السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فن المعاتبة والعتاب (1)

26 يناير 2006

* الأولى
كثرة اللوم في الغالب لا تأتي بخير ·· لكن ليس كل اللوم!!، وإنما كثرة اللوم والعتاب، فإنهما تنفران منك الصديق··
ومن لا يغمض عينه عن صديقه::: وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب ومن يتتبع جاهداً كل عثرة::: يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب !! ثق تماماً أن لحظة كدر في عتاب قد تفسد عليك أخوة دهر! وتسرع في عتاب·· يفرق عليك رأس المال·· واسمع للخادم الصغير وهو يقول': خدمت في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين لم يقل لشيء فعلته لم فعلت، ولا لشيء لم أفعله لم لم تفعل!! هذا وهو صغير مظنة وقوع الخطأ منه أعظم من مظنتها في كبير واع!!
* الثانية
لا تطلب من الآخرين عدم الخطأ·· وإنما اطلب منهم أن لا يستمروا في الخطأ إذا علموه· هكذا المؤمن تواب، إذا ذكر تذكر (ولو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون!!) تلكم هي سنة الله ·· ولتتجلى في خلقه معاني اسمائه وصفاته ·· وهكذا ينبغي أن نقبل الآخرين·· على أنهم بشر يخطئون·· اقبل أخاك ببعضه::: قد يقبل المعروف نزرا!
واقبل أخاك فإنه::: إن ساء عصراً سر عصراً
فإنك إن لم تكت كذلك أوشكت أن تشق على الناس أو تهلك نفسك ·· بكيت من عمرو فلما تركته::: وجربت أقواماً بكيت على عمره!
* الثالثة
أزل الغشاوة عن عيني المخطئ!· حين ترى الخطأ·· لا تتشنج ·· أو تنقلب حماليق عينك، أو يتعكر صفو مزاجك ·· تمهل قد يكون المخطئ غطت على عينيه غشاوة الخطأ أو المعصية ·· فلا تستعجل في ذم أو تقبيح ·· بل ابذل جهدك في ازالة الغشاوة عن عين المخطئ··
يدخل شاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه وهو يقول: يا رسول الله إئذن لي في الزنا! يا للهول!!! ·· يريد الزنا ·· ويريده حلالا بإذن رسول الله تعالى له!!·· من الصحابة من استنفر، ومنهم من تقطب جبينه وفيهم من قال: دعني أضرب عنقه!! ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعدو عن أنه تبسم وقرب الفتى إليه وقال له: 'أترضاه لأمك؟! أترضاه لأختك؟! والفتى في لك جواب يقول: لا فقال صلى الله عليه وسلم 'فكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم واخواتهم' بأبي وأمي أنت يا رسول الله ·· ما أشد حلمك مع شدة حرصك وتسلط السفهاء عليك··
* الرابعة
اختر الكلمات اللطيفة في العتاب والمعاتبة ·· لا تقبح، أو تسب أو تشتم ·· فالمؤمن ليس بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء! وفي الحديث الصحيح 'والكلمة الطيبة صدقة'·· فكيف تراها تكون هذه الكلمة طيبة؟! بعبارات التلاؤم والذم والشتم وجرح المشاعر؟!! أم ترى أن للكلمات أنوارا إذا برقت أنارت فؤاد المستمع!
* الخامسة
اترك الجدال·· في عتابك لا تجادل ·· لأنك بالجدال قد تخسر النتيجة وقد تكون أنت المحق ·· ثم إن المجادل قد يربط الحق بكرامته، فيدافع عن كرامته لا عن الحق·· وهنا تكون القاضية! فلا الحق أحق·· ولا المودة بقية ·· وقد جاء في الحديث الصحيح 'أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا'·
* السادسة
ضع نفسك موضع المخطئ·· ثم فكر في الحل! لأنه لا يكفي منك أن تنتقد وتعاتب ·· بل لابد مع العتاب بلسماً ·· وانظر كيف أن منهج القرآن ليس هو الزجر دون بيان طريق النصر والظفر ·· قال تعالى: 'وأحل الله البيع وحرم الربا' يأمر عباده المؤمنين بغض الابصار عن الحرمات ثم يعقب بالحث على الزواج والنكاح من المؤمنات·· وهكذا ·· فبدل أن تعاتب، ولو سمت عبارتك·· أردفها بحل ·· أو فكرة! 'يا غلام ·· سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك!!'·
* السابعة
ما كان الرفق في شيء إلا زانه ·· 'إنه الله رفيق يحب الرفق' 'وإن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق!'··
يدخل أعرابي المسجد فيبول في ناحية منه، فيغضب عليه بعض الصحابة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن فعلهم هذا حتى فرغ الأعرابي، ثم يناديه حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول له: 'يا هذا إن المساجد ما بنيت لهذا' كلمات بسيطة، تخرج في رحمة واشفاق، فتلامس شغاف رجل البادية فيرفرف قلبه حبوراً ويقول في ذهول: 'اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً!!'· أرأيتم كيف كان الرفق بريد رحمة!!
فهد المري
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©