الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مادلين تلقي شباك الأمل في بحر غزة

مادلين تلقي شباك الأمل في بحر غزة
28 يوليو 2010 23:22
في كل صباح تلقي مادلين شبكة الصيد من على متن قاربها الصغير في عمق بحر غزة، لتكون أول فتاة تحترف صيد الأسماك في القطاع لتشارك في إعالة عائلتها الفقيرة. وفي حوالي السادسة صباحاً من كل يوم تستقل مادلين كلاب (16 عاماً) برفقة شقيقتها ريم (13 عاماً) وشقيقها كايد (14 عاماً) قارباً صغيراً (حسكة) قاصدة الصيد على مسافة كيلومترين من الشاطئ في منطقة السودانية شمال غزة، حيث تلقي شباكها وتغطس في الماء مراراً لتراقب صيدها. وتحرص الفتاة النحيفة وطويلة القامة على غطاء الرأس وارتداء بنطلون جينز وفانيلا (تي شيرت) أثناء السباحة والصيد في إطار تقاليد أسرتها وليس "خوفاً من حكومة حماس" كما تقول. ولا خيار بالنسبة لمادلين ذات العينين الواسعتين والابتسامة العريضة سوى الصيد وتتساءل "كيف يمكن أن نعيش من دون صيد الأسماك ؟ أبي أصيب بشلل في القدمين ولا يقدر على العمل.. الحياة قاسية تفرض على فتاة مثلي العمل في الصيد رغم خطورته "وتتابع "لكني سعيدة لمساعدة أسرتي". وتأمل مادلين التي أنهت للتو تدريباً في مركز اتحاد الكنائس بغزة لتصبح مصممة أزياء والحصول على "وظيفة لتستريح من الصيد رغم أنها تعشق البحر". ولا تستطيع قوارب الصيد الصغيرة الابتعاد أكثر من كيلومترين عن الشاطئ، في حين تتعرض قوارب الصيد الكبيرة لمطاردات متكررة من القوات الإسرائيلية كلما ابتعدت أكثر عن الشاطئ. ويعاني صيادو غزة البالغ عددهم نحو 3000 صياد انحساراً كبيراً في مهنتهم بسبب الحصار الإسرائيلي وشح الامكانات. وفي خيمة صغيرة مغطى سقفها بسعف النخيل تنتصب فوق تلة رملية على الشاطئ تنشغل ريم بانتزاع أسماك مختلفة من بين ثنايا خيوط الشبكة الصغيرة وتجمعها في إناء، قبل بيعها أو إرسالها إلى البيت لتكون غذاءً للعائلة. ويصل متوسط صيد الفتاتين وشقيقهما إلى نحو ثلاثة كيلوجرامات من الأسماك يومياً تباع بـ30 شيكلاً (حوالي 8 دولارات). ويشرح محمد كلاب (52 عاما) المتحدرة عائلته من قرية حمامة الساحلية قرب مدينة المجدل (اشكلون) والذي توارث مهنة الصيد عن أبيه وأجداده، معاناته عندما أصيب بشلل أقعده عن الصيد قبل عشر سنوات "علمت ابنتي مادلين وريم السباحة والصيد ليعتمدا على نفسيهما.. أولويتي كانت إكمال تعليمهما لكن ما باليد حيلة". وتعمل مادلين وريم أربع ساعات يومياً في الصيد صباحاً وأحياناً لساعة في المساء. وتوضح ريم وهي متفوقة في الدراسة "أعمل لساعة أو ساعتين ثم أتوجه إلى مدرستي.. دائماً أجهز ملابسي وحقيبتي المدرسية معي لأكون جاهزة للتوجه للمدرسة". ويؤكد الوالد محمد أن قاربه الصغير دمر في الحرب وأنه يملك قارب صيد متوسطاً توقف عن استخدامه لأنه بحاجة إلى خمسة آلاف دولار لإصلاحه "انتظر ان يشب أولادي لأتمكن ربما من إعادة تشغيله". وتحلم ريم، التي تجيد السباحة منذ ثلاث سنوات وهي تستعد لدخول الصف الثامن، أن تصبح صحفية "لأنقل معاناة الناس.. الحياة تظلمنا". وبينما كان الرجل الذي ترتسم على وجهه علامات التعب والإعياء يعد وجبة الإفطار من صيد السمك على موقد نار صرخ فجأة على طفلته ريم وجاره الصياد الشاب حسن لإنقاذ رجل انقلب به القارب قرب الشاطئ. وتتلقى عائلة كلاب مثلها مثل 850 ألف لاجئ في القطاع مساعدات تموينية وأحياناً مالية بسيطة من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الانروا). ويقع بيت العائلة القرميدي المتواضع والذي يخلو إلا من قليل من الأثاث وأدوات الطبخ، قرب مخيم الشاطئ. ويساعد حسن صيام (20 عاما) وهو صديق محمد، أحياناً الفتاتين الصغيرتين في عملية الصيد.
المصدر: غزة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©