الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: تيسير الزواج واجب شرعي لبناء الأسر على المودة والرحمة

العلماء: تيسير الزواج واجب شرعي لبناء الأسر على المودة والرحمة
29 يوليو 2010 20:56
أطلقت مجموعة من الشباب والشابات حملة على موقع الفيس بوك تهدف لتغيير عادات الزواج التي تحوِّل مشروع الزواج إلى عملية مرهقة مادياً ونفسياً. ولقيت الحملة تجاوب واستحسان الكثيرين الذين رأوا فيها أملاً في تغيير العادات الاجتماعية التي أصبحت من أكبر معوقات الزواج ومنها ارتفاع المهور وإجبار الشباب على شراء أشياء باهظة الثمن يستعمل معظمها للتباهي، مع أن الشريعة الإسلامية حثت على عدم المغالاة في مهور الزواج حيث قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه وإلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». «رابطة كارهي النيش» وقد أسس بعض الشباب رابطة اجتماعية تابعة لحملة تيسير الزواج على موقع الفيس بوك اسمها «رابطة كارهي النيش» والنيش في اللهجة المصرية كما عرفها أصحاب الموقع المتطلبات الكثيرة التي لا تلزم بيت الزوجية للعمل على خلق تيار اجتماعي راغب في تغيير العقلية العربية فيما يخص مشاريع الزواج. واقترح بعض الشباب المشارك في الحملة أن يكون شعار العريس والعروس «أنا النيش» ليقطع الطريق أمام الضغوط الاجتماعية والعادات الصارمة التي تمارسها العائلات والتي تجبر الشباب المقبل على الزواج على شراء أشياء غالية لا معنى لوجودها في بيت الزوجية. واقترح عدد من الشبان الذين تفاعلوا مع الحملة تطبيق فكرة يابانية جديدة في تشييد المباني وداخلها المقاعد والخزانة والسرير بالأسمنت لتوفير النفقات الضخمة التي يتحملها الشباب بعد نجاحهم بصعوبة في توفير مسكن الزوجية. وطالبوا بأهمية إنشاء صندوق وطني بكل دولة عربية تحت مسمى «إعفاف» لتيسير الزواج ومساعدة الشباب غير القادر والراغب في الزواج، على أن يبدأ بالأيتام ثم الأكبر سناً مع تقديم توعية مجتمعية بأخطار تأخر سن الزواج والعنوسة من خلال الندوات والمحاضرات. وأقام جروب «جوزونا» على «الفيس بوك» حملة بالاسم نفسه في مبادرة اجتماعية لتيسير الزواج والقضاء على العنوسة وتهدف الحملة إلى نشر ثقافة تيسير الزواج باستخدام كل الوسائل المتاحة من الملصقات الإعلانية والنشرات المطبوعة ومواقع ومنتديات الإنترنت والبرامج الإذاعية والتليفزيونية وفق قدرة كل طبقة أو شريحة مجتمعية من خلال الاستغناء عن الكماليات وقطع الأثاث غير الضرورية وبعض بنود الزواج التي تتسم بالإسراف والبذخ مثل إقامة الأفراح وليالي الحناء والتي لا أصل لها في الدين. اعتقاد خاطئ ويقول الدكتور منتصر مجاهد ـ أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة قناة السويس ـ إن الكثير من الشباب في سن الزواج يرغب في إنشاء بيت في طاعة الله ويخاف هذا الأمر ويعتقد أنه لا يستطيع الزواج، لأنه لا يملك تكاليفه وهذا اعتقاد خاطئ، بل يجب على كل شاب مقدم على الزواج أن يؤمن بأن الله يعين الشاب على العفاف إذا كانت نيته خالصة لله- سبحانه وتعالى- عبادة وطاعة وقال تعالى: «وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم» سورة النور آية 32، وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف: «ثلاثة حق على الله عونهم، المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف». والاعتقاد بأن السعادة الزوجية في تقوى الله وليست في المال. والالتزام بالقيم الإيمانية والأخلاق الفاضلة والسلوك المستقيم، من أساسيات بناء البيت السعيد وأن المتاح وسيلة لذلك، وخير زاد لتحقيق السكينة والمودة والرحمة هو التقوى وقال الله تعالى: «وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب» سورة البقرة -آية 197. وأضاف أن تيسير الزواج يحقق البركة، قال تعالى: «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» سورة البقرة 185. وبين رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن البركة في تيسير الزواج فقال: «إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة» لذلك يجب على الآباء أن يكونوا ميسرين وغير معسرين. مع تجنب البدع والضلالات والعادات والتقاليد والأعراف الشائعة التي ليس لها دليل من الكتاب والسنة، لأنها أحياناً تجعل الزواج عسيراً وتسبب المشكلات بين الأسر وتكون وراء