السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أعود من دخان الرغبة

أعود من دخان الرغبة
28 يوليو 2010 20:51
رحلوا من دوننا رحلوا فلم نعثر لهم على أسفار ولا أودية إلا أنهم لاحوا للحجارة الذين كانوا يعجنون صمغ الترحال لعظامنا الهشة وعندما رحلنا لم نطل قاماتهم لأنها تفسخت في عيوننا أولئك الذين كنا نحب تحليقهم غمرتهم الزوبعة في مكاننا تناثروا في خلايانا الصماء فواريناهم الرعد وعندما مكثنا ذوينا من دونهم. استراحة استراحة طويلة وأعود من حيث لم أكن ولن أكون أعود من دخان الرغبة من مسيري الشاق من القريب سأرجع يوماً أبحث عن نفسي تحت ثقل ما أرتمي في حوض الخسائر لأبلل شعري من جفاف العافية أبارك خطواتي المنتصبة على صمودها سأعود من بيتي إلى الأبواب العاتية أستوفي عمري من المطر من دحرجة الأجسام من رنين شعري كلما ظهرت شعرة بيضاء لا أعاتب أحداً تبارحني الأجيال وأبارك نفسي المنقطع إلى كآبات تخص مشيئتها. حي قديم البيوت التي كانت شامخة بهامات أصحابها انحنت وتشققت وسط غابة من البنايات المتربصة كنا نصعد منصة الباب لندخل جيل البيت الآن ننزل درجات ضريح البيت بعد أن أصبحت القباب شواهد إلى أين هاجر أصحابها؟ إلى تربة أقل هولاً؟ أم إلى معاودة ما انتهى في مكان مختلف؟ شقاوات الطفولة تسربت من شقوق المنازل فأصبحت لبنات متوردة لغة الطفولة نبتة برية.. لا يجتث ولعها. الجسد المسجى بلا حراك الجسد الفاتن ككثبان الرمال المتعطشة لألق الماء جسدي الذي بدا متثاقلاً غاب عني طويلاً لم أره فطناً ومتدحرجاً على مطبات الحياة إلا بعد ما أصابه الإنهاك لقد جرى في مجراه إلى أن انسد المجرى أخذ يجذف بمجاذيف الروح ليعبر شغل كل طاقته التي خبرها من ولادته إلى هذه اللحظة كان يتصرف بلا جهد وبحلم بسيط الآن يجاهد بحلم أكبر جاهد طويلاً ووحيداً حتى يتجاوز التعب لكنه دخل في أجواء لا دراية له بها صرفته عن محيطه عنوة بدأت لغة الجسد تتغير أصبحت دوامة لا تدوم.. جرفته بعيداً وجرفتنا دموعنا ومصائرنا في الفقران حين صار جسداً مسجى بلا حراك لا أعرف أي جسد هو؟ حين كان يسير بحلم بسيط بلا تردد وحينما واجه الدوامة التي لم تدم وحينما كان جسداً مسجى بلا حراك لقد نظر إليّ حين كان يسير ونظر إليّ حينما كان في الدوامة ولكنني لم أكن متيقناً أنه نظر إليّ ربما نظر إلى الموجة التي كنت أقف مكانها ولكنه لم ينظر إليّ أبداً حين كان جسداً مسجى بلا حراك. غرفة الغربة صباحات غرفة الغربة تتمرغ مشاعري في وحل اسمنتي أغوص إلى حد التلاشي تجلدني الكآبات بذنب الفراغ الغرفة تلفظني إلى إغماءات سريرها حضن بمشاعر سوداوية عندها أتحد روحا وجسدا بجنون ألاحق جنوني إلى لحظة مزمنة تحيط بي من كل جهاتي فتقطعها عندما أخرج متنكرا بإغماءة يتحاشاني البشر كأني خارج من قرون موبوءة أمشي على أرصفة بيض من خطايا الثلوج ألكز همتي إلى آخر الأعباء فتتساقط حبات الأمان. * شاعر إماراتي. النصوص من مجموعة “أخرج متنكرا بإغماءة” الصادرة حديثا عن مشروع (قلم) التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©