السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتكار كأس العالم والأولمبياد

احتكار كأس العالم والأولمبياد
20 يونيو 2018 22:17
لا يلتقي العالم في مكان واحد، ولا تكاد تجتمع الأمم والشعوب إلا في المسابقات الرياضية الكبرى التي تقام في بقعة ما على الكرة الأرضية كل سنتين أو أربع سنوات، وهو التوقيت الزمني الذي يعلن انطلاق كأس العالم والأولمبياد والبطولات القارية ككأس أمم أوروبا وأفريقيا وآسيا، والسبب يكمن في ما تخلقه خلافات السياسة من صراعات بين البشرية، فقد صنعت أحياناً الدم والدمار وخلفت وراءها الطائفية والعنصرية والظواهر غير الإيجابية التي تنشر الحقد والكراهية والتعصب، ولكن الرياضة تصلح ويلات وكوارث السياسة فهي تغلق أبواب سوء التفاهم، وتوصد نوافذ الفتن. ولكن مع تطور الحضارة وتغلغل مشكلات السياسة ورأس المال فيها أصبحت التظاهرات الرياضية الضخمة عرضة للهجمات، وأحد المنافذ التي قد يتم استغلالها لزعزعة قيم ومبادئ السلام العالمي. فكأس العالم وغيرها من التجمعات الرياضية التي تحظى بصفة العالمية أصبحت أحياناً حلبة مفتوحة للاحتكار، فالجهات الكروية والأولمبية العالمية الرسمية تسيطر وتهيمن على حقوق نقل مباريات ومنافسات أي بطولة تخرج من تحت جلبابها، وتعقد صفقات مع عدة شركات ومؤسسات محددة لبث وقائعها، وبهذا يمكن أن تفقد الرياضة بريقها الإنساني، وتقع مفاهيم الخير والسلام في مستنقع المال وتحيزات السياسة. فمن يملك المال يمكنه الاشتراك في القنوات المخصصة لبث مشاهد الأعراس الرياضية العالمية، ومن لا يملك ثمن الخبز سيكون ضرباً من الجنون أن يفكر أو يحلم بمتابعة ما يحصل على الجانب الآخر من الكرة الأرضية. وهذا تضارب واضح في مفاهيم دستور الاتحاد الدولي لكرة القدم واللجنة الأولمبية الدولية وشعاراتهما الداعية إلى نشر المحبة والوئام بين جميع أطياف المجتمع الإنساني، فبينما تنقل شاشات المحطات الفضائية أحداث العنف وحوادث البيئة والمناخ ومظاهرات الاحتجاج في بعض بقاع الأرض على سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والصحية، وإرهاق عقل وقلب المواطن العالمي بصور القتل والحرق والمجاعة والمرض بشكل مجاني دون اشتراك مدفوع الثمن وبلا مقابل مالي، تكون حصة الترفيه والمتعة والتسلية مشفرة ومحصورة بنطاق ضيق من البيانات الإلكترونية التي لا يمكن تفكيكها إلا بدفع المال. فالاحتكار انتشر على صعيد عالمي في كثير من مجالات الحياة بداية بلقمة العيش وصولاً إلى المجال الرياضي الذي كان يقدم خدماته مجاناً عبر شبكات العالم المفتوحة في العقود الماضية، ولكن الحاضر الراهن الذي تعيشه المجتمعات البشرية قضى على هذه الفسحة الإنسانية القصيرة والمجانية، وجعلها تدخل دائرة احتكار الرأسمالية العالمية. ايفان علي عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©