الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحافل العربية ضمت وطنيين وخونة

المحافل العربية ضمت وطنيين وخونة
13 نوفمبر 2008 02:43
بعد عهد محمد علي انتشرت المحافل الماسونية في مصر وانضم اليها وجهاء المجتمع ومن هؤلاء جمال الدين الافغاني والامام محمد عبده وعبدالله النديم واحمد عرابي ويعقوب صنوع وغيرهم· ومن الطرائف ان بطرس غالي كان ماسونيا بل ان الخديو محمد توفيق نفسه كان عضوا بالمحفل الماسوني منذ ان كان وليا للعهد، وحين توفى عام 1892 نعاه المحفل باعتباره احد الاعضاء النشطين· ويرصد الباحث ان الماسونية في تلك الفترة كانت تجتذب بعض ابناء الارستقراطية والنخبة المصرية وكذلك كان الحال في الشام، ذلك ان الانتماء للماسونية كان اقرب إلى الوجاهة الاجتماعية، ولذا لم يكن الكل منتميا للافكار وللمبادىء الماسونية وبعضهم دخلها وتركها منتقدا إياها كما فعل جمال الدين الافغاني وعبدالله النديم وكثير من المصريين حين وجدوا الدور المتواطئ الذي لعبه بعض الماسونيين الاجانب لمساندة احتلال بريطانيا لمصر، انصرفوا عنها واخذوا يحذرون الشباب منها· واتسعت التوقعات والاراء حول الماسونية ودوافع الانضمام اليها، مثلا الزعيم محمد فريد انضم الى المحفل الماسوني، بدافع وطني تماما فقد تبين له ان المحفل الماسوني في ايرلندا لعب دورا في مساندة النضال ضد الاحتلال البريطاني وتوقع فريد الشيء نفسه في مصر، لكن خاب توقعه، بل ان قادة المحفل كانوا قلقين من انضمامه· كتب كثيرة صدرت وتصدر عن الماسونية ونشاطها في المنطقة، وكثير من هذه الكتب يصدر عن عاطفة وحماس ديني أو أيديولوجي، انطلاقا من نظرية المؤامرة، وعيب هذه الكتب انها تفتقد المعلومات الموثقة والمدققة، وهذا التوثيق يتسم به الكتاب الذي اصدرته دار الكتب المصرية مؤخرا بعنوان ''الماسونية والماسون في مصر 1798 ـ ''1964 للباحث وائل الدسوقي والكتاب كان في الاصل رسالة ماجستير نوقشت في جامعة عين شمس· اختار الباحث عام 1798 بداية للبحث، باعتبار ان تلك السنة شهدت حملة نابليون على مصر، وقام نابليون بتأسيس اول محفل ماسوني في القاهرة، ضم عددا من علماء الحملة الفرنسية وضباطها· ويرى الباحث أن الماسونية كانت معروفة قبل ذلك بين بعض المصريين، لأن عددا من الرحالة الاوروبيين الذين كانوا يترددون على مصر منذ القرن السابع عشر الميلادي، كان بينهم بعض الماسونيين، ومن بين الباحثين من يرجع بالماسونية الى التاريخ القديم، ويذهب هؤلاء الى ان الماسونية عُرفت في الشرق منذ الحضارة الفرعونية والحضارة البابلية لكن الماسونية كانت تعني البناء والاهتمام بالعمارة فقط آنذاك· ويقرأ هؤلاء التاريخ كله باعتبار ان الماسونية كانت موجودة دائما، فاعتبروا الاب باخوم ابا الرهينة الديرية ماسونيا وان جامع احمد بن طولون في مصر، بناه مهندس ماسوني وهكذا· غير ان الباحث توقف عند مجيء بونابرت ثم محمد علي واسرته من بعده، ونلاحظ ان الخبراء والمهندسين الاجانب الذين استعان بهم محمد علي في مشاريعه يصنفون باعتبارهم ماسونيين والذي نعرفه ان هؤلاء كانوا ينتمون إلى جامعة السان سيمونيين· دور صهيوني وخصص الباحث فصلا موسعا للعلاقة بين اليهود وقادة الصهيونية والمحافل الماسونية، فقد لاحظ حرص اعضاء الجماعات الصهيونية من اليهود والاوروبيين والمصريين على الانخراط في المحافل الماسونية، وحاولوا توجيه تلك المحافل لمساندة الاهداف الصهيونية· وبلغ استخدام الصهاينة للماسونية