الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الكتابة والخوف

الكتابة والخوف
13 نوفمبر 2008 04:00
تقترن الكتابة بالشجاعة، فالإقدام على الكتابة وتحمل ما يليها من تداعيات النشر يعد جرأة استثنائية، ذلك لاسباب عديدة منها سياسية وثقافية واجتماعية ونفسية· فهناك من تخيفه السلطات من ان يقول رأيه كتابيا وبكل حرية، وهناك من تخيفه الثقافة والتفكير السائدين في المجتمعات وهناك من تقلقه الاسرة والقبيلة التي ينتمي اليها، حيث تفرض ضغوطا وتسلطا على الكاتب او الكاتبة حين يريد أن يخرج عن قوانينها الاخلاقية والثقافية· كما يمارس الناشر ايضا سلطته ويفرض قوانينه على الكتابة بأن يقبل فكرة ويرفض اخرى نظرا لظروفه، كأن يكون ممثلا لجهة رسمية ما لا يستطيع بسببها ان ينشر كل شيء او خاضع لسلطة فكره وايدولوجيته الشخصية التي تحركه وتفرض سطوتها على الكتابة· وقبل النشر كثيرا ما تدور في رأس الكاتب هواجس يكون معظمها مرتكزا على ثيمة الخوف، مثل الخوف من الناقد ومن ردة فعل السلطة ومن المجتمع ومن الناشر·· وأحيانا يستمر الخوف إلى ما بعد النشر حيث يكون للعمل المنشور صداه لدى الرافضين ذي النفوذ او من ذي الأفكار المتطرفة، وهذا ما يحدث حاليا من خوف عند الكاتب الإيطالي ''روبرتو سافيانو '' الذي بات مهددا في حياته من قبل رجال أحد تنظيمات المافيا الإيطالية بسبب روايته '' جومورا'' التي يكشف فيها تفاصيل اجرامية للمافيا واصبح ''سافيانو'' يعيش الخوف بسبب الكتابة حتى انه لا يستطيع التمتع بحياته وبحركته الشخصية اليومية كي لا تصيبه رصاصة تودي بحياته· عندما تنشر فإنك تقول رأياً، سواء كان ذلك على شكل كتابة أدبية كالرواية والقصة والشعر والمسرحية أو المقالة والدراسة وحتى البحث· ودائما ما تكون هذه الكتابة قابلة ان تثير ردود فعل، إما إيجابية او سلبية، خاصة في المجتمعات التي تكون القراءة فيها سلوكاً يومياً·· لكن يبقى فعل نشر الكتابة فعل جريء في المقام الأول وينم عن شجاعة عالية ومهما حدث يكون صاحب او صاحبة القلم على قدر المسؤولية لما كتبه ويكتبه ويتحمل كل ما يحدث من جراء كتابته، ذلك لأن الظلام مستمر والنور لم يحل بعد بشكله الحقيقي على الكائن البشري المتناقض والمليئ بالتعصب والتطرف والإيدولوجيات المتحجرة· الكثير من الكتاب في تاريخ البشرية ذهبوا بسبب الكتابة إلى حبل المشنقة وإلى المقصلة، شردوا، حرقت كتبهم همشوا ولكنهم لم يتراجعوا وبقوا يرفعون الأمل كلما خانته الأزمان وأخفته·· إنهم بأرواحهم الكبيرة يدفعوك إلى الإصرار والتواصل والجدية لأن الحرية والحقيقة تستحقان الروح·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©