السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نهاية لاف» سينما هندية ترصد قصة انتقام امرأة

«نهاية لاف» سينما هندية ترصد قصة انتقام امرأة
16 مايو 2011 20:31
هل هو كيد الأنثى؟! أم تراها عنجهية الذكر؟ ليس ما يمنع أن يكون للاثنين معاً دور أساسي في هذا الصراع المتفاقم على مر العصور بين شريكي الحياة، وهو صراع مرشح لمزيد من التصاعد بفعل تعقيدات العيش. المفارقة أن الإشكالية تبدأ دوماً، أو للدقة غالباً، من تواصل عاطفي حميم بين القطبين المتنافرين اللذين يكون تنافرهما سبباً لانجذابهما نحو بعضهما البعض إلى حدود الاندماج الكلي، لكنهما في لحظة عصية على التوصيف والتعليل يجنحان نحو ابتعاد واختلاف، بين التداني حتى التكامل، والتنائي إلى حدود الانسلاخ، تبني الحياة مطارح لحكاياها، ويصوغ الزمن قصصاً تستوجب الإصغاء، لا بد لكل ثنائي متباين الهوية من قصة ما، قد تكون عابرة أحيانا، وقد تصير راسخة فجأة، لكنها دوماً ناضحة بالعبر، والأهم رازحة تحت فيض الأسئلة: لماذا يختصم المحبون فجأة، فإذا الذين بينهم مودة يصيرون أعداء بكل ما تحمله العداوة من حقد وتباغض؟! يبني الفيلم الهندي “نهاية لاف”، إخراج بومبي، وبطولة شرادا كابور وطه شاه، معماره السردي، أحداثه وينطلق من بداية العمر الحيوي لبطليه، من نهاية العام الدراسي الأخير ل”لوف” و”ريها”، هو يوم ليس كسائر الأيام ففيه تلفظ الطفولة آخر أنفاسها مودعة أبناءها في عهدة المتاهة التي أسماها المجربون واقعاً، هنا يصير الحالمون أمام محك لأحلامهم، وهنا أيضا تكون الخيبة فائقة النفوذ، وتكون الغلبة للإخفاق غالباً.. هو اليوم الدراسي الأخير، كما سبقت الإشارة، تضع ريها وزميلتاها مينتي وسونيا أقلام الامتحان النهائي من الأيدي، ليهرعن نحو الآمال الكثيرة التي تختزنها مخيلاتهن الخصبة، في جعبة ريها الكثير منها، وكلها تدور حول لاف، الشاب الوسيم الذي يعيش في كنف والد ثري، هي تتغاضى عن الكثير من الحقائق للحفاظ على نقاء العلاقة، وإذ يحلو لصديقتها مينتي تذكيرها أن والد حبيبها مهرب، تصر ريها على أنه رجل أعمال، مقصية كل ما من شأنه أن يعكر صفاء الموقف العاطفي المتقد. هو يوم عيد ميلاد ريها الثامن عشر، وقد اعد لاف الكثير للاحتفال بهذه المناسبة المميزة، حجز لهما غرفة في فندق بالغ الفخامة، ولم تفته الحفلة الغنائية التي سيحييها احد كبار نجوم الهند، كان ثمة توافق بين العاشقين أنهما بصدد ليلة حاسمة وعاصفة، ليلة سيكون ما بعدها مختلفا عما قبلها، وكانت ريها، كشأن الأنثى غالباً، متفوقة في المشاعر الرومانسية على لاف، حيث بدا الأخير على درجة عالية من التماسك. محاولات فاشلة في اللحظة الأخيرة يحدث ما ليس بالحسبان، يقرر والدا ريها السفر لزيارة قريب لهما مرض فجأة، ويكون على الفتاة العاشقة أن تؤجل ليلتها المصيرية