الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قضية مستعجلة

26 يناير 2006

قصة عجيبة مؤلمة جاءنا بها احد القراء والمتابعين للبيوت اسرار· لقد قصدنا هذا القارئ وهو متيقن بأن هذا الباب مفتوح أمام الجميع ليعبروا فيه عن همومهم ومعاناتهم، وان الكثير منهم قد فتح الله عليه بالفرج بعد ان نشرت قصته في هذا الباب·
حاولنا سرد هذه القصة كما رواها صاحبها بلا رتوش، لانها تعكس احساساً صادقاً لزوج احب زوجته حباً مثالياً جعله يستحق وساماً في صدق المشاعر ونبلها· فهو رجل تخلى عن كل شيء وصار همه الوحيد ان يرى زوجته مشافاة معافاة كما كانت في الماضي·
ترك وظيفته وترك جميع مباهج الدنيا من أجلها وجلس معها يتابعها يوماً بيوم وهي طريحة الفراش لا حول لها ولا قوة· لم ييأس ولم يتعبه الصبر والملل الذي تقتضيه مرافقة المريض· انه انسان نادر حقاً، خصوصاً في زماننا هذا، فهو يعبر عن معاناته قائلاً:
قلبي يتقطع وانا أنظر إلى هذه الانسانة وهي تعاني كل هذه المعاناة· أتألم لأنني لا استطيع مساعدتها· لقد بذلت جهدي وتعبت ولم استطع ان أعينها لتحصل على الشفاء، ماذا أفعل وانا لا أملك ما يعينني على علاجها؟
حملت التقارير الطبية الخاصة بها وذهبت إلى الجهات المسؤولة، توسلتهم ان يساعدوا زوجتي··· أم أولادي··· انها تتعذب وانا رجل بسيط ليس لدي واسطات أو أي شيء استعين به على حالتي هذه·قلت لهم: التقارير أمامكم، كلها تشير إلى ان المريضة تحتاج للعلاج خارج الدولة، فلماذا لا تتم الموافقة على إرسالها؟ هل من سبب؟ لا جواب ولا تبرير، الكل يتهرب ولا أدري ماذا أفعل؟
لقد فعلت كل ما بوسعي لمساعدتها· أخذتها إلى الهند، فإمكانياتي المادية لا تسمح لي بأكثر من ذلك، أعطوها الأدوية ولكن بلا فائدة، انه مرض نادر·
انها أم لخمسة··· أمضت شبابها كله في الاهتمام ببيتها· انها امرأة مثالية، مخلصة متفانية في سبيل بيتها وزوجها، لم تقصر يوماً في أي واجب من واجباتها، على العكس فانها كانت تبذل اكثر من طاقتها من أجلهم·
بدأت حكاية مرضها قبل حوالي اثني عشر عاماً· فجأة سقطت مغمى عليها بعد ألم شديد في البطن· نقلناها إلى المستشفى، فقالوا بأنها تحتاج إلى إجراء عملية جراحية لاستئصال المبيض بسبب حدوث الحمل خارج الرحم· اعتقدنا بأن الأمر بسيط، فقد تمت العملية بنجاح وعادت لها صحتها كما كانت من قبل·
بعد سنة واحدة من تلك العملية حدثت حركات لا إرادية في اصابع يدها· كان الأمر غريباً بعض الشيء، ولكننا اعتبرناه شيئاعادياً لا يحمل الخطورة بين ثناياه·
بعد مدة صارت اليد كلها تتحرك بشكل غير إرادي· كانت تقول بأنها لا تدري كيف ان يدها تتحرك دون إرادتها· عندها شعرت بالخوف مما يحدث، فأخذتها إلى المستشفى·
