الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قبل فوات الأوان

15 مايو 2011 19:43
في كثير من الأحيان لا يستطيع الوالدان تفسير سلوك الطفل على نحو معين، رغم أنه يرتبط بشكل مباشر بالمناخ الأسري، وبتصرفاتهما الضاغطة، ولا يجد الطفل متنفساً لهذا الضغط إلا من خلال التقليد أو التنفيس أو الغضب. لكن هذا المتنفس «الوحيد» لا يرضي الوالدين، ويقابلاه بالشدة أو الاستنكار، ففي هذه الحالة يلجأ الطفل إلى ما يعرف «بالاستجابات سيئة التكيف» أو ما يعرف بـ «الميكانيزمات» الدفاعية السلبية كالنكوص والنقل والتبرير والإسقاط وغيرها. كما أن الحرمان من الأم مثلاً، حرمان من العاطفة بكل مشتملاتها، وفي حالة وجود الأم دون أن تشبع الحاجات العاطفية للطفل يكون المناخ العائلي غير مكتمل من حيث البناء والمحتوى النفسي، وفي هذه الحالة يضطرب التفاعل العائلي في إحدى حلقاته الرئيسية، لأنه لا يصبح قائماً على أسس الود والحنان بما يكسبه صفة الدوام. كما يفتقد الثراء العاطفي والترابط النفسي الذي يمكن من خلاله الطفل أن يكتسب ويتعلم كيف يعيش، وفيه ينمو وتتكون شخصيته وعاداته واتجاهاته وميوله. إنه يشعر بأنه مرغوب، ومقبول، ومحبوب. ومن ثم تتشكل الدعامة الأولى والأساسية لتقوية الروابط الوجدانية بين الأطفال والوالدين، وفي هذه الحالة يكون هناك المناخ العائلي الذي يمكن الطفل من تنمية قدراته من خلال اللعب، ومشاركة بقية أفراد الأسرة في الخبرات المختلفة. ففي المناخ العائلي المفعم بالعواطف يشعر الطفل بذاتيته، وتشبَع ميوله في الإنجاز، كما يتعلم كيف لا يكون أنانياً، وكيف يحترم حقوق الآخرين، وتتكون لديه - بطريقة لا شعورية - الاتجاهات الإيجابية نحو الوالدين، فلا تكون هذه الاتجاهات مرتبطة بالأب كرمز للسلطة بما يتجسد في كراهية المجتمع فيما بعد. وإذا كان على الأسرة أن تحافظ على أبنائها في سن المراهقة بحيث لا يتورطون في خبرات عاطفية سلبية أو فاشلة. فالمراهق أو المراهقة، عندما يمر بتجربة عاطفية فاشلة، قد يعاني من اضطرابات نفسية متعددة، وقد يعيش في عزلة اجتماعية. غير أن المشكلة الحقيقية في مثل هذه الحالات وما شابهها، يأتي من مصدرين، الأول أن المراهق قد يخفي تجربته على الوالدين سواء من منطلق الخوف أو من منطلق الخصوصية، وبالتالي لا تتمكن الأسرة من تقديم المساندة والدعم له كي يتجاوز محنته. في مثل هذا الموقف لا يخلو الأمر من دلالة، على أن هناك خطأ من نوع ما في المناخ العائلي، فقد يكون هذا المناخ لا تتاح فيه للأبناء الفرصة أو الحرية للصراحة، والتعبير عن تجاربهم ومشاعرهم من الأساس، أما المصدر الثاني، فهو أن رد فعل الأسرة يمكن أن يتسم بالإيذاء البدني أو العقاب النفسي للمراهق، فتزداد ضغوطه شدة وتصبح معاناته مضاعفة، بسبب الفشل العاطفي، مضافاً إلى ردود الفعل العقابية من جانب الأسرة، في الوقت نفسه يمكن أن يكون رد فعل الأسرة سلبياً، وكأن الأمر لا يعنيهم وبالتالي يتركون المراهق وحده يواجه الأزمة، وهنا يفتقد الدعم أو المساندة، مما يفضي به إلى مزيد من الضغوط، وقد يدخل في تجارب عاطفية جديدة يكون مصيرها المصاعب أو الفشل، وينتهي به الأمر إلى الدخول في دوامة من الأمراض النفسية. Khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©