الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفتور... كابوس الذكور

الفتور... كابوس الذكور
14 نوفمبر 2008 00:31
عندما تصبح العلاقة الزوجية عبئا ثقيلا على الزوج ويتهرب منها بكل الوسائل المشروعة وغير والمشروعة·· تبدأ المشكلة الأكثر صعوبة في حياة أي زوجين·· والمشكلة الأكثر تعقيدا·· هنا لا تصلح الحبوب الزرقاء أو الصفراء أو البنية أو أي لون آخر في تجاوز المحنة، فكل الأدوية الحديثة جدا لعلاج الضعف الجنسي تعتمد في تأثيرها على الاستثارة الطبيعية، والاستثارة غائبة وبالتالي التأثير مفقود· هذه الصورة المؤلمة تعبر عنها رسالة طويلة جدا تجسد أصعب أشكال المعاناة التي يمكن أن يتعرض لها زوج، يقول صاحب الرسالة الذي يصف نفسه بالمعذب اليائس: حياتي الزوجية تحولت إلى جحيم، نيرانه تشتعل من داخلي، أعترف أن زوجتي جميلة وسيدة فاضلة وتتوفر فيها كل الصفات التي يتمناها أي إنسان، اعترف بأنها تهتم بزينتها وجمالها، وبرغم ذلك لم تعد مشاعري تهتز تجاهها ولم تعد الرغبة تتحرك وأنا معها، تمر الأيام ثقيلة مؤلمة، ويضاعف عذابي صبرها وعدم تبرمها، العلاقة الزوجية بيننا أصبحت نادرة، وأبدا لم تكن كذلك خلال سنوات زاوجنا الأولى· المشكلة بدأت قبل عامين تقريبا، أصبحت أعاني من عدم الرغبة في العلاقة الزوجية، أصبحت اختلق الأعذار لأتجنب اللقاء، أصبحت مريضا بكل الأمراض المزمنة التي لا أعاني من أي منها حتى أتمكن من الهروب من ''الواجب'' المقرر، والذي أصبح بالنسبة لي ''واجبا'' ثقيلا لا أحبه، وعندما أحاول أفشل وأتعرض لحرج مضاعف· تصورت في البداية أنني أعاني من ضعف جنسي، ترددت على عيادات الأطباء، أجريت عشرات الفحوص، وكلها أثبتت أنني سليم تماما، خضعت لعلاج نفسي بلا جدوى، حتى الأدوية التي تعالج الضعف وتزيد القدرة كان تأثيرها معي محدودا للغاية، فكلها تتطلب الاستثارة الجنسية والرغبة الحقيقية في ممارسة العلاقة الزوجية لكي يظهر تأثيرها، والاستثارة لم تعد موجودة، والرغبة أصبحت معدومة، لم أعد أعرف ماذا أفعل ولا كيف أتخلص من هذا الكابوس''· انتهت الرسالة، لتبدأ التساؤلات: لماذا تصاب العلاقة الزوجية الخاصة بالفتور؟، هل الفتور الجنسي شكل من أشكال الضعف أو العجز، هل هو مرض يستوجب العلاج، هل يفقد الزوج ''الرغبة'' بسبب عامل السن، هل الزوجة هي السبب لأنها لم تعد تهتم بنفسها أو بزوجها؟· مشكلة خطيرة رحلة البحث عن إجابات على هذه التساؤلات كشفت الكثير من الحقائق، ومنها أن مشكلة الفتور الجنسي الزوجي أكثر انتشارا مما نتصور أو نعتقد، وان الكثير من الحالات تشخص على أنها ضعف جنسي وتخضع لعلاج خاطئ لا يفيد غالبا، وان هذه المشكلة تكشف في بعض جوانبها الحقيقة التي يحاول كل الرجال تجاهلها، وهي أن الذكور أيضا يمكن أن يعانوا من سن اليأس الذكري ويحتاجون إلى تعويض هرموني تماما مثل النساء في سن اليأس، وأن الفتور الجنسي الزوجي يسبب مشاكل شديدة الخطورة، وربما أكثر خطورة من الضعف الجنسي أو حتى العجز الجنسي، حيث يسقط الكثير من الرجال في هوة العلاقات غير المشروعة التي تبدأ بمحاولة الاطمئنان على القدرة الجنسية ثم تستمر لأنها تؤكد القدرة والفحولة وتحقق المتعة الغائبة في العلاقة الزوجية· عضوي ونفسي في البداية يؤكد الدكتور إيهاب رياض، استشاري المسالك البولية وطب الذكورة في أبوظبي أن علاج بعض أنواع الفتور الجنسي أكثر صعوبة من علاج بعض حالات الضعف الجنسي، فيما يتفق الفتور والضعف في تأثيراتهما الخطيرة على الحالة النفسية للزوجين وعلى الاستقرار الأسري بشكل عام· يضيف: يمكن تقسيم الفتور الجنسي إلى نوعين رئيسيين، الفتور الجنسي العضوي، والفتور الجنسي النفسي· ونبدأ بالعضوي لنجد أن أهم أسبابه نقص الهرمون الذكري ''تستستيرون''، وهذه حالة معروفة