الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بلبل حيران» رجل تطوقه أفخاخ النساء

«بلبل حيران» رجل تطوقه أفخاخ النساء
16 مايو 2011 20:32
يحفظ المتابعون لأفلام النجم المصري أحمد حلمي أنه كان يحرص في معظم أفلامه السابقة على فكرة الشراكة، بمعنى أن سياق الحدث السينمائي كان يأتي غالباً متقبلاً لإمكانية التراكم المهني، بحيث تضاف الجهود إلى الجهود حتى يكون الناتج مرضياً للجميع، وللمشاهدين في الأساس، أول ما يمكن التوقف عنده في فيلم أحمد حلمي الجديد،”بلبل حيران”، هو استباحة النجم الكوميدي لكل المشاهد بحيث يتحول الآخرون، على قلتهم، إلى عناصر مساعدة أقرب إلى الكومبارس، وفي التاريخ السينمائي الكثير من التجارب المماثلة التي آلت إلى فشل ذريع جراء إصرار أصحابها على التفرد، فهل جاء دور حلمي؟ الإجابة في عهدة المقبل من الأيام والأفلام. بطل متفرد ينطلق الفيلم من “بلبل”، اسم الدلع لنبيل الذي يحمله أحمد حلمي في الفيلم، بينما هو في المستشفى يعاني كسوراً واصابات بالغة، عيناه ملفوفتان بالشاش، وذراعاه مثبتتان في وضعية الدعاء، على حد تعبيره، لم يكن من بد أمام الدكتورة أمل (ايمي سمير غانم) التي تتولى علاجه سوى أن تسأله عن سبب إصابته البالغة، وهو سيروي لها الكثير من المواقف بما يغطي الفيلم كله، أي انه لا بد له من أن يكون موجوداً في كل المشاهد، ما دام يتقمص شخصية الراوي، والأمر، كما يعلم الجميع، ذريعة لأن يكون البطل المتفرد. يسأل بلبل، مهندس الديكور، إن كان قد حصل له شيء ما، يجيبه الدكتور بما يجعله يعلق قائلاً: “أنا أحتاج إذن لشخص آخر سواي”. يبدأ بلبل روايته للدكتورة أمل من ياسمين، (زينة) عازفة الهارمونيكا، التي أثارت اهتمامه بينما كانت تعزف في ناد ليلي تولى هو أمور الديكور فيه، كان واضحاً انه ينطلق في تعامله معها من كونه زير نساء، والأمر يعكس ثغرة إخراجية، إذ ليس في مكوناته الشخصية ما يتيح له مثل هذه الصفة، فهو لا يتمتع بالوسامة ولا بالكاريزما الكافيتين، وليس من سبب يجعله يتقمص شخصية عمر الشريف مثلاً، أو حتى حسين فهمي. والأهم ليس ثمة ما يبرر احياء مفهوم “الدون جوان” الذي عفا عنه الزمن. الهبوط بالمظلة بعد سلسلة من المضايقات التي يمارسها حيال ياسمين يتمكن بلبل من الفوز بمشاعرها، تتطور العلاقة بسرعة مضطردة، تسأله أمل، وهي على عتبة خطوبة، “ما الذي أعجبك في ياسمين، وما الذي أعجب ياسمين فيك”؟ الشجاعة، يرد واثقاً. ثم يستذكر حادثة الهبوط بالمظلة من إحدى الطائرات، يتضح من خلال السرد المرئي أن ياسمين تمارس هذه الهواية، وقد اصطحبته معها في إحدى المرات، لما حان الوقت قفزت هي من الطائرة بثقة المحترفين، أما هو فلم يكن ممكنا إبعاده عن كرسيه قيد أنملة، نزلت ياسمين بالمظلة، وهبط هو بالطائرة نفسها، ولما ادركا الأرض راح يحدثها عن متعة التجربة، لكن الفتاة أدركت كذبه إذ أن المظلة لا تزال مقفلة. “واين هي الشجاعة التي ابديتها”؟! تسأل أمل ساخرة، يجيب بدون تردد: “شجاعة الهروب من المواقف الخطرة”! لعله محق في ذلك، فالهروب أيضاً يحتاج إلى شجاعة. فجأة تتبدل