الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نفط كردستان... اختبار لوحدة العراق

نفط كردستان... اختبار لوحدة العراق
12 مايو 2012
في أربيل عاصمة إقليم كردستان، يرحب مطار دولي رائع جديد بالزائرين لهذا الجزء من العراق الذي يحاول بشكل متزايد الاعتماد على نفسه، وسط أسئلة عديدة حول ما إذا كان العراق الموحد سيتمكن من الاستمرار أم أن مآله الإنقسام. بخلاف الوضع في مطار بغداد، فإن الزوار الأجانب الذين يهبطون في مطار أربيل في أي رحلة من رحلات الطيران المتزايدة عدداً باستمرار، ليسوا بحاجة لتأشيرة دخول مسبقة، وهو ما يمثل علامة من ضمن علامات عديدة على مدى الاستقلال الذي يتمتع به الإقليم، الذي يعتبر أكثر أقاليم العراق ازدهاراً وأمناً. وحقول النفط المكتشفة حديثاً في الإقليم، هي التي تمول الرخاء الذي يتمتع به الإقليم، وهي التي تبرز جسارة قادة الإقليم، ولكنها هي أيضاً التي كانت سبباً من أسباب التوتر المتزايد في العلاقة مع بغداد، وهو توتر تعود جذوره إلى عقود مضت، وكان يدور في الأساس حول مسألتي الأرض والهوية. وفي الوقت الذي يقوم فيه إقليم كردستان، بزيادة إنتاجه من النفط الذي يقول مسؤولوه إنه يمكن أن يفوق إنتاج ليبيا بحلول عام 2019، فإن قادته يسعون للمطالبة بالاستقلال عن العراق، إذا لم يتم حل النزاعات حول عوائد النفط، وحول موضوع تقاسم السلطة مع بغداد. حول هذه المسألة قال مسعود برزاني الرئيس القوي لإقليم كردستان العراق في خطاب ألقاه في أربيل الجمعة الماضية:" إن الأكراد لن يقبلوا بالعيش في ظلال نظام ديكتاتوري"، وأضاف "حقنا في تقرير مصيرنا هو حق مشروع، ونحن نطلب من الآخرين ألا يحاولوا انتزاع هذا الحق منا". وكان دعم الأكراد منذ عامين لائتلاف المالكي ضرورياً للغاية لبقاء رئيس الوزراء الشيعي في منصبه، بعد أن فشل في تأمين الأغلبية اللازمة من المقاعد، نتيجة لحلوله في المرتبة الثانية في الانتخابات التي جرت في العراق في مارس 2010. ومنذ ذلك الحين لم يتم تنفيذ اتفاقية تقاسم السلطة التي ضمت الأكراد، والكتلة السُنية الرئيسية (العراقية) التي احتلت المرتبة الأولى في الانتخابات. وبعد مرور تسع سنوات على الإطاحة بنظام صدام، هناك أقاليم أخرى في العراق- مثل إقليم جنوب العراق الذي لم يستفد سوى استفادة ضئيلة من مخزوناته الهائلة من النفط، تحاول الآن الضغط من أجل الحصول على المزيد من السيطرة على مقدراتها. ففي هذا السياق قام بعض مسؤولي السلطات المحلية في محافظتي البصرة وديالى، برفع سقف مطالبهم مؤخراً لحد التلميح بالمطالبة بالحكم الذاتي. وبرزاني الذي برز إلى جنب "المالكي" رئيس وزراء العراق كأقوى شخصيتين سياسيتين في البلاد حذر من أن الأكراد قد يلجأون لـ"قرارات أخرى" إذا لم يعمل المالكي على تنفيذ اتفاقية تقاسم السلطة المشار إليها أعلاه. وينظر لتعهد برزاني في هذا الشأن، على أنه تهديد مبطن بأن الإقليم سيسعى للمطالبة بالاستقلال. وكان أرث حملات صدام الدموية ضد إقليم كردستان في عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، هو الذي أجج مجدداً المخاوف الكردية من احتمال أن تقوم الحكومة المركزية التي تتمتع بسلطات مطلقة بتشكيل تهديد للإقليم، خصوصاً على ضوء ما يراه من سعي مستمر من قبل رئيس الوزراء المالكي الدائم لمراكمة سلطات متزايدة بين يديه. وقد ازدادت هذه المخاوف تفاقماً بعد انسحاب القوات الأميركية، التي كانت تشكل عازلاً واقياً بين بغداد وأربيل. وعلى الرغم من أن القادة الأكراد يصرون على أنهم لن يسعوا لتقسيم العراق وتفتيته، فإن بعضهم يبدو مستعداً لمواجهة احتمال أن يؤدي التوتر المتزايد بين السُنة والشيعة إلى انقسام البلد من تلقاء نفسه. والعامل الذي أجج هذا التوتر في الآونة الأخيرة، هو ذلك القرار الخاص بالقبض على نائب رئيس الجمهورية (السُني) طارق الهاشمي على خلفية تهم بالتورط في أعمال إرهاب، مما دفعه للهرب واللجوء لإقليم كردستان الذي سمحت له حكومته فيما بعد بالمغادرة للقيام بزيارات لعدد من الدول انتهت بتركيا، وذلك على الرغم من قرار حظر السفر الصادر بشأنه من السلطات القضائية في بغداد، التي تحاكمه غيابياً في الوقت الراهن. وكانت معارضة تركيا لمحاولات استقلال إقليم كردستان سبباً من ضمن الأسباب التي كانت تدفع قادة الإقليم لعدم الضغط بقوة من أجل ذلك الاستقلال. ولكن التوتر الأخير في العلاقات بين أنقرة وبغداد، بشأن اتهامات وجهتها السلطات العراقية لتركيا بالتدخل في شؤونها الداخلية، أدى إلى حدوث تحسين دراماتيكي في العلاقات بين أنقرة وأربيل. في هذا الإطار، أدلى ساسة أكراد بتصريحات مؤخراً مفادها أنهم يناقشون مع تركيا خططاً لبناء خط أنابيب لنقل النفط الخام والغاز الطبيعي مباشرة من أربيل إليها. ولكن "طالباني" الذي استضاف- بصفته رئيساً للعراق- مؤتمر القمة العربية الذي عقد في بغداد أواخر مارس الماضي لأول مرة منذ عشرين عاماً، يذهب للقول إنه من غير المنطقي أن يلح الأكراد في طلب الاستقلال في الوقت الراهن- على الرغم من مطالبة الأجيال الأصغر سناً بذلك. ولكن المسألة بالنسبة لأكراد العراق كما يبدو هي ما إذا كان الاستقلال الذاتي الذي حصلوا عليه يعد كافياً، أم أن الأمر يستدعي منهم السعي للحصول على المزيد، وهو ما قد يعرضهم لخطر فقدان ما حصلوا عليه بالفعل. يعبر "قباد طالباني" ممثل حكومة إقليم كردستان في واشنطن ونجل الرئيس جلال طالباني عن ذلك بقوله"إن المشكلة التي يصطرع معها الأكراد بشكل عام، هي محاولة الموائمة بين ما تقوله لهم قلوبهم وما تقوله لهم عقولهم". جين عرّاف أربيل - العراق ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©