بعد تحليلات وأشعات كثيرة أجريت لها، ظهرت النتيجة وهي إصابتها بضمور في الجهاز العصبي يؤدي إلى حركات لا إرادية وهو مرض مزمن لا يتوفر له علاج بمستشفيات الدولة·
أمر غير متوقع
لم اصدق ما يقولون وقلت في نفسي: الأطباء بشر ويمكن ان يخطئوا، ثم قررت عرضها على اكثر من طبيب اخصائي لاتأكد من صحة ذلك التقرير·
أخذتها إلى مستشفى آخر في الدولة، فأجريت لها الفحوصات مرة أخرى وكانت النتيجة واحدة، خلايا المخ تنتحر وتموت وتتخلى عن دورها الطبيعي·
كتبوا لها بعض الأدوية والعلاجات ولكن لم ينفعها كل ذلك وازدادت حالتها سوءاً···
انتقلت الحركة اللاإرادية إلى رجليها، فصارت الرجل ترتفع عالياً، فيختل توازنها ثم تسقط على الأرض وهي لا تدري سبب ما يحدث لها· ثم بدأ لسانها بالثقل تدريجياً، حتى صارت تتكلم بصعوبة بالغة· كانت تتكىء علي وتمشي خطوات ولكنها بعد مدة اصبحت طريحة الفراش لا تستطيع ان تحمل جسدها من مكانه، حتى تنفسها صار مثل الحشرجة المتقطعة الغريبة، وكأن اصواتاً تسكنها وتنطلق من حنجرتها·
احضرت لها بعض المعالجين بالقرآن الكريم، قرأوا عليها قراءات كثيرة ولكنها لم تستجب لشيء، فقالوا بأنها انسانة مريضة وغير مصابة بمس أو سحر أو عين·
عودة يائسة
أخذت التقارير الطبية الخاصة بها وقمت بمراجعة الجهات المختصة لعلاجها خارج الدولة، فلم يردوا علينا وبقيت الأمور معلقة بلا تفسير أو توضيح أو إجابة·
انا موظف بسيط، أعمل في القوات المسلحة، عملي يبعد ثلاث ساعات عن منزلي، اضطررت لتقديم استقالتي من عملي لأبقى مع زوجتي المريضة، فلا أتركها تحت رحمة الخادمة وهي في هذا الحال· لم يكن لي دخل آخر أعيش منه، فطلبت إعانة من الشؤون قيمتها ألفين وأربعمائة وخمسين درهماً، هذا هو كل ما لدي للإنفاق على اسرتي المكونة من سبعة أشخاص غير الخادمتين اللتين أحضرتهما لمساعدة زوجتي وحملها من مكان لآخر·
سمعت بأنه يوجد علاج لهذا المرض في الولايات المتحدة، ذهبت إلى السفارة وطلبت منهم مخاطبة المستشفى لمعرفة التكاليف، فأخبروني بأنها تزيد عن مئة ألف دولار··· يا الهي من أين أتي بمثل هذا المبلغ؟
سمعت بأن شخصاً في احدى دول الخليج مصاب بنفس المرض، وقد ذهب إلى الصين وتمت معالجته وشفي من هذا المرض· حاولت معرفة الشخص للحصول على معلومات عن المستشفى التي تعالج بها، فوجدت بأنه موجود في السجن حالياً ويصعب التحدث معه·
عدت مرة أخرى إلى الجهات المسؤولة وطلبت منهم إرسال زوجتي على نفقة الدولة إلى الصين لعلاجها، أخبروني بأنهم لا يتعاونون مع الصين في هذا المجال، ثم أخبروني بأن أذهب إلى الولايات المتحدة على حسابي الخاص، ثم أحضر لهم الفواتير وسيفكرون بصرفها عند العودة·
لم أستطع المجازفة، فمن أين أتي بمبلغ المئة ألف دولار هذه؟ وان استطعت ان افعل المستحيل لتدبيرها فمن يضمن لي ان يتم صرفها لي عند عودتي؟
يئست منهم، واتجهت للصحافة علها تنشر حكايتي، فأصل إلى حل لهذه المشكلة التي تدمرني·
