الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فنزويلا··· ملتقى اليساريين الحالمين!

فنزويلا··· ملتقى اليساريين الحالمين!
13 نوفمبر 2008 03:57
ابتسم الماوي النيبالي وهو يتجول بنظره عبر بهو فندق ''ألبا كراكاس''· إلى يساره كان يقف موفدون من غرب أفريقيا إلى ''الاجتماع العالمي للمثقفين والفنانين للدفاع عن الإنسانية'' يدردشون باللغة الفرنسية· وإلى يمينه كان كاتب مصري سبق له أن ألف كتاباً عن ''هوجو شافيز''، يدخن سيجاره· قال الماوي، تشاندرا برازاد جاجوريل، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي في النيبال الذي أنهى النظام الملكي هناك بعد انتخابات العام الحالي: ''إنه منتدى رائع جداً، لقد أتاح لنا فرصة التعلم من الإرث المجيد للثورة الاشتراكية في أميركا اللاتينية''· وجاجوريل واحد من بين نحو 200 مفكر يساري آخر من مختلف بقاع العالم اجتمعوا هنا على مدى بضعة أيام خلال أكتوبر الماضي لمناقشة أشكال التحول نحو الاشتراكية، وذلك في الوقت الذي تقض فيه الأزمة المالية التي أصابت الرأسمالية العالمية مضجع العديد من الناس في البلدان الغربية المتقدمة· في أروقة الفندق حيث كان رجال الأعمال العاملون في قطاع النفط، ببذلات العمل العصرية، يعقدون الصفقات أثناء جلسات احتساء المشروبات ذات مرة، ناقش المشاركون الذين كانوا يرتدون أزياء تقليدية في الغالب، أفكار ماركس والمفكر الإيطالي اليساري أنتونيو جرامشي· وقد أضحت هذه الاجتماعات مظهراً من مظاهر الحياة في كراكاس، في ضوء امتلاء خزائن حكومة شافيز، في الوقت الراهن على الأقل، بأموال النفط التي يمكن استعمالها لجذب مثقفين متعاطفين من بلـــدان مختلفــــة من العالم· ينظم المسؤولون هنا لقاءات دولية للفلاسفة، والمدافعين عن حقوق المرأة، والمتحدثين باسم حكومات دول عدم الانحياز، والشعراء، والمتخصصين في فن رش الجسد بالألوان كما تم في سبتمبر الماضي· ومن الأحداث التي شهدتها كراكاس، معرض الكتاب الدولي السنوي الذي افتُتح الأسبوع الماضي وسط كثير من التطبيل والتزمير تحت شعار ''الكتاب في بناء الاشتراكية البوليفارية''، شعار جرى تلطيفـــه قليـــــلا مقارنـــة مـــع معرض العــــام الذي قبلـــه، والذي انكب فيه الموفدون على بحث سؤال: ''الولايات المتحدة··· أي ثورة ممكنة؟''· واللافت أن عدداً قليلا جداً من بين كل هذه اللقاءات والمؤتمرات التي تنظَّم، ساد فيه تفاؤل بخصوص الأحداث الدولية الراهنة مثلما حدث خلال اجتماع المثقفين الذي عُقد قبل بضعة أسابيع، وشمل جولات سياحية إلى أحياء كراكاس الفقيرة، ومناقشات بحثت أسباب الأزمة المالية الحالية· وفي هذا الإطار قال خوسي دنيس إيسبينوس، وهو خبير اقتصادي من مدريد، ''علينا أن نساعد في انهيار النموذج الرأسمالي الحالي، لأنه بدون مساعدة منا، فإن ذلك لن يحدث''، مضيفاً: ''لا أعرف أي نظام انهار بمفرده، لهذا علينا ألا نركن ونستسلم للاحتفال والتفاؤل''· عقد المؤتمر، وعلى غرار معظم المؤتمرات