السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرحيل

25 يناير 2006

الوطن صار سرادقاً كبيراً، ها هي الوجوه المحببة الأثيرة تختفي الواحد تلو الأخر·· وكأنها على موعد في مكان لا نعرفه وكأنها جميعاً سئمت عالمنا بعد أن صار للأرواح اللطيفة النورانية مكان لا يُطاق·· مثلما لا تطيق الأرواح النقية البقاء في الأجساد الفاسدة·· ليتركوا لنا جميعا الألم والحسرة لضياعهم وزخماً من الذكريات تكفي أن نبكي عمرنا فيهم وشبابنا في وحشتهم ويتم الكثير وانكسار الخاطر·
مات شقيق أمي الصغير شهيداً في حرب أكتوبر 1973 في مثل عمري وظلت أمي تبكي شهيدها كل عيد نصر حتى كبرت، وصار الحزن هو علامة حلول شهر أكتوبر·· وتعدت ذكراه الثلاثين عاما ولم تجف دموعها عليه بعد·· تعودت أنا أيضاً أن أبكيه كما أبكي أحبائي الذين سقطوا في الطريق إلى أن مات أبي·· وأصيب سكين الحزن في حياتي بالجنون·· صار يمزق عناوين الأمان ورموزه في حياتي بمنتهى القسوة·
هل هو غضب الله علينا أن نرى بعيوننا أفول جيل من العظماء وأن نتحسر حتى تنكوي قلوبنا على قلة حيلتنا تجاه الفراق·
يعايروننا في الغرب بأننا شعوب عاطفيون حكامنا آباء··
نعم نحن كذلك فالكبار هم سندنا في الطريق الوعر طريق الحياة··
يقولون في مصر 'اللي مالوش كبير بيشتري له كبيرا'·
وفي الحياة لا يوجد أقصى من الموت وقد ذقناه مرات واليوم نذوقه بالقنطار بالمرارة التي جلبها الفراق الأبدي·
ووجوهم الحبيبة التي لن تطل علينا مرة أخرى·
إنها الحقيقة الوحيدة في الحياة نعم·· أنه قضاء الله عز وجل وقدره ولا راد لقضائه·· ولكننا لفراقهم لمحزونون·
فاتن الحديدي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©