الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسلام سمحان: الثقافة الإسمنتية لا تصنع أبطالاً

إسلام سمحان: الثقافة الإسمنتية لا تصنع أبطالاً
28 يوليو 2010 20:36
إسلام سمحان شاعر شاب يصهل في محراب القصيدة ويصول كفارس في فضاء الحلم الكبير. يغوص في الصعب رغم فرقعة القنابل الصوتية في طريقه لكنه يقف شامخاً يحلق بلا قيود حيث يولد الربيع زهوراً وعشقاً ليطل علينا بقصيدة تشي بالنضج الزاحف الواعد. صدر لإسلام سمحان ديوانان هما “رشاقة ظل” و”لمن تحمل الوردة” وثالث قيد الطباعة بعنوان “دهشة الأرصفة”. في هذا الحوار يتحدث عن تجربته الشعرية باعتباره من الذين نقشوا بصماتهم في الذاكرة وتوهجت الكلمات من أقلامهم. ? هناك صراع بين القصيدة النثرية والكلاسيكية ما مبرره؟ ?? إن ما تتعرض له قصيدة النثر من اتهامات مضحكة وانها جاءت على ظهر دبابة غربية وغريبة لتخريب الذائقة الشعرية “الرصينة “ لدى المتلقي مع ان أكثر ما يميزها لغة الشاعر وتمكنه من أدواته الكتابية التي أراها على النقيض تماما مما يدعون، فهي مدعاة للتفكير والتكفير بما هو سائد وروتيني والتحليل في زمن لم يعد القارئ يكلف نفسه البحث عن الجمال بل اكتفى بجمل جاهزة وقوالب شعرية مكررة. وأرى أن قصيدة النثر امتداد طبيعي للقصيدة الكلاسيكية وهي ليست هجينة أو خنثى كما يدعي البعض وهي باعتقادي تبحث عن الروح في النص الأدبي ومهمتها الاستفزاز والتحفيز على التأمل خاصة في زمن يتميز بثقافة اسمنتية، وقصيدة النثر هي قصيدة المعنى لا المبنى ففي وقت ينشغل فيه بعض الشعراء بتدبيج قصائدهم والباسها الحلي وأدوات البهرجة تخرج قصيدة النثر لتختصر المسافة بكثافة اللغة وايجازها. ? كل قصيدة تثير أسئلة.. قصائدك ماذا تثير؟ ?? أؤمن أن القصيدة مدعاة للدهشة والذهول ومن ثم التأمل والتفكر، والكتابة التي لا جدوى منها هي أثقال زائدة على ثقافتنا العربية وعبء نحمله للأجيال القادمة ولست ممن يتبنون قضية للكتابة عنها ولم أجير أي شيء حدث معي قضائياً أو أمنياً لترويج قصيدتي، أعتقد أن ما اكتبه يستفز أو يثير بائع الفلافل قبل المثقف لأني لا اغرد من برج عاجي ولا انظّر لمشروع نهضوي ولا أبشر بالنصر ولا أعد بالجنة ولا أدعو للرذيلة أو ارتكاب الحماقات، أظن أن ما يثير القارئ الذي يقرأ قصائدي هي العادية وعدم الغلو في طرح فكرة ما، انما احاول أن أقول ما يريده القارئ أن أجسد حالته كيفما كانت وهذا باعتقادي وبشهادة نقاد لا أعرفهم شخصياً أن ما اكتبه بلغة بسيطة وغير معقدة يلامس قضايا الناس ويمس على مهل جروحهم او انتصاراتهم، كما أني لا اتعمد أن أقول ما يريده “هو” أو “هي” أو حتى “هم” انما أقول ما اريد أن أقوله ولكوني واحدا منهم جميعا فأني اقاسمهم قضايانا الإنسانية المشتركة. ? لمن تكتب وهل أنت متحرر من نون النسوة؟ ?? أحاول أن أكتب للجميع على اختلاف توجهاتهم واهتماماتهم وثقافاتهم، لأن الكاتب الحقيقي لا يكتب لفئة مخصصة.. الكتابة تجسيد لحالة ما وتطويرها والبناء عليها وليست مسؤولة عن إيجاد حلول أو اقتراحات.. الكتابة هي الكتابة بأشكالها. وأنا أحاول أن اعبر عني/ عنهم/ عنهن، أما عنهن فهن الذائبات كالملح مرة وكالسكر في أغلب الأحيان في ماء قصيدتي، ربما لن تراهن لكنهن يقررن طعم قصيدتي إن كانت شديدة الملوحة أو لزجة الحلاوة، وأي شاعر هذا الذي تخلو حياته من النسوة ونونها واي ابداع ليست المرأة فيه وكما قال جدنا المكان الذي لا يؤنث لا يعول عليه، ويمكن أن تتجسد المرأة في كل حالة يشعر بها الكاتب أو الشاعر فالأرض انثى والقضية انثى والكتابة انثى أو مؤنثة والإناث هن أثاث القصيدة وهن ربات الوحي والالهام. ? بماذا تفسر انحسار القصيدة وتحول شعراء بارزين لكتابة الرواية؟ ?? انظر، الرواية أرض لا نهاية لها وهي مساحة أوسع للتعبير أو “التفريغ” وهي بيان سياسي ممتع في أغلب الأوقات أو تصريح وبوح ذاتي في مرات عديدة إضافة الى أنها مرغوبة أكثر لدى القراء وجمهور الشعر بدأ يقل إن لم يكن قليلا في الأصل. وحول شعراء بارزين يكتبون الرواية اعتقد أن محصلة كتاباتهم تجنح للشعر أكثر أو ربما هي ضرورة أن يكتب بسردية شعرية وهذه ميزة ربما يحاول كتاب الرواية تعلمها من شعراء يكتبونها، وأذكر أن الشاعر محمود درويش قد حاول أن يكتب رواية فخرجت على شكل يوميات أو مذكرات ومات متمنياً أن يكتب روايته. ? للكتابة طقوس متى تتفتح روحك ويتفجر إلهامك؟ وما يثيرني للكتابة كل شيء وأي شيء يثيرني حتى تزاوج القطط يثيرني أو نمو العشب على صخرة أو زهرة وحيدة على سفح بارد، أو بناية كئيبة أو شارع حزين أو امرأة مطلقة أو فتاة مراهقة أو شاب يدخن أو سائق حافلة متعب أو وطن ضائع أو أرض محتلة كلها تتساوى لدي.. كلها تحملني كي أكتب. ? يقال إن القصيدة النثرية قتلت الموزونة ما تعليقك؟ ?? هذا كلام مضحك، ويدعو للشفقة خاصة أن من يروجون لهذا هم مغيبون عن المشهد الشعري الحديث وتناولوا هذه المزحة شفاهياً من إحدى المقاهي كالعادة، وهنا أقول إن قصيدة النثر هي مكملة للشعر العربي وهي تطور ضروري للقصيدة العربية وهي تتكئ على لغة عظيمة. وكما قلت سابقاً “رأسمال” قصيدة النثر اللغة العربية، وهم يبررون بأن قصيدة النثر ليست عربية انما امتداد لكتاب من الغرب، أقول نعم ولكن بأي لغة نكتبها نحن كما أن القصيدة الموزونة واعني هنا التفعيلة هي شقيقة قصيدة النثر فكـلاهما يتقاسمان الشكل والأسلوب وربما المضمون أحيانا، ولكن التفعيلة تتقيد بتفاعيل معينة وقصيدة النثر تتقيد بشعريتها المكثفة والمتدفقة وبإحساسها بالهامش وهي ليست قصيدة رصيف في نفس الوقت. ? كشاعر شاب ما هي مشاكلك وهل استفدت من المجايلة في الشعر؟ ?? لا أواجه أية مشكلة.. ولا اؤمن أن هناك شاعرا كبيرا أو شاعرا صغيرا أو شاعرا شابا أو شاعرا كهلا، هي معادلة بسيطة جدا. شعر يدهشك أو لا يدهشك، أو كما قال محمود درويش في أحد اللقاءات شعر يصيبك أو لا يصيبك، وللحق أقول إن هناك اصدارات أولى مذهلة لشعراء شباب ربما عجز عن كتابتها شاعر تسعيني، كما أن هناك عقدة اسمها الشَعر الأبيض وفلسفة “المعلم” أو شيخ الطريقة.. لماذا انا استفيد منك إن كنت مفيدا وانت كذلك وانا اتعلم منك لو اخطأت فكيف وانت تصر على انك الشاعر الذي لا يخطىء ابدا.. ادعو كل الشعراء بأعمارهم كافة أن يحققوا ذواتهم لا ذوات الآخرين مهما كان الآخرون عظماء. ? يقال إن النقد بالأردن شللي.. ماذا ترى؟ ?? وما هو الشيء غير الشللي في الأردن؟ فكل شيء محكوم بحكم العلاقة والصداقة.. النشر في المجلات أو الصحف.. الدعم الحكومي للكتب والكتاب وتمثيل الأردن في مهرجانات أو ملتقيات، وأخيرا النقد طبعا مرهون بالشللية وهذا دليل عدم نزاهة الناقد الذي يكتب بعين المحب والصديق أو الكاره والعدو مما جعل الوسط الثقافي في الأردن موضع تساؤل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©