إفشال الزواج. ويطالب الدكتور محمد نبيل غنايم ـ رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة ـ كل فتاة مسلمة أن تساهم في حل مشكلة تكاليف الزواج بأن تكون عاملاً مساعداً في تيسير الزواج وتسهيله لأن كثيراً من الأسر تطلب مهراً غالياً وثياباً وذهباً ومنزلاً في منطقة راقية وقد يصل الأمر إلى إلزام الزوج في بعض المجتمعات بإحضار خادمة لزوجته مع عدم مقدرته على ذلك. وقال: ينبغي أن تكون الفتاة المسلمة المتدينة عاقلة فتقنع أهلها بأنه لا داعي لكل هذه الطلبات وأنها لا تريد هذا المهر الباهظ ولا هذه الكمية من الذهب ولا كل هذه الثياب، خصوصاً إذا كان الزوج ليس بمستطيع ولا مقتدر بل إنه سيستدين لأجل الوفاء بهذه الطلبات. ولا بد أن تكون الفتاة عاملاً مساعداً في تيسير الزواج، وإذا ضغط الأهل عليها وصمموا على هذه الطلبات توافق ظاهرياً وبعد الزواج تتنازل لزوجها عن أشياء مما غرمه من الديون ودفعه إليها فيرد بها دينه وهذا من العقل والحكمة. وينبغي على الفتاة المسلمة أن تشغل نفسها بدعاء الله أن يرزقها زوجاً صالحاً فتلك عبادة بدلاً من أن تضيع الوقت في الجري وراء الأوهام التي تسوقها الفضائيات ووراء هؤلاء الذين يلعبون على وتر حاجة النساء والرجال للزواج، امتثالاً لقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الحديث النبوي الشريف: «إذا أتاكم من ترضون عنه دينه وأمانته فزوجوه». وفي الحديث: « أن امرأة جاءت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فعرضت نفسها ليتزوجها المصطفى صلى الله عليه وسلم فأعرض عنها فأتى رجل فخطبها فقال عليه الصلاة والسلام: أعندك شيء؟ قال: لا قال: التمس ولو خاتماً من حديد، فذهب فلم يجد شيئاً فقال: أعندك شيء من القرآن؟ قال: نعم قال: ماذا عندك؟ قال: سورة البقرة قال: زوجتك إياها بما معك من القرآن». منح مالية ويقول الدكتور حلمي عبدالرؤوف ـ أستاذ الفقه بجامعة الأزهر ـ لماذا نعسر ونعقد أمور الزواج من غلاء للمهور وكثرة الشروط المعقدة والتي لم يرد بها شرع ولا يقرها عقل؟ فالزواج يحقق المتعة والراحة وجاء في الحديث النبوي الشريف قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة» فالصلاح شرط في المرأة حتى يسعد بها الرجل، كما أن الخلق والدين شرط في الرجل حتى تسعد به المرأة والزواج جاءت به الرسالات السماوية وأيدته الفطرة السليمة ودعا إليه العلماء والوعاظ وشجعه الآباء والأمهات. والزواج يجلب السرور إلى الزوجين وغيرهما. وطالب بالعمل الجاد للحد من ظاهرة غلاء المهور وتيسيرها ومراقبة الله عز وجل في ذلك. وتقليل مطالب الزواج ونفقاته وتسهيل تكاليف الاحتفال بالزواج وعدم المبالغة فيها وإعانة الشباب مادياً من خلال منح مالية أو قروض خاصة بالزواج عن طريق المؤسسات الخيرية والصناديق الخاصة بذلك كما هو موجود في بعض الدول العربية مثل دولة الإمارات مع دراسة أحوال الشباب غير القادرين على الزواج من أجل الوصول إلى الحل المناسب وإعانتهم في هذا الجانب. والعمل على إيجاد مشاريع خيرية خاصة بالزواج ودعمها بكل وسائل الدعم المطلوبة. تجنب الإسراف والتبذير أكد الدكتور أحمد محمود كريمة ـ أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر ـ أهمية الالتزام بفقه الأولويات في نفقات الزواج وهي الضروريات التي من دونها يصعب قيام الأسرة، ثم بعد ذلك الحاجيات التي من دونها تكون الحياة في البيت شاقة مع مراعاة الاعتدال فهو قوام التيسير امتثالا لقوله تعالى: «والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما» سورة الفرقان آية 67. وقال الرسول- صلى الله عليه وسلم-: «ما عال من اقتصد». وأضاف: يجب على الشباب المقبل على الزواج الالتزام بفقه الأولويات لييسر الله عليهم شؤون حياتهم وتجنب الإسراف والتبذير والبذخ والمظهرية لإرضاء الناس، فهذا من مسالك الشيطان الذي يدعو أصحابه ليكونوا من أصحاب السعير، فقد قال سبحانه وتعالى:» إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير « سورة فاطر آية 7، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أرضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس» فعلى الزوجين اختيار طريق الحق ولو كثر الضالون، وأن يدركوا أن إرضاء الله أحق من إرضاء الناس وهو أحق أن يتبع.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©