الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تنامي الاهتمام بتدريب الصحفيين على العمل في مناطق النزاعات

تنامي الاهتمام بتدريب الصحفيين على العمل في مناطق النزاعات
12 مايو 2013 20:52
مع ارتفاع منسوب النزاعات والبيئات الخطرة التي تستقطب مئات الصحفيين من جهة وتهدّد حياتهم من جهة أخرى، ازداد في الأشهر الأخيرة مستوى الاهتمام بإعداد الصحفيين أمنياً، وبدا أن على ممارسي مهنة البحث عن المتاعب أن يكونوا على مستوى جهوزية أمنية حقيقية، سواء بدنياً أو لناحية العتاد «الدفاعي» الذي يجب أن يتجهّزوا به أحياناً، بما يتناسب والحدث أو البيئة التي يتم تغطيتها، إلى جانب العديد من المعارف عن ساحات الحرب والصراعات وربما حروب الشوارع والعصابات. أبوظبي (الاتحاد) - بعد أن بدأ نشاطها في تسعينيات القرن الماضي مع انتشار الفضائيات والتغطيات المباشرة للحروب والأسلحة والتكنولوجيا الذكية وازدياد عدد الصحفيين الضحايا في الحروب، الذين لم تعد تحميهم شارات الصحافة على ظهورهم وصدورهم ومركباتهم، باتت الشركات والمؤسسات المتخصصة بتقديم التدريب الأمني للصحفيين تشكل قائمة طويلة من أسماء تتباهى بخبراتها في هذا المجال، وبمن يعملون فيها من ضباط أو خبراء أمنيين، تقاعدوا من جيوش مختلفة. وإلى جانب ذلك أُسست مراكز عدة معنية بتقديم هذه الدورات مجاناً، آخرها كان مركز جامعة أميركا الوسطى في السلفادور بتمويل من حكومة الولايات المتحدة. وفي هذا الوقت كانت بدأت بعض المراكز في العالم العربي تخصّص جزءاً من نشاطها لمثل هذا الدورات، كما أن العديد من المنظمات المهنية في العالم تقدم هذه الدورات مجاناً. فحوى الدورات وضعت «لجنة حماية الصحفيين» الدولية على موقعها على الإنترنت لائحة بسبع شركات في المملكة المتحدة لوحدها، وهي متخصصة بالتدريب على العمل في «البيئات المعادية»، و»مصممة كلياً أو جزئياً للصحفيين»، ومن تلك الشركات «شركة الأمن الدولي للصحفيين»، التي أُسست في عام 2011 على يد فرانك سمايث، كبير مستشاري لجنة حماية الصحفيين لشؤون الأمن. وتشمل دوراتها كيفية التعامل مع حالات الطوارئ المدنية والعسكرية، بما في ذلك حالات الاعتداء الجنسي، والأمن الرقمي، والجريمة المنظمة، في حين تشمل دورات شركات أخرى التغلب على الكوارث الطبيعية، والوقاية من الاختطاف، والتفاوض عند نقاط التفتيش، والحذر من الأجسام المفخخة، واستيعاب الصدمات، في حين أن شركات أخرى، مثل شركة بيليجرامز جروب، وشركة تور الدولية، تزود الصحفيين، إلى جانب التدريب، بالدروع الواقية للبدن وخدمات الحراسة الأمنية، وكذلك «العربات المدرعة، وغيرها»، التي قد يستخدمها طاقم صحفي متكامل أثناء المعارك. وفي الغالب ينصح المدربون الصحفيين العاملين في مناطق القتال بارتداء الخوذ والدروع الواقية التي تحمي الجسم من الشظايا والرصاص شديد الاندفاع أو سترة الوقاية المخفية ضد الطعن في حالات العنف في الشوارع وظروف الشغب والانفلات الأمني أو حتى حرب العصابات. لكن لكل من هذه الدروع والسترات تصنيفات تفصيلية متعددة حسب أرض المعركة والمخاطر المتوقعة والأسلحة