بالكسر الأسد أو الذئب أهـ. تلقى العلم عن أبيه محمد بن السِّيد وأخيه أبي الحسن علي بن محمد بن السِّيد «ت 480هـ»، وأخذ القراءات عن علي بن أحمد المعروف بابن اللطينة «ت 466 هـ»، واللغة عن أبي بكر عاصم بن أيوب «ت 494هـ» والحديث عن أبي علي الحسين بن أحمد الغسّاني الجيّاني «ت 498 هـ» شيخ المحدّثين بقرطبة وغيرهم.. تنقل ابن السِّيد البطليوسي بين طُلَيْطِلة وشَنْتَمَرِيّة وسَرَقُسْطة وغيرهم من المدن، وكانت له وُصلة بالأمراء في دول الطوائف أول حياته، ثم استقر بمسجد قرطبة الجامع وجلس يقرئ علوم الدين واللغة والنحو والأدب ثم انتقل إلى بلنسية سنة 511 هـ وبعد مجيء المرابطين عزف عن ولوج قصورهم وتفرغ للتدريس والتأليف... مدح ابن السِّيد بعض ملوك الطوائف: كالقادر بالله ابن ذي النون «ت: 485هـ»، وابن رزين «ت: 497هـ» صاحب السّهلة، وعماد الدولة المستعين بالله ابن هود «ت: 503هـ»، كما أنه مدح من الأعيان، ذا الوزارتين أبا عيسى ابن لبون «ت: 477 هـ» فمما يقول لعماد الدولة المستعين بن هود صاحب سرقسطة: هُـمْ سَلبونِي حُسن صَبري إذ بَانوا بأقمار أطوافٍ مطالعها بانُ لئن غادروني باللّوى إن مهجتي مُسايرةٌ أظعانهم حيثمَا كانوا سَقَي عَهْـدهم بالخَيْف عهْد غمائمٍ ينازعُها مزنٌ من الدمْع هتّانُ أأحبابنا هل ذلك العهدُ راجعٌ وهلْ لي عنكم آخرَ الدّهرِ سُلْوانُ ولي مقلة عبْرَى وبين جَوانِحِي فؤادٌ إلى لقياكمُ الدّهر حنّانُ وله شعرٌ كثير صبغته بيئته الأندلسية، جمعه الدكتور عبد الجواد إبراهيم في كتاب.. ومن شعره يخاطب مكة أعزها الله: أَمَكةُ تفديكِ النّفُوس الكَرائِمُ ولاَ بَرِحَتْ تَنْهلُّ فِيكِ الغَمائِمُ وكُـفَّتْ أكُفُّ السُّوءِ عَنْكِ وبُلّغَتْ مُنَاهَا قُلُوبٌ كَيْ تَرَاكِ حَوَائِمُ فَإِنّكِ بَيْتُ اللهِ والحَرمِ الذِي لِعِزّتِهِ ذَلّ المُلوكُ الأعَاظِمُ وقَدْ رفعَتْ منكِ القَواعِدُ بالتُّقَى وشَادتْكِ أيْدٍ بَرّةٌ وَ مَعَاصِمُ وساويتِ فِي الفَضْلِ المقامَ كِلاَكُمَا تُنَالُ بِهِ الزُّلْفَى وتُمْحَى الْمَآثِمُ وَمِنْ أيْنَ تَعْدُوكِ الفَضَائلُ كُلّهَا وَ فِيكِ مَقَامَانِ: الهُدَى والمَعَالِمُ ومَبْعَثُ مَن سَادَ الوَرَى وحَوى العُلاَ بمَولدِهِ عبدِ الإلهِ وهَاشِمِ نبيٌّ حوَى فضْل النّبيينَ واغْتَدى لَهُمْ أولاً فِي فضْلهِ وهو خَاتمُ قد تلمذ لابن السيد البطليوسي الكثير من المشاهير منهم: الفتح بن خاقان «ت 528هـ» والفقيه المحدِّث عبد الملك بن محمد بن هشام المعروف بابن الطلا «ت 551 هـ» والقاضي عياض «ت: 544هـ» والفقيه أبو محمد عبد