الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مدرسة صلاح الدين بالقدس شاهد على تاريخ المدينة

مدرسة صلاح الدين بالقدس شاهد على تاريخ المدينة
14 نوفمبر 2008 00:23
ظلت القدس لقرون عديدة مقصدا للعلماء من جميع الاقطار الاسلامية يجاورون أولى القبلتين وثالث الحرمين لإلقاء دروس العلم على طلاب كانوا يفدون على المدينة من مختلف انحاء العالم لتلقي العلم من كبار العلماء في مدارسها المختلفة· لذا تزايدت بها اعداد دور العلم منذ العصر الفاطمي على أقل تقدير وتدعمت هذه المكانة العلمية بفضل السياسة المملوكية التي حرصت على تزويد المدينة بالمدارس ونفى كبار امراء المماليك اليها بوصفها المكان الذي لا يمكن لهم ان يمارسوا فيه نشاطا سياسيا فأسبغ هؤلاء رعايتهم على اهل العلم وصارت القدس بحق حرما علميا آمنا· تضم القدس في الوقت الحالي 32 مدرسة تعود منها ثلاث لفترة حكم الايوبيين فيما شيدت المدارس الاخرى خلال حكم سلاطين المماليك لهذه المدينة· وأقدم هذه المدارس على الاطلاق المدرسة الصلاحية التي شيدها صلاح الدين الايوبي بعد تحرير القدس من الصليبيين في سنة 583 هـ 1187م وكان موقعها في الاصل دار علم فاطمية جرى تحويلها بعد احتلال الصليبيين للقدس الى كنيسة كانت تعرف باسم ''سانت جون او القديس حنا'' فلما دخل صلاح الدين المدينة اعادها لوظيفتها الاولى بعد ان قام بتفويض وكيل بيت المال بشراء الكنيسة· وظلت المدرسة تقوم بأدوارها العلمية والسياسية والاجتماعية طوال العصور الايوبية والمملوكية والعثمانية الى ان ضربها زلزال خرب معظم مبانيها في سنة 1237 هـ 1821 وشجع ذلك الحكومة اليونانية على المطالبة باسترجاعها لإنشاء كنيسة ولكن الخلافة العثمانية التي رفضت الطلب اليوناني الارثوذكسي عادت في عام 1273 هـ 1856 واعطت المدرسة للفرنسيين نظير وقوفهم الى جانب العثمانيين إبان حرب القرم فأعادوها كنيسة ومدرسة الى ان استرجعها العثمانيون في عام 1915م وحولها جمال باشا الى كلية علمية دينية باسم كلية صلاح الدين الايوبي ووضع لها نظاما للتدريس وفقا للنظم الحديثة التي كان معمولا بها آنذاك في ارجاء الدولة العثمانية· وجاء الاحتلال البريطاني للقدس في عام 1917 ليعيد المدرسة للآباء البيض الكاثوليك وأعادها هؤلاء مدرسة مسيحية ومازالت بقايا البناء الايوبي واللوحة التأسيسية ماثلة للعيان بها· ومن المدارس الايوبية الشهيرة المدرسة المعظمية التي أنشأها الملك المعظم عيسى وأوقفها على فقهاء وطلاب المذهب الحنفي عام 614 هـ 1217م وكانت من أهم المدارس بالقدس وبقي من بنيانها ايوان واحد وعدد من خلاوي اقامة الطلاب فيما تم الاعتداء على ايوان القبلة الذي تقع خلفه مجموعة من مقابر الشهداء الذين استشهدوا في معارك الايوبيين ضد القوات الصليبية· وتنفرد القدس بوجود مدارس كانت مخصصة لتدريس الحديث النبوي الشريف وبقيت منها مدرسة تعرف بدار الحديث أنشأها الامير شرف الدين عيسى بن محمد بن ابي القاسم الهكاري في سنة 666 هـ 1267م حيث كان يقيم بها طلاب الحديث وهي مؤلفة من طابقين وفيها عدد من الغرف الكبيرة الخاصة بالتدريس بالاضافة الى خلاوي اقامة الطلاب واستولت عليها سلطات الاحتلال الاسرائيلي في عام 1968 وحولتها الى منزل سكني· ومن اشهر المدارس التي شيدت بالقدس الشريف المدرسة السلامية ورعى تشييدها تاجر قاهري هو مجد الدين ابي الفداء اسماعيل السلامي في مطلع القرن الثامن الهجري 14م وأوقف عليها اوقافا كثيرة وتشبه في تخطيطها المدارس المملوكية المعاصرة حيث تتألف من صحن اوسط مكشوف تحيط به اربعة اضلاع من البناء بها ايوانات التدريس وخلاوي اقامة الطلاب التي وضعت في الطابق الثاني من بناء المدرسة· وتضم أيضا المدرسة الجاولية التي شيدها ناظر الحرمين الشريفين ونائب القدس الأمير علم الدين سنجر الجاولي أحد امراء الناصر محمد بن قلاوون حوالي عام715 هـ 1314م· وقد حولت الى دار للحكم وقشلاق للعسكر في العصر العثماني وبعد الاحتلال البريطاني اقام المجلس الاسلامي الاعلى كلية روضة المعارف الوطنية فيها ثم اصبحت دارا للشرطة وفيها الآن المدرسة العمرية للبنين· ومن اجمل مدارس القدس تلك المدرسة التي أمر بتشييدها الامير سيف الدين تنكز الناصري في سنة 729 هـ 1328م وتعد المدرسة التنكزية واحدة من اشهر مدارس المدينة حيث ألحقت بها خانقاة للمتصوفة ودار للايتام ودار لتدريس الحديث وظلت المدرسة تقوم بوظائفها العلمية حتى نهاية القرن التاسع الهجري 15م ثم اتخذت مركزا للقضاة والنواب وديوانا للقضاة ودار سكن لهم في عهد السلطان المملوكي الاشرف قايتباي وكان المنطقي ان تتحول في العصر العثماني بعد ذلك الى محكمة شرعية· وتحتل سلطات الاحتلال الاسرائيلي هذه المدرسة منذ عام ·1969 ولهذه المدرسة مدخل حجري بديع الشكل تحفل طاقيته بالمقرنصات الحجرية واستخدم الرخام