الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أجّرت بيتها ولا تريد الخروج منه

16 مايو 2011 20:02
تطلق صوتها مجلجلاً يومياً، قبل أن تبزغ الشمس وترسل خيوطها الأولى معلنة قدوم يوم جديد، كلماتها احتجاجاً، بل سخطاً، وضع لم يعد هناك مجال لتحمله، جبلت حياتها على الصراخ والعويل في كل حين، أصبح يعرفها الجيران وتتناقل أخبارها وسط وشوشات الخادمات، بيتها كبير وقديم ومتهالك، بل آيل للسقوط، قسمته شققاً ببياض يختلف عن لون الحيطان، فبات منظره لا يحمل الراحة، ويشعر ساكنه بعدم الأمان، لا جمال فيه ومجال لتضع فيه امرأة بصمتها الفنية على الديكور الداخلي، فظلت الأشياء فوق بعضها تنتظر الفرج، شطرت البيت شطرين، المطبخ يتداخل مع الحمام، أما ما تقوم به في هذه الجهة المقسمة يسمعه الآخر الذي يسكن خلفه أو في الجهة المقابلة له، ولا يفصلهما إلا ما يشبه حاجز كارتوني. بكل هذه المواصفات استأجر البيت تحت إغراءات الوسيط الذي استنفذ كل مقومات المدح في البيت وفي أهله وبالغ في وصف الهدوء الذي ينعم به البيت والحي، فعل ذلك طبعاً مقابل عمولة مدفوعة من الجانبين، من المستأجر والمؤجر، وقع العقد وبدأ نقل الأثاث للمستقر الجديد، فجاءت صاحبة البيت للتعارف والحديث، فقالت لا تستعملوا المصعد، فهو لا يحتمل وقد يتوقف في أي لحظة، تجاوز القادم الجديد حديثها واعتبر العطل مؤقتاً، استقر أهل البيت الجدد وأصبحوا يعيشون كل يوم قصة: الصيانة غير متوافرة، النفايات متراكمة في سلالم البيت وعلى الأبواب، الأسلاك الكهربائية تتدلى من مكانها، أما المكيفات فإنها تتوقف فجأة وتجعل الصغار يختنقون من الحرارة المرتفعة، والكهرباء تنقطع في كل حين. كل ذلك يمكن أن يتعايش معه المرء كونه ألف التنقل وعدم الاستقرار في بيت واحد، وجبلت حياته على الترحال من بيت لآخر، لكن ما لا يستطيع أي شخص احتماله هو كون هذه المستأجرة تقول لأهل البيت لا تغلقوا بابكم، وتتساءل: لماذا تقفلون الأبواب فهذا بيتي ويجب أن يبقى مفتوحاً في وجهي، لأصلح ما يجب إصلاحه؟ أما إذا حصل عطل واستدعى إصلاحه، فإنها تتطوع بنفسها اقتصاداً للمال، وتقدم خدماتها، أما في غيابها فقط تغيب الكهرباء أياماً، وتتعطل المكيفات ويضيع المخزون من المواد الغذائية المحفوظة في الثلاجة، وغيرها من المشاكل الناجمة عن ذلك، وإن تجرأ أحد السكان وتحدث مع أحد أولادها فتلك هي الطامة الكبرى، يسمع ما يجب ألا يسمع، ويقول إن لم يعجبكم البيت اخرجوا منه واتركوه لأهله، فهذا بيتنا ونحن أولى به. lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©