الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«مؤتمر القادة» يناقش تحديـات الأمن القومي وتوحيد جهود محاربة التطرف

«مؤتمر القادة» يناقش تحديـات الأمن القومي وتوحيد جهود محاربة التطرف
26 سبتمبر 2016 09:17
جمعة النعيمي وناصر الجابري (أبوظبي) أكد معالي محمد أحمد البواردي، وزير الدولة لشؤون الدفاع، أن طبيعة الحروب تغيرت في هذا القرن على نحو أصبح يشكل خطراً محدقاً بأمن الدول واستقرارها، ولأن أمن الوطن أمانة، ومسؤولية وأولوية قصوى نحملها في أعناقنا، يتعين علينا جميعاً أن ندرك فهمه كي يتسنى لنا الدفاع عنه على الصعيد الوطني بالشكل الأمثل. وقال معاليه: «إن حروب الجيل الرابع هي إحدى النظريات العديدة التي تطورت خلال العقود الماضية لوصف وبيان الطبيعة الجديدة للحروب، فهناك الحروب الهجينة والحروب غير النظامية وصراعات المنطقة الرمادية، وعلى الرغم من أن كل نوع من هذه الحروب له سماته المميزة، وأبعاده المتباينة التي يجب علينا أن نعيها جيداً، فإن هناك بعض الخصائص المشتركة بينها». جاء ذلك خلال افتتاح فعاليات مؤتمر القادة لحروب المستقبل، أمس، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والذي يستمر لمدة يومين بالتعاون بين وزارة الدفاع، ومركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بمقر المركز في أبوظبي. حضر فعاليات اليوم الأول للمؤتمر، معالي محمد أحمد البواردي وزير الدولة لشؤون الدفاع، ومعالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، ومعالي سيف سلطان العرياني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني، والفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات المسلحة، والفريق سيف الشعفار وكيل وزارة الداخلية، ومعالي اللواء محمد خلفان الرميثي القائد العام لشرطة أبوظبي، ومعالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، والفريق خميس مطر المزينة القائد العام لشرطة دبي، وعدد كبير من كبار ضباط القوات المسلحة ووزارة الداخلية، وخبراء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. وناقش المؤتمر ضمن جلسات اليوم الأول عدداً من المواضيع منها: الحروب المعاصرة والمستقبلية، والآثار المترتبة على التوجهات في الصراعات الخارجية، والداخلية، والتحديات الأمنية الداخلية للدول، إضافة إلى التهديدات الإلكترونية والتحديات الخاصة بدولة الإمارات. أعداء جدد وقدم معالي محمد أحمد البواردي، خلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر، الشكر الجزيل لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على رعايته للمؤتمر، ولمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية لتنظيمه المؤتمر. وأشار معاليه إلى أن الحرب التي قد نواجهها في المستقبل لن تشمل القوى التقليدية المعروفة للدول فحسب، ولكنها ستضم أعداءً جدداً مبهمين، وسيكون الصراع غامضاً وطويلاً، وسيشمل أعمال عنف، وتهديدات تختلف عن الحروب المعروفة، وسوف ينتهز أعداؤنا هذا الغموض، مستخدمين التزاماتنا القانونية والمبادئ التي نتبناها سلاحاً ضدنا، ومستغلين الحيز بين مؤسساتنا الوطنية. وشدد معاليه على أن التطورات التقنية والتكنولوجية زادت من خطورة أعدائنا، حيث إن وسائل الاتصال الحديثة، والتكنولوجيا المتطورة تمكن العدو من الانتشار بسرعة فائقة، وبمدى يشكل تحدياً لسياساتنا القائمة، بينما تسمح تكنولوجيا