الله بن أحمد العبدري «ت 566هـ» وابن بشكوال «ت 578 هـ» وعبد الله بن محمد بن خلف الداني المقرئ «ت نحو 575 هـ» وثمة من أحصى تلاميذ ابن السِّيد البَطَلْيَوسي فبلغ عددهم نحو ثمانية وسبعين عالماً.. لم يخلُ ابن السِّيد البَطَلْيوسي مِمّن ينافسه ويعارضه، فقد كتب أبو عبدالله بن خلْصة النحوي «ت: 519» رسالة ضده ادعى فيها أنه انتحل كتاب شرح أدب الكتاب المسمى الاقتضاب وقال إن هذا الكتاب هو لأبي العباس أحمد بن محمد بن أحمد النحوي المشهور بابن بلال النحوي «ت 460 هـ» ذكر ذلك ابن الأبار «ت: 658هـ) في كتابه التكملة لكتاب الصلة الترجمة «42» ولم يعلّـق على المسألة. قال السيوطي «ت: 911هـ) في بغية الوعاة عند ترجمته لابن خلْصة هذا ورقمها 219: كان مشكورَ الشمائل وبينه وبين معاصِره أبي محمد بن السِّيد «البطليوسي) منازعات وأهـوال، ألف فيها كل واحد منهما رداً على صاحبه أهـ. قال مصطفى صادق الرافعي «ت: 1937م) في تاريخ الأدب: وهذا عجيب والله أعلم بحقيقته أهـ.!! والأكثر أن كلام الأقران بعضهم في بعض يطوى ولا يروى.. أثنى على ابن السيد البطليوسي من لا يحصى كثرة قال ابن بشكوال في الصلة عند ترجمته له ورقمها «649»: كان عالما بالآداب واللغة، مستبحراً فيهما مقدَّماً في معرفتهما وإتقانهما يجتمع الناس إليه ويقرؤون عليه، كان حسن التعليم جيد التلقين ثقة ضابطا، قال الضّبي «ت 599 هـ» في بغية الملتمس في رجال أهل الأندلس عند الترجمة «895»: «البطليوسي» إمام اللغة سابق مبرزٌ تواليفه دالة على رسوخه واتساعه ونفوذه وامتداد باعه، ثقة مأمون على ما قيد وروى ونقل وضبط. أهـ. قال الفتح ابن خاقان: لو أنَّ للأيام ألسُنا ناطقةً وأوصافا متناسقةً تردد فنونَ بيانها، كالطير ترجّع على أفنانها، ما جَرَتْ إلى إنصَافِهِ ولا دَرَتْ بعض أوصافهِ، ولو أني أمْددتُ ببيانِ سَحْبانٍ وأيّدت تأييد لسانِ حسانٍ وأعارني ابن صُوحَان الفصَاحة وعلّمني ابن صفوان إيضاحَهُ، لمَا أعربت عن مقداره الرفيع، ولا أغربتُ بما أنحوهُ لهُ من التّعظيم والترفيعْ، فكيف بلسان قد فُل غِرارهُ وبنانٍ قد ذُوى رَندُهُ وعَرارُه وخاطِرٍ قد ارتمَى في لجج الأخطار، ووُخِزَ بأطراف القـنا الخطّار، فما تذلّ لهُ عَصِيّ إحسانه، ولا تَحِلّ النوائبُ عقدةَ لسانهِ، فحسبي أنْ أقتصر من وصفه على لمحة وأعطّر من عَرْفه بنفحة فأقول: إنَّه ضارب قِداحِ العلوم ومُجيلها وغُرة أيامنا...إلخ ذكرها المقري في أزهار الرياض الذي جعله في شيوخ: القاضي عياض. الشريف سيدي محمد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©