المستخدمة. كما يشمل التدريب الأمني التوعية بكيفية العناية بمثل هذه المعدات وطرق استخدامها الفضلى ومصادر تصنيعها وميزاتها وعمرها الزمني المفترض. وفي حالات أخرى قد يتوجب على الصحفيين ارتداء الأقنعة الواقية من الغاز، وتقول بعض التقارير إن التجهيز يمكن أن ينطوي، في أشد الظروف، على ارتداء بدلات تقي من المواد الخطرة أو حمل معدات الكشف عن المواد الخطرة أو تناول أقراص بواسطة الفم لتعطيل مفعول أي عوامل بيولوجية أو كيميائية أو نووية محتملة أو مقاومتها وصدها. لكن بعض الدورات يمكن أن تضيء على جوانب أخرى لا تقل أهمية كإجراءات أمن المكاتب والطواقم الإعلامية، مثل تلك التي جرت في المنطقة قبل أشهر وتناولت التعامل مع تهديد القذائف وطرق الوقاية منها والإجراءات المضادة للمراقبة والترصد، وقواعد الأمن والسلامة أثناء الأسفار، وكيفية التعامل مع الضربات الجوية، هذا إضافة إلى الإسعافات الأولية التي تشمل التدريب على الإنعاش القلبي الرئوي وحالات الاختناق وإصابات العمود الفقري وإخلاء المصابين وضربات الشمس ولدغ الثعابين ولسع العقارب. باهظة ومجانية بينما تصل رسوم الاشتراك في دورات بعض الشركات لمبالغ تتجاوز 3 آلاف دولار أميركي، أخذت العديد من الجهات غير الربحية مؤخراً إقامة دورات مجانية مع منح تشمل المصاريف كافة للمشاركين المسافرين، ومن تلك الجهات «معهد السلامة الإخبارية الدولي»، الذي يدرب الصحفيين في أوروبا من العاملين في مناطق خطرة حول العالم. كما يساعد صندوق «روري بييك» الصحفيين المستقلين مالياً على الانخراط في تأمين كلفة الدورات الأمنية، وتوفر منظمة «مراسلين بلا حدود» في باريس دورات بالتعاون مع الصليب الأحمر الدولي كما تقدم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، والوكالة السويدية للتنمية الدولية تدريبات أمنية للصحفيين في البلدان الأقل نموا. وفي 30 مارس الماضي أطلقت «جامعة أميركا الوسطى» في السلفادور «مركز التدريب الأمني الإقليمي للصحفيين» بتمويل من الولايات المتحدة، على أن يقيم عشر ورش عمل سنوياً يشارك في كل منها من 20 إلى 25 صحفياً من دول السلفادور وهندوراس وغواتيمالا. وهذا المركز هو الأول من نوعه في تلك المنطقة لكنه أضيف إلى مراكز أخرى مشابهة مولتها الولايات المتحدة في كل من تبليسي بجورجيا، ونيروبي بكينيا، من ضمن منحة مقدارها مليون دولار. ولدى افتتاحها مركز السلفادور قالت نائبة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان جين زيميرمن إن «على الصحفيين أن يكونوا قادرين على التعبير بحرية عن أنفسهم من دون خوف، وأن هذه الحرية هي مسألة مركزية للديمقراطية». وسيشارك خبراء في الأمن الجسدي والأمن الرقمي بتدريب الصحفيين على كيفية حفظ سلامتهم في بيئات خطرة، كما يشمل التدريب برامج حول الصحّة الذهنية التي تساعد على خفض التوتر. وسيهتم المركز كذلك بتقديم المساعدة للصحفيين الذين يتلقون تهديدات بالقتل أو يتعرضون للملاحقة أو سبق وتعرضوا للسجن أو الخطف. كما سيتيح للصحفيين إعداد خطط أمنية تناسب المخاطر الخاصة التي يتوقعونها أو تهدّد كل