الأخرى، في فندق ''آلبا''، وهو فندق فخم أخذته الحكومة من سلسلة فنادق ''هيلتون'' العام الماضي، ويعد المعادلَ الفنزويلي لفندق ''هابانا ليبري'' في كوبا: مجمع مرتبط في الذاكرة بالقوة الأميركية وقد أصبح يرمز إلى التغيير الثوري· وغير بعيد عن مكتب الاستقبال في بهو الفندق، يوجد متجر لبيع التذكارات حيث تُعرض للبيع تماثيل صغيرة لشافيز مقابل 315 بوليفار، أي نحو 147 دولاراً· أما بالنسبة للذين لديهم ميزانية أصغر، فيستطيعون التجول في الخارج، حيث يمكن إيجاد باعة متجولين يبيعون تذكارات مختلفة تحمل صورة شافيز مقابل 10 دولارات· ولمن هم أكثر جرأة، هناك قمصان تحمل صورة إليتش راميريز سانشيز، الفنزويلي المعروف باسم ''كارلوس ابن آوى''، الذي يقضي عقوبة بالسجن في فرنسا· ويقول مصطفى الجمال، وهو كاتب مصري ألف كتاباً بعنوان ''شافيز: الكاريزما، الثورة، الجدلية''، إنه من الجميل أن يكون المرء في كراكاس، ''المدينة جميلة وهناك حركة مرور أقل مما نجده في شوارع القاهرة''· وبعيداً عن السياحة الثورية، قال الجمال إن إحدى أهم لحظات زيارته هي الفرصة التي أتيحت له لمناقشة كتابه، والذي قال عنه إن الحكومة الفنزويلية تعتزم ترجمته من العربية إلى الإسبانية ونشره هنا· وتساءل الجمال في مقابلة معه قائلا: ''هل شافيز مجرد شعبوي أم ثوري حقيقي؟''، قبل أن يضيف: ''إني أفند الفكرة الأولى''· وقد نودي عليه من قبل الرئيس شخصياً حين كان يخاطب المؤتمر· وحول ذلك يقول الجمال مبتسماً: ''لقد نطق شافيز اسمي في الميكروفون وقال لي شكراً''· والواقع أن الحكومة الفنزويلية تلقت الإشادة والاستحسان أيضاً من بعض الباحثين الأجانب لإنشائها ''مركز ميراندا الدولي''، وهو مركز للبحوث السياسية يوجد مقره بمبنى عال بالجهة المقابلة لفندق ''ألبا''، وللجوائز التي خُصصت لتكريم الباحثين مثل ''جائزة المحرر (سيمون بوليفار) للتفكير النقدي''· وكان فرانز هينكلميرت، الألماني المتخصص في الأديان والذي يعيش في كوستاريكا حالياً، أولَ المتوجين حيث فاز بالجائزة التي تبلغ قيمتها 150000 دولار في عام ·2006 غير أن المؤتمرات والجوائز والجولات السياحية في الأحياء الفقيرة··· كلها أمور مبالغ فيها بالنسبة لمنتقدي شافيز، من أمثال فرناندو ميريس، المؤرخ والفيلسوف الشيلي الذي كان هنا من أجل مؤتمر آخر نظِّم في الجامعة المركزية الفنزويلية· حين كان في طريقه لمغادرة البلد، اعتُقل ميريس من قبل قوات الأمن الفنزويلية واستُجوب لفترة طويلة بشأن أسباب زيارته قبل أن يُسمح له بركوب الطائرة· وقال ميريس، المعروف بانتقاداته الصريحة لشافيز، والذي كتب حول الحادث مقالا بإحدى الصحف لمحلية: ''أمس، كان لدينا موجابي أو كاسترو، واليوم، لدينا شافيز''، مضيفاً: ''العديد من المشاركين في هذه الأحداث تخلصوا لتوهم من الإحباط السياسي ويرون فرصة لأفكارهم في بلد فقير يخضع لعملية الدمقرطة عبر الترهيب''· سايمون روميرو-فنزويلا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©