للاعتناء بشقيقتها الصغيرة، وبجدتها العجوز التي تراجعت قدراتها العقلية بفعل تقدمها في العمر، بعد محاولات فاشلة شتى لثني الأهل عن قرار السفر لا يبقى أمام ريها سوى الاتصال بلاف لتخبره قرارها بتأجيل الاحتفال المصيري إلى ليلة قادمة، يوافق الشاب، دون أن يبدو عليه التأثر، وإذ يخبرها أنه ينوي إلغاء مشاريعه الترفيهية تصر ريها أن يكمل بمفرده ما كانا قد خططا له معاً، في عناد بشري يمكن فهمه على قهر الظروف القاهرة. تخطط ريها وصديقتاها لتمضية الأمسية بالقدر المتاح من المتعة، حاولن استغلال ما يتيحه لهم غياب الأهل عن المنزل من لحظات للحرية، لكنهن بوغتن بما ليس متوقعاً: لاف سيذهب إلى السهرة مع زميلة لدودة لهن تدعى ناتاشا، تأرجحت أنظار مينتي وسونيا مشككة، عندما بلغهما الخبر من أحد زملائهما، لكن ريها قالت، كما لو أنها إقناع نفسها أولاً، “لابد له من رفيقة في السهرة، والأمر لا يعني شيئاً خطيراً”. أنهت جملتها محاولة أن تكون واثقة من صوابية التحليل، لكن شيئاً في عينيها كان يوحي بعكس ذلك، لم تبد مطمئنة إلى الموقف الذي علمت به صدفة. ثمة مصادفة أخرى قادت الظروف الفتيات الثلاث نحو مكمن تمكن َّخلاله من الاستماع إلى اتصال هاتفي يجريه لاف مع أحد أصدقائه، ما كان متاحاً فهمه أنه يخبر صديقه باعتذار ريها، وبكونه سينتقل ل “الخطة باء”. حلقات الدهشة هنا لم يعد ممكناً الحكم بطيب النوايا، فالخطة باء تعني الكثير، وفي مقدم ما تعنيه أن ريها الحالمة بمستقبل حميم ليست أكثر من خطة قابلة للاستبدال في اللحظة المناسبة، وتتفاقم الأمور: الزميل الذي أخبرهن بعزم لاف على اصطحاب ناتاشا إلى السهرة، يظهر مجدداً ليكمل حديثاً كان ناقصاً: الأدهى لم تعرفنه بعد! يطلب منهن اللحاق به إلى حيث يمكنهن معرفة ما يجدر بهن معرفته، فيستجبن صاغرات أمام حلقات الدهشة المتتالية، يطرق الزميل على باب معدني، وهناك يسمع صوتاً يطلب منه النطق بكلمة السر، أمام الذعر الذي ينتاب الفتيات فجأة يدلو الزميل بجملة لا معنى لها. فينفتح الباب لنقع على رجل ثلاثيني لا يبدو عليه الاتزان العقلي الكامل. يستأنف الزميل كلامه: “أخي مجنون”! تصاب الفتيات بصعقة خاطفة، لكنه يكمل:”مجنون إنترنت، وهو أمكنه اكتشاف موقع إلكتروني خطير”! حينها يستلم الرجل الثلاثيني دفة الحديث، ويشرح بثقة: “بعض أبناء الأثرياء أقاموا موقعاً إلكترونيا ينقل مغامراتهم العاطفية، ويوثق تجاربهم حتى الجريئة منها، دوماً هناك كاميرات سرية ترصد اللقاءات الحميمة التي يجري نقلها إلى الموقع”. كان الذهول يأخذ من الفتيات مأخذه، لكن الرجل لم يتوقف: “هناك مباريات تجرى في هذه المرحلة، حيث ينال كل فرد من النادي علامات على تجاربه، والليلة هي لإعلان النتائج، وكان لاف متقدماً، وهو سيحسم الأمر الليلة مع ناتاشا، بعد أن مقرراً أن يذهب