الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كسر القصب.. والسكّر المُر

20 يونيو 2018 22:15
«كسر القصب» كان حدثاً اجتماعياً مهماً في حياة أهل صعيد مصر ولا يزال، وإن اختلفت الأمور نسبياً الآن عن السابق. وهو يعني بداية حصد محصول القصب، وليس كسر الأعواد فقط! وفيما يلي لمحات عن هذا الموسم: - إن أعواد القصب هذه التي يُستخرج منها السكر في المصانع، ويراها الناس في مختلف مدن مصر ويستمتعون بعصيرها، تخفي خلفها كثيراً من الجد والكدِّ، وبلا مبالغة، أحياناً كثيراً من المرارة. - وبالرغم من هذا يعتبرها أهل الصعيد ثماراً، كحبَّات الفاكهة، لأنها نهاية شهور من التعب في زراعة القصب، تنتهي عادة ببيع المحصول لشركة السكر بمقابل قد لا يكفي كل ضرورات الحياة. - وتزرع محافظات صعيد مصر 300 ألف فدان قصب منها 105 آلاف لمحافظة قنا وحدها، و80 ألفاً للأقصر، و65 ألفاً في أسوان، و70 ألف فدان بين سوهاج والمنيا. - و«كسر القصب» يبدأ دائماً في شهر يناير بإعلان «شركة السكر» افتتاح الموسم والسماح للمزارعين ببدء الكسر. وهو يتم بكثير من التخطيط والدقة، حيث يتم بالتوالي حسب الموقع الجغرافي لتفادي المشاكل والخلافات، ولتتمكن الشركة من استيعاب المحصول تدريجياً. وكان منطلقاً لفرح عام في القرى، لأنه يتيح فرص عمل للجميع، وينتظره كثيرون من الموسم إلى الموسم. وهو فرصة اجتماعية لعودة أبناء القرى المرتحلين خلف الرزق إلى ذويهم واستقرارهم بينهم لأكثر من ثلاثة أشهر، حتى لو قضوها كلها في العمل المجهد. - ويبدأ الموسم بتشكيل فرق «الرغَابَة» الذين يتولون العمل في الحقول، ويبدؤون تحركهم مع أذان الفجر، حيث ينتظرهم صاحب القصب ليتولى قيادتهم، ويحدد لهم الكمية المطلوب كسرها، والموقع، ومراحل العمل، وحين يعلن لحظة البدء ينهمكون في قطع القصب بـ«القَادُوم» الذي يشبه الفأس الصغيرة، وبعد إنجازهم القطع يفصلون أوراق القصب عن الأعواد وتسمى «القلاويح»، وينظفونها من الورق الجاف «العفش»، ويرصونها في أكوام منتظمة. - ثم يتقدم «الجَمَّالة» ويُبركون جِمالهم بجانب أكوام القصب ويُحَمّلُون «بِشَل القصب» -جمع بِشْلَة وهي المجموعة في رباط واحد- على جانبي ظهورها بالتساوي حتى لا يتأذى الجمل من ميل «العَرْشْ» المثبت على ظهره، والذي يُربط إليه القصب. وتنقله الجِمال إلى عربات السكة الحديد الخاصة بشركة القصب والمتغلغلة في حقول القصب، ويتم تنسيق القصب بنظام بجوار العربات. - ويرفع «الشحَّانَة» تباعاً «بشل القصب» على أكتافهم ويرصُّونها في العربات، لتحملها إلى مصنع السكر. - وبعد خلو الحقل من قصبه، يختار صاحبه يوماً خالياً من الرياح ليبدأ مرحلة القطيعة أي تطهير حقله من «العفش» وحرقه في مربع بمنتصف الغيط ويتوزع على جوانبه بعض الرجال قبل إشعال النيران ليمنعوا انتقالها إلى الجوار. - وبانتهاء «كسر القصب» يذهب النساء والأطفال بأعداد كبيرة إلى الحقول لجمع غنائم «الكَعْرُوب»، أي جذور أعواد القصب لاستخدامها في التدفئة أو وقوداً لـ«الكوانين». وكانت لـ«الكعروب» في أيام الأجداد أهمية اقتصادية، كوقود لطهي الطعام، والتدفئة في شهور البرد، حيث يجتمع حول ناره أفراد العائلات وتحلو الحكايات والذكريات. ولكن أهميته تراجعت مع انتشار البوتاجاز والدفايات، وانعدمت مع الأجيال الحالية، وإن كان البعض أيضاً لا يزالون يجمعونه في حنين دفين لأيام رحلت بلا عودة. عمرو أبوالعطا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©