الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أم حبيبة تتلقى بشارة الزواج بالرسول في الحبشة

14 نوفمبر 2008 00:24
هاجرت رملة بنت أبي سفيان بن حرب ''أم حبيبة'' رضي الله عنها إلى بلاد الحبشة فرارا بدينها لتظفر بنعمة التوحيد، فلما ارتد زوجها هناك عن الإسلام صبرت واحتسبت وفارقته، وظلت قابضة على دينها وهي في غربة، لكنها كانت تأنس بربها عز وجل فنسيت غربتها، وما هي إلا أيام حتى تنزلت عليها منحة ربانية وأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- ليعقد عليها في بلاد الحبشة، فأصبحت أما للمؤمنين وزوجة سيد الأولين والآخرين· ليس في أزواج الرسول من هي أقرب نسبا اليه من ''أم حبيبة''، ولا في نسائه من هي أكثر صداقا منها، فهي من بنات عم الرسول -صلى الله عليه وسلم- · وعلى الرغم من أن أم حبيبة كانت ابنة أبي سفيان الذي كان وقتها مشركا، وظل زمانا طويلا على الشرك فإن الله عز وجل الذي يخلق ما يشاء ويختار قد اختار أم حبيبة لا لتكون مؤمنة فحسب بل لتكون أما للمؤمنين· وكان أبوسفيان من سادات قريش ولم يكن يخطر بباله لحظة واحدة ان هناك من يستطيع ان يخالف امره، لكن ابنته رملة شرح الله صدرها للإسلام فاستجابت لدعوة الحق وأسلمت لله عز وجل، وتركت عبادة الأصنام التي كانوا يسجدون لها من دون الله عز وجل· وحاول ابوسفيان بكل ما أوتي من قوة ان يرد ابنته وزوجها الى الكفر فلم يستطع· ولما تيقنت قريش من ان ابا سفيان عاجز عن ان يرد ابنته وزوجها الى الشرك، اجترأت عليهما وبدأت تضيق عليهما الخناق· ومنذ جهر الرسول بالدعوة لله تعالى، انفجرت مكة بمشاعر الغضب، وظلت عشرة اعوام تعد المسلمين عصاة، فزلزلت الارض من تحت اقدامهم واستباحت في الحرم الأمن دماءهم وأموالهم وأعراضهم· فلما خشي النبي -صلى الله عليه وسلم- على اصحابه من ان يفتنوا في دينهم اذن لهم بالهجرة الى الحبشة، فهاجروا وكانت أم حبيبة وزوجها في طليعة المهاجرين الذين خرجوا فرارا بدينهم من بطش قريش· ولما رأت قريش أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آمنوا واطمأنوا بارض الحبشة، بعثوا منهم رجلين من قريش الى النجاشي ليردهم عليهم ليفتنوهم في دينهم، ويخرجوهم من دارهم التي اطمأنوا بها والرجلان هما عبدالله بن ابي ربيعة، وعمرو بن العاص، وجمعوا لهما هدايا للنجاشي، إلا ان النجاشي رفض بشدة· وارسل النجاشي الى اصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسألهم عن هذا الدين فقال جعفر بن ابي طالب: كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الاصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الارحام، حتى بعث الله إلينا رسولا منا، فدعانا الى الله نوحده ونعبده، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم وحسن الجوار، وقرأ جعفر على النجاشي بعض الآيات من سورة ''مريم'' فبكى واعلن ايمانه بالله، وعاش المؤمنون في أمن واطمئنان· وظنت أم حبيبة رضي الله عنها ان السعادة ستبدأ من تلك اللحظة، ولم تكن تعلم انها ستمتحن امتحانا قاسيا، فقد ارتد زوجها عبيدالله عن دين الإسلام وتنصر· فعاشت كل انواع الغربة، وجلست تفكر في مصيرها وهي تعيش وحيدة في بلاد الحبشة، فهي لا تستطيع ان ترجع الى مكة وابيها المشرك ولا تستطيع ان تبقى في الحبشة وحدها· صبرت على هذه الظروف العصيبة، وبينما هي حزينة تفكر في مصيرها، اذا بالفرج يأتي في تلك اللحظة، لقد جاءت جارية من عند النجاشي لتبشر أم حبيبة بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطبها لنفسه، وسعدت أم حبيبة سعادة كبيرة وزوجها النجاشي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتوكيل من النبي -صلى الله عليه وسلم- للنجاشي واجتمع الصحابة الذين كانوا في الحبشة ليشهدوا هذا الزواج المبارك، وكان مهرها أربعة آلاف درهم، بل وارسل النجاشي جهازها كله من عنده· وعادت أم حبيبة وقد اصبحت أما للمؤمنين وزوجة لسيد الأولين والآخرين -صلى الله عليه وسلم- · ومنذ تلك اللحظة اخذت رضي الله عنها تنهل من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-· وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- اعظم زوج في الكون كله، فعاشت معه حياة ايمانية عالية· وتمر الأيام ويأتي اليوم الذي مات فيه الحبيب -صلى الله عليه وسلم-، وظلت أم حبيبة على عهدها عابدة قائمة صائمة وطالت بها الحياة الى ان اصبح اخوها معاوية بن ابي سفيان رضى الله عنهما اميرا للمؤمنين· وعن عوف بن الحارب: سمعت عائشة تقول: دعتني أم حبيبة عند موتها، فقالت: لقد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان ذلك· فقلت غفر الله لك ذلك كله وحللك من ذلك، فقالت: سررتني سرك الله وارسلت إلي أم سلمة فقالت لها مثل ذلك· وتوفيت رضي الله عنها سنة 44 من الهجرة، خلال خلافة اخيها معاوية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©