ذروته في البيان الذي صدر بالقاهرة في 2 أبريل عام 1922 من المحفل الاكبر الوطني المصري للبنائين الاحرار بعنوان ''نداء إلى أهالي فلسطين باسم الحرية والاخاء والمساواة'' وطالب النداء اهالي فلسطين بأن يرحبوا باليهود المهاجرين إلى بلادهم وجاء فيه ''يا اهل فلسطين تذكروا ان اليهود هم اخوتكم وابناء عمومتكم ثم هم اليوم يطمحون للرجوع اليكم لفائدة وعظمة الوطن المشترك العام بما احرزوه من مال وما اكتسبوه من خبرة''· وفتح هذا البيان باب جهنم على المحفل الماسوني الاعظم، فقد قام ماسوني مصري بالرد على البيان في جريدة ''النظام'' وهي جريدة كانت متعاطفة مع الماسون، وكان محررها سيد علي بري الذي رد على ذلك النداء قائلا: ''الجمعية الماسونية جمعية خيرية تقوم على مبدأ مساعدة الضعفاء والمساكين والدفاع عن الحرية والانتصاف للمظلوم، ولم نكن نعرف انها جمعية سياسية تتدخل في أمور الشعوب وتتصرف في شؤونها، وتدعوها للاستسلام لمغتصبي حقوقها الا اليوم''· واصدر المحفل الماسوني في يافا بيانا للرد على بيان المحفل المصري جاء فيه ''لا نعلم فيما علمنا ان الماسونية التي بنيت على أسس مقاومة كل سلطة غاشمة تدعو الناس الى مقاومة تلك السلطة في بلد والاستسلام لها في بلد آخر''· ورغم ان بيان المحفل المصري لم يتحدث عن فكرة الوطن القومي لليهود في فلسطين بل تحدث عن العيش المشترك بين مختلف الديانات والاعراق، لكنه كان صادما للرأي العام في مصر، وهذا ما دفع المحفل المصري الى ان يصدر بيانا آخر في الخامس من مايو ،1922 للتوضيح وكان اعتذارا عن البيان السابق، وقالوا ان البيان أدى إلى ''سوء تفاهم يوجب الأسف'' واكدوا انهم لم يقصدوا ''مصادرة عواطف الفلسطينيين'' وان ما قصدوه هو أن يمر الاحتفال بمولد النبي موسى في هدوء· وتحدث البيان بوضوح عن الهجرات الصهيونية الى فلسطين بالقول: ''الصهيونيون الذين يفرون من الخارج ويستوطنون فلسطين، للفلسطينيين انفسهم حرية تامة في ان يحكموا اذا كانوا يقبلون ادماجهم في العنصر الفلسطيني من عدمه''· حل الجمعيات الضربة القاصمة التي تلقتها الماسونية في مصر كانت ايام حرب ،1948 حيث تبين انخراط عدد كبير من قادة الصهيونية بالمحافل، فربط المصريون بين الماسونية والصهيونية وهيجت الصحافة الرأي العام على الماسونيين، ولذا اضطرت المحافل الماسونية الى اصدار بيانات تندد فيها باسرائيل وبالصهيونية وما تقوم به في فلسطين· ومع قيام ثورة يوليو 1952 أعرب المحفل الماسوني عن تأييده للنظام الجديد، وتجاهلهم النظام ولم يكن هناك اي موقف منهم، خاصة انهم يصدرون البيانات للاشادة بما يحدث في مصر وينددون باسرائيل، ولكن في عام 1964 صدر قانون الجمعيات الاهلية في مصر والزم كل جمعية بأن ترسل محاضرها وميزانياتها الى وزارة الشؤون الاجتماعية، وان يحضر اجتماعاتها مندوب من الوزارة وان تتابع انتخاب جمعياتها العمومية وتعتمد نتائجها وتم تسجيل الجمعيات الماسونية بالوزارة غير إن الماسونية تقوم على ان اجتماعاتها سرية وكذلك ميزانياتها، ولذا لم تلتزم المحافل الماسونية بالقانون واصدرت د· حكمت ابوزيد وزيرة الشؤون الاجتماعية آنذاك قرارا في 15 أبريل 1964 بحل الجمعيات الماسونية بانحاء مصر، وثارت المحافل الماسونية العربية والغربية بسبب هذا القرار، لكن الوزيرة لم تتراجع وأدى القرار الى ان يتراجع النشاط الماسوني في العالم العربي كله وليس في مصر وحدها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©