الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العمل الحر الخلاق المدخل الأول للإبداع

العمل الحر الخلاق المدخل الأول للإبداع
15 مايو 2011 19:44
إن من دواعي تقدم الأمم أن تعتني بتخطيط تقدمها ووضع فلسفة حياتية للتعليم، وخطط تضع في اعتبارها أن تخرج لنا أفراداً يعملون للإنتاج والحياة والاستمتاع والازدهار المستمر. فالمدخل الأول للإبداع في الحياة، هو العمل الحر الخلاق. وببساطة الاستمتاع وتذوق الطبيعة واكتشاف أسرارها ومكنونات ومواطن الجمال فيها ثم إعادة تصورها، أو صياغتها بأشكال وصور في العقل الباطن، ومن ثم الظاهر في انسجام وتكامل بينهما. إن أي محاولة لتبرير القيام بإعادة صياغة وتنظيم واقعية لهذه الناحية من التربية لا بد أن تكون محاولة أساسية لكل من القائمين والمعنيين بالفن والجمال والتربية. يشير الدكتور أيمن غريب قطب، إلى وجود مجالات لإبراز وإظهار هذه المناشط، من خلال: التعبير الحر الخلاق والذاتي، وهى حاجة فطرية لتوصيل الأفكار الخاصة والوجدانيات والانفعالات إلى الآخرين. ونشاط الملاحظة والمشاهدة، والتذوق الجمالي، وهى الانسجام لأساليب التعبير وتوجيهها نحو الآخرين. أو الاستجابة لقيم موجهة نحو عالم الواقع، وهي رد فعل كيفي للنشاطين السابقين. ويكمل الدكتور قطب:» إن الجانب الآخر الذي يبرز هنا هو إعادة صياغة الواقع. وهى نزعة توجد لدى البعض وتنمو وتتضح وتنضج بالتدريب والممارسة. ولابد من تدريب الحواس بكل الوسائل التربوية المتاحة على صنع وتذوق الجمال واستحداث الأشياء النافعة. بل لابد أيضاً أن يكون هناك إدراك صادق خيالي وواقعي للواقع وللجمال والنفع بشكل يؤلف بينهما، بحيث لا يكون هناك تجزؤ أو انفصال. إن نظم التربية لدينا لا تعطى الفرصة الكافية لأطفالنا، ومن ثم شبابنا لإدراك وتحقيق ذلك سواء في مجال الفكر أو الممارسة أو المهارة. فإن ذلك يطرح علينا أهمية وجود منهج متكامل للتربية والتعليم في مدارسنا يكون قائماً على الإبداع والتذوق الجمالي بمجالاته المختلفة. ولابد أن تكون البداية من الأسرة والحضانة، وتستمر إلى ما بعد الجامعة عبر وسائل التنشئة الاجتماعية المختلفة ليفهم، ويحقق القائمين على ذلك كيفية تنمية حواس الفرد وتدريبها نحو عالم الإبداع والجمال والتذوق الفني لخلق حياة أفضل ومجتمع متقدم». المفهوم الأخلاقي يضيف الدكتور قطب:» إن من أفضل النتائج التي يمكن أن تترتب على ذلك إصلاح أفراد المجتمع معاً والاتجاه قدماً نحو المفهوم الأخلاقي للفرد والمجتمع. إن ما نعيشه اليوم ونعانيه من أزمات أخلافية لهو نتاج لافتقاد كل ما أشرنا إليه سابقاً، حيث وصل الأمر إلى ما يمكن أن نسميه في مجتمعاتنا من انفلات للمعايير الأخلاقية، وانتشار الأمراض السيكوباتية أي المضادة والصادمة للمعايير الأخلاقية والاجتماعية معاً. فانتشر التحرش الجنسي والألفاظ البذيئة في التعبيرات المختلفة، وهبط مستوى الفن والجودة والأداء إلى مستويات غاية في الرداءة والانحطاط. فأين هذا من زمن الفن والجمال؟! إن التربية عن طريق الفن والتذوق الجمالي هي المعيار لخلق ما يمكن أن نسميه الضمير الفردي الاجتماعي، أو الشعور الفردي الجمعي المشترك..لخلق اندماج واقعي وحقيقي وليس مصطنعاً بين الذات والآخر في جو من التآلف دون تطرف أو جنوح أو غلو، وقصور واحترام وتقدير للفرد وسلطة الجماعة وتقدير لحدودهما دون تداخل أو خلل وفى تآلف وتوازن بينهما. ويبرز هنا مجال آخر وهو الإصلاح الفردي والاجتماعي، حيث يكون القضاء التدريجي على مشاعر الذنب أو الخطأ والتكفير عن ذلك من خلال عمليات الإصلاح». ويوضح الدكتور قطب:» هناك أمر آخر لابد من التعرض له هنا وهو أن تكون التربية أمراً واقعياً تتخطى حدود الاصطناع أو التزييف، ومنها القضاء على كل أشكال التبعية الفكرية والانقياد الأعمى والحفظ والاستظهار الآلي. إلى أشكال الامتحانات الروتينية التي أفقدت التعليم محتواه ومغزاه، وحولت الوسائل إلى غايات وجعلتنا مستعبدين لهذه الآليات والأشكال من الوسائل. إن ذلك كله خلق انفصالًا بين التعليم والبيئة. يجب أن يكون هناك وفقاً لذلك انسجام وتكامل بين التعليم والبيئة في غير اصطناع ليخدم كل منهما الآخر. إن خلق بيئة طبيعية وخروج النشء إلى عالم البيئة والطبيعة الحرة، ومن ثم الإبداع وعالم الجمال لهو الطريق إلى عالم أفضل وتطور، ونمو للفرد والمجتمع معاً. وينبغي أن يكون ذلك في أجواء من الحرية تسمح للفرد بالانطلاق نحو عالم أوسع وأرحب، ومشاعر من الجمال والحب والسعادة، وذلك دون قيود مصطنعة غير القواعد الدينية والأخلاقية والاجتماعية المتعارف عليها، والمتفق عليها من الفرد والجماعة».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©