الأسلحة للفاعلين الجدد أن يشكلوا تحدياً خطيراً، حتى أمام أفضل القوات العسكرية التقليدية. القوى الوطنية وأوضح معالي وزير الدولة لشؤون الدفاع أن السمة الأخرى بين نظريات الحروب المعاصرة هي أن الدول لن تستطيع مواجهة هذه الحروب بالقوى العسكرية التقليدية وحدها، وإنما على الدولة بكامل مؤسساتها أن تتضامن من أجل التصدي للحروب الحديثة، ومواجهتها، متسلحة في ذلك بكل عناصر القوى الوطنية. ولفت معاليه إلى أنه يتحتم على كل الجهات المعنية بالأمن الوطني الارتقاء بمفهوم الحرب الشاملة لبناء حائط الردع الذاتي على المستويات كافة، وتعزيز القدرات الوطنية الاستباقية على التنبؤ بوقوع هذه الحروب، وإطلاق الطاقات الإبداعية الخلاقة بتوفير التدريب والتأهيل اللازمين للكفاءات المواطنة، وربط معطيات السياسة والثقافة والإعلام والاقتصاد من ناحية، والمعطيات الأمنية والعسكرية من ناحية أخرى، بما يتيح أفضل توظيف لموارد القوة الشاملة للدولة، وتحقيق رؤية القيادة وتوجيهاتها الرشيدة. الأوضاع بالمنطقة من جهته، قال معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية: «نحن أمام وضع دولي غير مستقر، وهذا الوضع بدأ منذ نهاية القطبية الثنائية في عام 1989، وبالتالي برز تصور في أن الولايات المتحدة الأميركية ستلعب دور القطب الواحد، ولكن بينت الأيام أن الوضع الدولي أكثر تعقيداً من هذا التبسيط، وهو ما رأيناه أيضاً على مستوى منطقتنا، وما زلنا نرى حراكاً دولياً غير مستقر له انعكاساته على المنطقة»، مضيفاً: «إن هذا الحراك غير المستقر أدى إلى زيادة اللاعبين في مستويات العلاقات الدولية، فقبل عقود اقتصر الدور السياسي على الدول، ولكن اليوم توجد منظمات، سواء مدنية أو مسلحة تقوم بأدوار مؤثرة في تحديد التوازنات الإقليمية». وحول النفوذ الأميركي في المنطقة، بين معاليه أنه يوجد انحسار واضح للنفوذ الأميركي في المنطقة، وهناك من يرى أن السبب يعود لوجود دورات من الانغماس، والتردد في الاهتمام الأميركي بالعلاقات الخارجية، فيما يرى آخرون أن السبب يعود إلى قلة الاهتمام بالنفط نظراً لوجود مصادر أخرى من الطاقة، ويبقى الحليف الأميركي حليفاً رئيساً، ولكن يبقى السؤال حول درجات الاعتماد عليه في المستقبل، والسنوات المقبلة كفيلة باتضاح الصورة. التردد الأميركي وأضاف معالي الدكتور أنور قرقاش: «في ظل التردد الأميركي، نرى محاولة من روسيا لإعادة نفوذها القديم، وهذه المحاولات تمثل أولوية للسياسة الروسية، وأن تكون لاعباً دولياً له تأثيره الملموس على القرارات الدولية، فيما يمثل الدور الصيني دوراً اقتصادياً بالنسبة لمنظورنا الخاص، فالصين تركز على السياسة المتعلقة بالمناطق القريبة منها جغرافياً دون وجود دور سياسي في المناطق الأبعد». وعن المشهد الأوروبي، أوضح معاليه أن أوروبا التي كانت ترى مشروعها الوجودي لا رجعة فيه، منقسمة على نفسها اليوم، ودلل على ذلك بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكل هذه الأوضاع الدولية سببت خللاً إقليمياً. ولفت معاليه إلى أن سقوط الدولة العراقية في عام 2003، بغض النظر عن ما كانت عليه تلك الدولة إيجابية أوسلبية، أوجد خللاً إقليمياً كبيراً، وقامت إيران باستغلال هذا الخلل من خلال التدخل في العراق، وسوريا، ونفوذها في عدد من الدول، فالعالم حولنا متغير، ويجب أن ندرسه، دون أن ننقطع عن تحالفاتنا. التحديات الإقليمية وحول التحديات