جدا في طب الذكورة، وتؤدي إلى أعراض أصبحنا نطلق عليها وصف ''سن اليأس الذكري''· ومن الحالات التي تندرج تحت الفتور الجنسي العضوي كذلك، حالات فقدان الرغبة الجنسية الناتجة عن تناول أنواع معينة من العقاقير الطبية، وعلى سبيل المثال فإن بعض أنواع أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم وبعض الأدوية المضادة للاكتئاب تسبب فقدان الرغبة· ومن المهم في مثل هذه الحالات استشارة الطبيب فور ملاحظة حدوث تغيرات في القدرة أو الرغبة الجنسية، حتى لا تسيطر الهواجس على المريض ويدخل في دائرة مفرغة· ويلخص الدكتور زكريا عيسى، استشاري طب الذكورة والمسالك البولية، أسباب انتشار الفتور الجنسي، حتى بين شباب في مراحل مبكرة من العمر، ولا يعانون من نقص هرمون الذكورة، في كلمة واحدة، الحضارة··· يقول فالرغبة الجنسية تستثار بالنظر واللمس والسمع، وأيضا بالفكر الداخلي، هذا النبع المتدفق من مقومات الرغبة يستهلك ويفقد جدواه وتأثيره من فرط من نتعرض له من مثيرات ومهيجات جنسية، نحن نتعرض للمثيرات البصرية والسمعية بشكل مستمر ومتواصل، على شاشات التليفزيون والسينما، في المجلات والصحف، على شبكة الإنترنت ، في الشوارع والأسواق، فقلت الاستثارة وقلت الرغبة وسادت حالة من ''الشبع الجنسي العام'' الذي تتفاوت حدته ودرجته من شخص إلى آخر ومن وقت إلى آخر· الجنس يبدأ من الدماغ بعد تلقي الإشارات المناسبة من الحواس، وعندما تفقد هذه الإشارات معناها تقل الاستجابة وتنعدم الرغبة أو تفتر، وهذا بالتحديد ما يحدث في عالمنا الحضاري المعاصر، المثيرات والمهيجات المحيطة بنا تستهلك المركز الدماغي للجنس· وإذا أضفنا إلى ذلك ما يمكن أن نطلق عليه المثبطات الجنسية العضوية فإن المشكلة تصبح شديدة الخطورة وتصل إلى حد الظاهرة المقلقة، وقائمة المثبطات الجنسية العضوية تشمل هبوط نسبة هرمون الذكورة، ارتفاع نسبة هرمون البرولاكتين أو هرمون الحليب في الدم، ارتفاع نسبة الكولسترول والدهون الثلاثية في الدم، أمراض الكبد، السكري، أمراض فقر الدم، الضغط النفسي الشديد، الجلوس الطويل أمام التليفزيون والكمبيوتر والتعرض المستمر لمصادر الموجات الكهرومغناطيسية الأخرى مثل الموبايل وافران الميكروويف وأبراج الكهرباء وعشرات الأجهزة الكهربائية المنزلية ، كل هذا يؤثر على الدماغ على المدى الطويل وبالتالي يؤثر على الرغبة باختصار نحن ندفع الآن ثمن الحضارة· التشخيص الصعب ويقول الدكتور إيهاب رياض: في حالات الضعف نستطيع أن نشخص الأسباب ونقدم العلاج ولكن في حالات الفتور فإن التشخيص يصبح اكثر صعوبة، لأنه يتطلب أولا الالتقاء مع الزوجين معا، وهذا هو مالا يحدث ، ولأنه كثيرا ما يتداخل مع الضعف الجنسي فيعرض المريض لعلاجات غير مجدية وغير فعالة، ولأنه يخلق حالة من النفور والتوتر بين الزوجين بسبب غياب التواصل العاطفي· ويضيف: بعض الرجال يعانون مما يمكن أن نطلق عليه إدمان العمل، أعمالهم تستغرقهم تماما وتمتعهم جدا وتوفر لهم حالة من الإشباع النفسي تنعكس على الرغبة الجنسية، وتندرج هذه الحالة ضمن الحالات التي نطلق عليها ''العنة النفسية''، فمدمن العمل يحصل على الإشباع والتشبع من نجاحه وتفوقه واستغراقه الكامل في العمل، وبالتالي يصبح النشاط الجنسي غير مفيد في تلبية رغباته· وحقيقة أخرى مهمة وهي أن الرجل ليس المسؤول الوحيد عن الفتور الجنسي الزوجي، فالمسؤولية مشتركة بين طرفي العلاقة·· الإهمال، الرتابة، الملل، عدم الاهتمام، كلها عوامل مشتركة·· المشكلة تكمن في أننا لا نجيد فن الترويح عن النفس، ولا الاستمتاع بأوقات فراغنا، ونظل ندور في الساقية لا نلوي على شيء حتى تضجر نفوسنا وتمل، ونصل لدرجة الانكسار النفسي·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©