زوج مثالي
زوجتي أمامي تتألم وتتعذب ولا أدري كيف أساعدها، سألني الكثير من الناس لماذا تهتم بها كل هذا الاهتمام، لازلت شاباً، فكر بالزواج من غيرها، فأجبتهم: لست انساناً جاحداً، هذه المرأة المؤمنة شاركتني حياتي، أنجبت لي الأولاد والبنات، اخلصت لي، بذلت جهدها وصحتها وكل شيء من أجل اسرتها، فهل يعقل ان أتخلى عنها وهي طريحة الفراش بين الحياة والموت؟ لست انا من يفعل ذلك، فمهما يحدث سأظل متمسكاً بكل سبب يقودني إلى مساعدتها على الشفاء· انا مدرك تماماً بأن هذه هي إرادة الله سبحانه وقضاؤه، ولست معترضاً أبداً، ودائماً أدعو ربي بأن يسبب لي سبباً يعيد لي زوجتي أم أولادي إلى وضعها الطبيعي مرة أخرى·
سأبقى متمسكاً برحمة الله وبالأمل الذي يعطيني القوة للبحث من جديد عن وسيلة لعلاجها·
لن أفكر بغيرها وهي طريحة الفراش، حتى لو فكرت في الزواج مرة اخرى فلن أتزوج وهي مريضة، سأعالجها وبعد ان يشفيها الله وهي بنفسها تأذن لي بالزواج، عندها فقط يمكن ان أفكر بامرأة غيرها·
ليس صحيحاً ان الرجال كلهم جاحدون ناكرون للعشرة كما يقولون، فالرجل الذي يحب زوجته ويقدر إخلاصها وتفانيها المستمر له ولأولاده، فإنه لن يكون أقل منها في الصبر والإخلاص، فأنا أفكر لو انني كنت انا المريض بدلاً منها، فهل ستتخلى هي عني؟ هل ستفكر بطلب الطلاق والإرتباط برجل آخر اكثر صحة وعافية؟ بالطبع هي لن تفعل ذلك وستبقى إلى جانبي تضحي وتستقاتل من أجل ان تراني في أتم صحة، انا متأكد من ذلك، وبالطبع فانني لن أكون أقل منها فاتصرف بأنانية وأتركها وهي في هذا الحال من البؤس والشقاء، تنظر إلي بعينين دامعتين وكأنها تتوسل إلي ألا أتخلى عنها، وكأنها تطلب مني ألا أفارقها، وكأنها تشكرني مع كل نفس على اخلاصي لها وبقائي معها لآخر لحظة·
الأمل لازال موجوداً بصدري وسأبقى احاول، وأبذل كل جهدي ليصل صوتي إلى المسؤولين فيساعدون زوجتي لتسافر إلى الصين وتتلقى العلاج وتشفى· انه أمل عزيز أجده في عيون أولادي وبناتي وهم يتوسلونني ألا ايأس وأبقى مستمراً في محاولاتي هنا وهناك من أجل أمهم الغالية·
كل واحد منهم يتمنى ان يضحي من أجلها بأي شيء يملكه، ولكن ما تحتاج إليه أمهم للأسف فانهم لا يملكونه· انها تحتاج لمبالغ كبيرة يقتضيها العلاج في الدول الكبرى· انها تحتاج لرعاية طبية متخصصة تساعدها على تخطي هذه المحنة· انها تحتاج للكثير من عطاءات دولتنا الحبيبة التي لم تقصر يوماً في شيء، ولكن بعض المسؤولين يتملكهم التردد فلا يفعلوا ما هو واجب عليهم··· هذا ما اعتقده والله أعلم·
أتمنى ان تلقى كلماتي هذه الاهتمام المطلوب لحل قضيتي وأعذروني ان أطلت عليكم، فأنا معذور وانتم تقدرون في ما أمر به·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©