الابيض والاسود في زخرفة عتب باب الدخول اليها· ويماثل تخطيط المدرسة التنكزية لتخطيط المدارس المملوكية التي شيدت بالقاهرة فهي تتألف من صحن اوسط مكشوف تحيط به اربعة ايوانات معقودة مفتوحة على الصحن· وتضم القدس واحدة من أهم مدارس المماليك وهي المدرسة المنجكية التي شيدها الامير سيف الدين منجك اليوسفي في حوالي عام 762 هـ(1360م )وهي الان مقر المجلس الاسلامي الاعلى· وتعد المدرسة الاشرفية خاتمة المنشآت التعليمية التي شيدها المماليك بالقدس ،وبدأ تشييدها على يد الامير حسن بن طغر الظاهري ناظر الحرمين الشريفين ثم سأل الامير السلطان الاشرف قايتباي ان يتقبلها منه فوضع عليها اسم السلطان في عام 877هـ 1472م، وصارت تعرف بالمدرسة الاشرفية او السلطانية· بيت في الجنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعا، غير فريضة، إلا بنى الله له بيتاً في الجنة! أو: إلا بني له بيت في الجنة'' روته أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان ـ رضي الله تعالى عنها، وأخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها· وأيضا قال: ''ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها'' رواه مسلم· وقال صلى الله عليه وسلم: ''بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور يوم القيامة'' رواه أبو داود والترمذي وصححه السيوطي والألباني· تتضمن هذه الأحاديث جملة من اللآلئ النبوية الشريفة، من يلتزم بها يدخل الجنة، شرحها الشيخ سالم محمد الجهني، قائلا: حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على أداء السنن، لما لها من فضل عظيم وهي اثنتا عشرة ركعة، وجاءت فيها أحاديث كثيرة، وأول هذه السنن ركعتا الفجر اللتان تسبقان صلاة الصبح وهي مبتدأ صلاة المسلم بالنهار وهي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم· فقد حافظ عليها وما تركها قط ورغب فيها بقوله (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)· وتحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن وقت صلاة الفجر في أحاديث كثيرة فوقتها ما بين طلوع الفجر وصلاة الصبح ومن نام عنها حتى طلعت أو نسيها صلاها متى ذكرها إلا إذا دخل وقت الزوال فإنها تسقط· وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتنافسون على صلاة الفجر حتى إنهم كانوا يقولون صلاة الفجر هي الميزان الذي يوزن به الرجال وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لو يعلمون ما في العتمة لأتوها ولو حبوا)· ومن هذه السنن أيضا صلاة الضحى، والأصل في صلاة الضحى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها ''أوصاني جبريل بثلاث وذكر منها صلاة الضحى''· وذكر الشيخ طه عبدالله العفيفي في دراسته ''من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم'' أن رسولنا الكريم رغبنا في صلاة الوتر وهي من السنن المؤكدة، فعن علي رضي الله عنه قال: الوتر ليس بحتم كصلاة المكتوبة، ولكن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ''إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا، يا أهل القرآن''· رواه أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن· ووقته من صلاة العشاء إلى الفجر فعن أبي مسعود الانصاري رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر أول الليل وأوسطه وآخره) رواه أحمد بسند صحيح· وعدد ركعات الوتر كما يقول الترمذي روى عن النبي عليه الصلاة والسلام الوتر بثلاث عشرة ركعة وإحدى عشرة ركعة وتسع وسبع وخمس وثلاث وواحدة· ودليل على أهمية الوتر قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر)· وتتضمن هذه السنن المؤكدة ايضا صلاة القيام، فيشير الدكتور مصطفى الشكعة في كتابه ''البيان المحمدي'' إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبنا في قيام رمضان والتعبد في لياليه ومن التعبد في رمضان كثرة الركوع والسجود، ومن هدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصليها كل ليلة من ليالي رمضان وكان يصليها في بيته، ولكنه خرج ليلة من ليالي رمضان وصلى في المسجد وصلى بصلاته من علم بوجوده، فلما كان من الليلة الثانية اجتمع الناس يرجون خروجه للصلاة خلفه فلم يخرج إليهم، وعندما سأله الصحابة عن ذلك فقال (خشيت أن تفرض عليكم)· وعدد ركعاتها الثابت من فعله (صلى الله عليه وسلم) أنه ما زاد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة فقد قالت عائشة رضي الله عنها: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ومنها الوتر· ويذكر الإمام النووي في كتابه ''رياض الصالحين'' أن من هذه السنن صلاة التسابيح التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم عمه العباس·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©