مشاعر بلبل حيال ياسمين، يبدو غير قادر على احتمال ثقتها المفرطة بنفسها، ولا يستطيع التعايش مع فكرة أنه لا يمثل إضافة تذكر إلى حياتها الصاخبة، حتى أن صوته فيها لا يكاد يسمع.. تزامن ذلك مع تعرفه على هالة (شيرين عادل) مهندسة حديثة التخرج، مبالغة في الخجل والتحفظ، ضعيفة إلى أبعد الحدود، تعتمد على شريكها في كل كبيرة وصغيرة، حتى عندما يتعلق الأمر بتكوين الآراء حيال الأمور اليومية كالأكل والشرب فهي تعتمد عليه اعتماداً كلياً، باختصار هي تمثل النقيض الكلي لياسمين. فقدان الذاكرة يقرر بلبل الإنفصال عن خطيبته، ويتجه نحو الإقتران بهالة، بل هو يخطبها فعلاً، وفي لحظة غير متوقعة يتعرض لصدمة عابرة تفقده الذاكرة، استمر في علاقته بهالة، لكنه بدأ يتضجر منها، لم يكن قادراً على احتمال سلبيتها المطلقة، وخضوعها الكلي، في جلسة مماثلة لتلك التي عقدها مع ياسمين قبل انفصاله عنها، أبلغ بلبل هالة رغبته في التحلل من الارتباط، كان يشرح لأمل ذلك بقدرة فائقة على الاقناع، وكانت علاقتها بخطيبها المستقبلي تتأرجح تبعاً للحوادث والحواديث التي يروي لها بلبل. من المفيد التوقف عند حادثة فقدان الذاكرة آتي تعرض لها بلبل، إذ جرى تقديمها إخراجياً بصورة لافتة، وبدا كما لو أن المرء يحتاج أحياناً لأن يفقد ذاكرته حتى يتحرر من بعض الأعباء المتراكمة فوق كاهله، والأثقال المكبلة لعقله. كان بلبل يحاول التخلص من هالة، عندما عاود التقاء ياسمين في صدفة مضحكة، كان لفقدانه الذاكرة أن جعل اللقاء جديداً بالنسبة له، مجدداً عرض عليها فكرة الارتباط، ومجدداً وافقت، لكنها هذه المرة كانت تبيت له أمراً. عودة الوعي صدمة جديدة أعادت الذاكرة لبلبل، حصل ذلك في لحظة غير منتظرة، وبدا أشد إيلاماً من عملية الفقدان نفسها، تخطر له حينها فكرة مفتقدة للحكمة، في إشارة ربما، إلى كون الذاكرة عبئاً من المفيد التخلص منه أحياناً، هو يقرر الاستمرار في صلته العاطفية بالاثنتين، أي بهالة وياسمين معاً. كان يظن نفسه ذكياً عندما بدأ يرسم الخطط للسير في مشروعه الانتحاري، لكن الظروف تحولت ضده بطريقة دراماتيكية: صارت ياسمين تنحل صفة هالة، والأخيرة تقمصت شخصية ياسمين، والدة هالة تحولت فجأة إلى والدة ياسمين المتوفاة، ومثلها فعل والد ياسمين. تواطؤ كان واضحاً أن هناك تواطؤاً بين الأربعة على النيل منه، وتحطيمه نفسياً، وقع الرجل الشاطر في الفخاخ الأنثوية وبات الخروج متعذراً عليه، صار أسير حالة مدهشة من فوضىى المشاعر، تخلت عنه براعة التصرف المعهودة، وتنكر له الحظ الذي طالما سانده في المواقف المحرجة، في الختام قادته أقداره الأنثوية مجدداً نحو الطائرة التي تراجع عن الهبوط منها عبر المظلة في المرة السابقة، هذه المرة خانته شجاعة الهروب. وسقط من علو شاهق ليدرك الأرض محطم العظام، بعد أن كان قد شهد انهياراً نفسياً غير مسبوق. هكذا لم يبق أمامه سوى الدكتورة أمل التي راهن على كونها جائزة ترضية، لكنها ستفاجئه لاحقاً بالقول إن ياسمين وهالة هما من أتيا به إلى المستشفى.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©