منهم، وهي مخاطر تختلف عن تلك الناتجة عن النزاعات المسلحة والحروب التقليدية، إذ أنها تنشأ في الغالب عن نشاط عصابات المصالح غير القانونية مثل التهريب والمخدرات. أخطر البلدان تُعتبر هندوراس، ومعها المكسيك، أخطر البلاد في ممارسة الصحافة، فمن بين 74 صحفياً قتلوا في أميركا اللاتينية خلال السنوات الثلاث الماضية، قُتل 25 في هندوراس، و24 في المكسيك، وفي غواتيمالا تعرض صحفي للقتل رمياً بالرصاص في مارس الماضي أثناء تأدية عمله، فيما تعرض العديد من الصحفيين الآخرين للتهديدات لدى تغطيتهم مشكلات في المناجم، كما تعرض كاتب عمود صحفي آخر للتهديد بسبب إدانته عملية اعتداء على الأطفال. وفي أكتوبر الماضي قال تقرير صدر عن مرصد الصحفيين التابع لمركز التقارير الإخبارية عن غواتيمالا، إن «العصابات الإجرامية مارست أقسى أشكال الرقابة على الصحافة في البلاد بين يوليو وسبتمبر 2012»، متحدثاً على وجه التحديد عن ضغوط وعمليات تخويف وابتزاز مارستها عصابات في منطقة شيمالتينجو في سوق المدينة. كما أشار إلى ما تعرض له الصحفيون من رمي حجارة لدى تغطيتهم عملية توقيف متهم بقيادة عصابة اغتصاب. وفي السلفادور تحدث التقرير السنوي الأخير لجمعة الصحفيين هناك عن تهديدات لصحفيين يعملون في صحيفة «الفارو» على خلفية تحقيقاتهم عما سمي هدنة بين الحكومة وإحدى العصابات، وعن هجوم مسلح ضد محطة راديو «سونورا»، إضافة إلى منع صحفيين من صحيفة «ديارو هاو» من دخول الجمعية التشريعية. ووفقاً للتقرير الذي جاء على ذكر مقتل عشرات الصحفيين، والمسمى «التقرير السنوي حول الإفلات من العقاب للعام 2012: وجوه وبقايا حرية التعبير» في منطقتي أميركا اللاتينية وتحالف الكاريبي، فإن هناك مئات الصحفيين الآخرين الذين تعرضوا أيضاً لاعتداءات في 11 دولة عبر أميركا اللاتينية في السنوات الثلاث الماضية، وبزيادة واضحة عن السابق، كما لاحظ التقرير عدم قدرة المحاكم على معاقبة الجرائم ضد حرية التعبير في تلك الدول، ملاحظاً النقص في الآليات المتخصصة في ضمان أمن الصحفيين، في حين اعتبر التقرير السنوي عن الإفلات من العقاب لعام 2013، الصادر عن منظمة «فريدوم هاوس»، و»لجنة حماية الصحافيين»، أن حرية الصحافة في أميركا اللاتينية هي في أدنى مســتوياتها منذ 1989. ضرورة أم خيار؟ سواء تعلق الأمر بالحروب والنزاعات المسلحة أو بمخاطر العصابات والمافيا فإن ثمة انعكاسات سلبية غير منظورة، فقد باتت العديد من المؤسسات الصحفية تجنّب العاملين فيها التغطية الميدانية، وتستعيض عنها بخدمات متعاونين (مشتركين) أو تستعين بما تجود به صحافة المواطنين والشهود العيان، ولكن ذلك قد يعرّض صدقية هذه المؤسسات للخطر. ومن ناحية ثانية، فإن عدد الصحفيين الذين قتلوا خلال عام 2012 أثناء تأديتهم مهامهم بلغ 70 صحفياً، أي أنه ارتفع بنسبة 43% عن 2011، هذا عدا المفقودين. وكانت للمنطقة العربية في السنوات الأخيرة الحصة الكبرى من هذه الضحايا. فهل أصبح التدريب الأمني شرطاً لازماً للعمل الصحفي، خاصة للذين يغطون الميدان؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©