الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرازيل.. وكبح الفساد السياسي

26 سبتمبر 2016 22:53
في محاولتها لمنع الشركات من الهيمنة على الساحة السياسية عقب فضيحة فساد ضخمة، ربما تخدم البرازيل دون قصد الجريمة المنظمة ورجال الدين والمشاهير في الانتخابات البلدية الوطنية الشهر المقبل. وحظرت المحكمة العليا في سبتمبر من العام الماضي تبرعات الشركات للحملات للانتخابية التي تُدشنها الأحزاب السياسية والمرشحون، وسمحت فقط بمساهمات من الأفراد بحد أقصى 10 في المئة من دخولهم التي يدفعون ضرائبها. وقد أثنى البعض في حينه على هذا القرار باعتباره محاولة حقيقية لتنظيف الساحة السياسية البرازيلية من الممارسات الفاسدة في أعقاب الكشف عن تقديم بعض الشركات رشى للسياسيين. وأول اختبار للحكم هو حملة الانتخابات البلدية المرتقبة في الثاني من أكتوبر، والتي سيختار فيها البرازيليون في أنحاء دولتهم عُمد ومستشاري المدن. غير أن القرار ربما يضر أكثر مما ينفع، لأنه يصب في مصلحة المرشحين الذين يحصلون بالفعل على مبالغ كبيرة من المال بوسائل غير مشروعة في بعض الحالات، مثلما يشير «ثياجو دي أراجاو»، المحلل لدى مجموعة «أركو أدفايس» للاستشارات السياسية. وأوضح «أراجاو» أن «الجريمة المنظمة لديها كثير من الأموال، ولكن ليست لديها طرق كثيرة لغسل هذه الأموال، ولذا فمن الممكن أن يقدم مهرب مخدرات المال إلى أحد المرشحين في مقابل منحه عقوداً تجارية حال انتخابه». وعلى رغم الشكوك التي تُخيم حول تأثير القانون، فإن «أراجاو» أكد أنه يتفق مع حكم المحكمة العليا. ويتوقع أن المرشحين سيحتاجون إلى دورة انتخابية أخرى على الأقل كي تتكيف حملاتهم الانتخابية مع الواقع الجديد، الذي تعاني فيه من قلة الأموال المشروعة. ويزعم المدافعون عن الحكم أنه من الضروري إخراج الشركات من المعادلة السياسية، خصوصاً بعد تحقيق الفساد الشامل الذي كشف أدلة على تمويل شركات كبرى للحملات الانتخابية بملايين الريالات البرازيلية. وأشارت بيانات من محكمة الانتخابات العليا في البرازيل إلى أن الحكم سيكون له تأثير كبير خلال العام الجاري، إذ تراجع إجمالي حجم التمويل المعلن بالفعل بمقدار 61 في المئة خلال الدورة الحالية، مقارنة بالانتخابات البلدية في العام 2012. وقال «ماركوس فينكوس فوراتدو كولهو»، رئيس نقابة المحامين آنذاك بعيد الإدلاء بالحكم: «من الآن فصاعداً، سيكون منح التفويض السياسي من قبل الناخبين، وسيكون على الشركات تكريس نفسها بشكل كامل لما تعرفه بشكل أفضل: توفير فرص العمل للسكان». لكن في دلالة على أن بعض المرشحين يجدون سبلاً للالتفاف على القانون، أعلنت المحكمة العليا للانتخابات في البرازيل عن إجراء تحقيق في تبرعات تقدر بنحو خمسة ملايين دولار من أفراد يحصلون على إعانات من برنامج الرفاهية الاجتماعية، التي تستهدف الفئة الأفقر في المجتمع. وقد أعرب وزير الشفافية في البرازيل «توركواتو جارديم» عن مخاوف بشأن تأثير الجريمة المنظمة في انتخابات العام الجاري. وبدوره أكد وزير العدل «جليمار مينديز»، الذي صوت ضد الحكم في 2015، ورئيس محكمة الانتخابات، أن هناك أدلة على مساعدة مجرمين في تمويل الحملات الانتخابية وتخويف السياسيين المنافسين. وشكك الوزير «جارديم» في جدوى حظر تمويل الشركات للحملات الانتخابية قائلاً: «إن الجريمة المنظمة لن تبقى خارج العملية الانتخابية، والآن لديها حافز أكبر لتمويل المرشحين». ويلجأ بعض المرشحين، الذين يعانون نقص التمويل إلى استخدام أساليب رخيصة وأفعال مثيرة للانتباه بهدف جذب الاهتمام الإعلامي المجاني. وقد ارتدى بعضهم ملابس الأبطال الخارقين لجذب الناخبين، وترشح بعضهم بأسماء مثل «باتمان» و«روبين». ويستفيد أيضاً رجال الدين والمشاهير، ممن لديهم متابعون كُثُر من الجمهور، ولديهم قدرة الحصول على أموال. وأحد كبار المرشحين في ساو باولو رجل أعمال ثري، صنع اسمه من خلال النسخة البرازيلية من برنامج «ذي أبرينتايس» أو (المبتدئ) الذي اشتهر بتقديم نسخته الأميركية المرشح «الجمهوري» دونالد ترامب. * محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©