مع ريها”. إناث جريحات إذن هي مسابقة ليس أكثر! الأحلام والأماني والأغاني، والثياب الجديدة، وقوارير العطر، وأدوات الماكياج، جميعها لم تكن سوى وسائل لاستكمال مسابقة تفتقد إلى الأخلاق! غاب عن ذهن لاف ما الذي يسع ثلاث إناث جريحات في مشاعرهن وكرامتهن فعله للانتقام منه، لم يخطر بباله أن خلف هذه الملامح البريئة تكمن أحاسيس أنثوية تملك قابلية الاشتعال، وإحراق كل ما ومن يحيط بها، لم يتذكر ذلك القائد العسكري الذي خاطب عدوه قائلاً: “سأحاربك بجيش قلوب جنوده قلوب نساء”! بعد الثورة والغليان جاءت مرحلة التخطيط الهادئ، كانت ريها المؤهلة لرسم الخطط كونها الأكثر صلة بلاف، والأقدر بالتالي على رصد نقاط ضعفه وكوامن قوته، هو يعتمد على نقود والده، قالت واثقة، وهو أيضاً مهووس بسيارته، أضافت، ثم تابعت: جسده يعني له الكثير، كذلك هو محمي بأصدقائه. مفاصل حيوية إذن ثمة أربعة نقاط يمثلن مفاصل حيوية في وجود لاف، ويمكن تحطيمه عبرها، هكذا قررت النسوة الصغيرات في سياق تخطيطهم الاستراتيجي للنيل من عدو كان إلى لحظات مضت، معشوقا. بالانتقال إلى مرحلة التنفيذ لم يكن صعباً على الفتيات ابتكار الخطط العملاتية: التسلل إلى منزل لاف لسرقة محفظته، للمفارقة فإن البطاقات التي كانت بحوزته تعود لوالده، وسنراه بعد قليل من الوقت يشتاط غاضباً صارخاً على لاف عبر الهاتف: أتلقى رسائل هاتفية تفيد أن رصيدي المصرفي قد تبخر.. ما الذي تفعله؟! لم يكن لاف يفعل شيئاً، كان مهموماً بمعالجة الحساسية التي تسببت بها مادة وضعتها الفتيات اثر تسللهن إلى منزله بينما كان يستحم. حيث سرقن البطاقات ليكافئن بها الزميل الذي وشى بلاف أمامهن، وليضعن نوعاً من البودرة في ثياب السهرة التي كان ينوي إمضاءها مع ناتاشا. إذن بضربة واحدة ضرب لاف في مفصلين حيويين من مصادر تفوقه: النقود والجسد المثير للتباهي، تبقى السيارة والأصدقاء: بالنسبة إلى الأولى كان سهلاً الاعتماد على شقيق مينتي، وهو سائق شاحنة، ليقوم بنقل السيارة الفاخرة، التي كان لاف يتباهى إلى وقت قريب أمام ريها بأن ثمة ثلاثين سيارة مثلها في العالم كله، نقلها الرجل إلى “منطقة آمنة”، وهناك تولت الفتيات تهشيمها كما لو آنهن ينتقمن من صاحبها. المعركة الحاسمة بالنسبة للأصدقاء كان سهلاً تمرير رسالة مفخخة إلى لاف تفيد أن أحد أقرب معارفه مرتبط بناتاشا، التي كان يعتبرها ضمن ممتلكاته الشخصية. وكانت المعركة الحاسمة في الغرفة التي أعدت لإنجاز المسابقة، المغطاة بكاميرات مراقبة يمكن للمتواجدين في الحفل متابعة مجرياتها، تبادل لاف وريها الحيل والخدع، لكن النهاية كانت لصالح الأنثى، ولم يكن الأمر مفاجئاً، ذلك أن حكاية التفاحة المشهورة لا تزال تتكرر، والأرجح أنها ستبقى تفعل ذلك طويلاً.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©