الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا... والحوار الأميركي الروسي

12 مايو 2013 22:19
ويل إينجلند موسكو على رغم استمرار الفتور في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، إلا أن البلدين أخذا على الأقل يتحدثان مع بعضهما بعضاً بشكل أكثر هذه الأيام. ومع قدوم كل من وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت مولر إلى هنا الأسبوع الماضي من أجل إجراء مباحثات مهمة، يبدو أن المسؤولين الروس قد استعاروا نقطة حوار من إدارة أوباما: فمع أنه لا أحد يستعمل كلمة «إعادة ضبط العلاقة»، وهي صيغة شهيرة استخدمتها إدارة أوباما، إلا أن الكريملن أخذ يروج لفكرة أن روسيا والولايات المتحدة تستطيعان السعي لتحقيق تعاون مثمر في المجالات التي تلتقي فيها مصالحهما، والاتفاق على عدم الاتفاق حول مسائل أخرى. غير أن نطاق هذا التعاون قد يكون غير معروف. ذلك أنه إذا كان مسؤول من وزارة الخارجية الأميركية قد أشاد بالمساعدة الروسية «اللوجستية» بخصوص الترتيب لقدوم عملاء الـ«إف بي آي» الذين يحققون في تفجيرات بوسطن وقيامهم بتحريات هنا، فإن كلا الجانبين ما زالا حذرين فيما يتعلق بجوهر تقاسم المعلومات. وبالمثل، فحول موضوع سوريا انتهت زيارة كيري بتعهد من قبل الولايات المتحدة وروسيا برعاية مؤتمر جديد للسلام في غضون شهر. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في هذا الإطار إن وكالات الاستخبارات الروسية والأميركية ستنسق جهودها في محاولة لتحديد ما إن كانت أسلحة كيمياوية قد استُعملت في سوريا -ومن قبل مَن. ولكن على رغم أن البلدين يحاولان على ما يبدو التوصل إلى تسوية للأزمة السورية -يذكر هنا أن السفير الأميركي إلى سوريا روبرت فورد شارك في محادثات موسكو- إلا أنهما ما زالا مختلفين بشكل جوهري حول شرعية حكومة دمشق. ومع ذلك، فإن زيارة كيري إلى هنا يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، التي شملت لقاءات مع لافروف والرئيس فلاديمير بوتين، لقيت ترحيباً جيداً من قبل مضيفيه. وقال لافروف لاحقاً إن روسيا والولايات المتحدة لديهما بعض المصالح المشتركة التي يستطيع وينبغي أن يشتغل عليها البلدان معاً -وإن ذلك لا يقتصر على جهود محاربة الإرهاب فقط ولكنه يشمل أيضاً المبادرات ضد تهريب المخدرات والجريمة المنظمة. وفي هذا السياق، كتب السفير الأميركي مايكل ماكفول على مدونته يقول: «إن زيارة الوزير كيري أظهرت أن 2013 يمكن أن تنتج مساراً مثمراً أكثر في علاقاتنا الثنائية». يشار هنا إلى أنه خلال الـ17 شهراً الماضية، أي منذ أن بدأ بوتين حملته للانتخابات الرئاسية، صوَّر هذا الأخير الولايات المتحدة كراعية للفوضى والاضطراب في روسيا وكتهديد للأمن الروسي. وقد تدهورت العلاقات مع واشنطن بشكل مطرد في وقت حظر فيه كل بلد مجموعة من المسؤولين من البلد الآخر، ومُنع تبني الأميركيين لليتامى الروس، ورُفضت مساعدات أميركية في مجموعة من القضايا. كما قامت روسيا مراراً وتكراراً بعرقلة جهود للولايات المتحدة وبلدان أخرى لاستعمال الأمم المتحدة لحل النزاع في سوريا. والواقع أن كلا الجانبين يعزوان التغير الملحوظ في النبرة إلى 15 أبريل الماضي عندما سلم توم دونيلون، مستشار الرئيس أوباما للأمن، رسالة من هذا الأخير إلى بوتين، تقترح طرقاً لإعادة العلاقات إلى مسارها. ثم وعد الكريملن بسرعة الرد على ذلك بالمثل. ولكن في ذلك اليوم نفسه، وبعد بضع ساعات على ذلك، انفجرت القنبلتان في بوسطن. وعندما أصبحت العلاقة مع الاضطرابات في منطقة شمال القوقاز الروسية واضحة، كان لدى الأجهزة الأمنية لكلا البلدين سبب قوي لفتح خطوط التواصل بينها، على الأقل. غير أن كل هذا يحدث تحديداً في وقت يبدو فيه أن الحكومة الروسية نفسها ربما تشهد تحولاً خطيراً، في اتجاه ليس واضحاً تماماً. فقد أُرغم فلاديسلاف سوركوف، نائب رئيس الوزراء الذي كان المستشار الإيديولوجي الرئيسي لبوتين في وقت من الأوقات، على الاستقالة من منصبه يوم الأربعاء في ما يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره أخطر خطوة حتى الآن من قبل بوتين ضد حليفه السابق رئيس الوزراء دميتري ميدفيديف. وكان بوتين، الذي كشف عن عدم احترام لميدفيديف منذ مطلع هذه السنة، قد انتقد حكومة ميدفيديف بشدة خلال اليوم الذي سبق استقالة سوركوف بسبب عجزها عن تنفيذ المشاريع. يذكر أن سوركوف هو الذي نحت، عندما كان مرضياً عنه، مصطلح «الديمقراطية السيادية» كوصف لنظام السيطرة الذي يمارسه بوتين من القمة إلى القاعدة. ولكن مكانته سرعان ما هبطت خلال الاحتجاجات السياسية التي اندلعت العام الماضي؛ كما أنه دخل مؤخراً في نزاع علني مع رئيس التحقيقات الجنائية في البلاد بسبب ادعاءات بالفساد في مركز جديد للتكنولوجيا العالية يدعى سكولكوفو -ويعتبر من بين المشاريع العزيزة على ميدفيديف. ويسلط خروج سوركوف الضوء على انقسامات علنية داخل دائرة الحكم الروسية، وهو أمر لم يكن من الممكن تخيل حدوثه حتى الأمس القريب. وفي يوم الخميس أعلنت الحكومة أن خلفه هو سيرجي بريخودكو، الذي كان على مدى 16 عاماً كبير مستشاري السياسة الخارجية في الكريملن. ولكن بعض زعماء المعارضة، الذين كانوا ينتقدون سوركوف في الماضي باعتباره ناشراً للدعاية، عبَّروا عن مخاوف من أن يكون خلعه مؤشراً على أن متشددين -من الجيش والشرطة وجهاز الأمن الفيدرالي- قد أضحوا يتمتعون باليد الطولى في البلاد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©