الإقليمية، قال معالي الدكتور أنور قرقاش: «التحدي الأول هو ضعف وتفتت الدول العربية، ومع هذا الضعف، ضعفت المجتمعات العربية، وللأسف ما جرى في عام 2011 فتح مجموعة من التناقضات الإثنية، والمذهبية، والدينية، والأيدولوجية، وهذه التناقضات أدت إلى تقويض الدولة الوطنية». ولفت معاليه إلى محور كلمة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، في كلمة الدولة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ركزت على أن المنطقة بحاجة إلى حل الصراعات، عوضاً عن إدارة الصراعات، فالصراع العربي الإسرائيلي يدار منذ عام 1948، كما أن إدارة الصراع السوري تسببت في تفاقم الأزمة، وظهور جماعات إرهابية من مثل داعش، لذلك فمحاولة إدارة الصراعات لها مضاعفات، ويجب علينا التوجه إلى حل الصراعات، والعمل مع المجتمع الدولي في سبيل تحقيق ذلك. كتلة وسطية وشدد معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية على أن دولة الإمارات تسعى لأن تكون جزءاً من كتلة عربية وسطية بقيادة المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، وبمشاركة من دول أخرى، ونريد من بقية الدول أن تكون جزءاً من هذه الكتلة الوسطية، لأن ما حولنا سيستمر إنْ تركناه. وحول النفوذ الإيراني، أكد معاليه أن إيران لعبت منذ الثورة الإيرانية في عام 1979 دوراً مقلقاً للنظام الإقليمي، وتزايد هذا الدور بعد سقوط الدولة العراقية، واستغلت إيران وجود فراغ في دولة عربية محورية، وعملت على زيادة نفوذها، والتمرس في بناء الميليشيات، وأمامنا اليوم نموذج حزب الله في لبنان الذي استطاعت إيران خلاله بالصبر، والتمويل، من بناء ذراع إيرانية استخباراتية، ولو تُركت الأمور في اليمن، لكنا رأينا استثماراً إيرانياً في اليمن من خلال تمويل الميليشيات، وتسليحها، وبالتالي تكوين نموذج مشابه لحزب الله على حدود الجزيرة العربية، وهو ما لم نسمح به. وبين معاليه أن دول الخليج لا ترفض مسألة الحوار مع إيران، ولكن يجب أن تكون هناك أرضية مشتركة للحوار عبر مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وأن تكون إيران دولة لا ثورة، فمبدأ تصدير الثورة غير وارد، إنْ أرادت إيران علاقات تهدف إلى تعميق التعاون الثنائي بين الجانبين، كما أن إيران لا يمكن أن تكون نموذجاً شبيهاً موازياً للفاتيكان في المنطقة، فالأقليات الشيعية في الخليج هم مواطنون عرب، سواء في البحرين أو لبنان أو غيرها من الدول. قـرقــاش: هزيمة التطرف والإرهاب فكرية قبل أن تكون عسكرية حول التطرف والإرهاب، قال معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية: «اتخذت دولة الإمارات موقفاً واضحاً من التصدي للإرهاب، ومن وجهة نظر دولة الإمارات، تحدي الإرهاب والتطرف هو ممتد، فلا نستطيع دحر الإرهاب خلال 3 أو 4 سنوات، ودحر الإرهاب يتطلب جهوداً مشتركة، كما أن هزيمة الإرهاب لا تتطلب فقط الهزيمة العسكرية، ولكن أيضاً الهزيمة الفكرية، وهزيمة تنشئة بذور التطرف، وإنْ أردنا أن ننتصر، علينا أن نتصدى للفئة الضالة التي تحاول اختطاف الدين الإسلامي الحنيف». وأضاف: «الاعتقاد الذي كان يحمله البعض أن تجاهل أزمات الشرق الأوسط ممكن، هو اعتقاد خاطئ، وغير واقعي، فأزمة الشرق الأوسط ليست مقتصرة جغرافياً على المنطقة، بل وصلت إلى أوروبا، مستشهداً بما قاله وزير خارجية السويد الأسبق، إن أوروبا في الشرق الأوسط، والشرق الأوسط في أوروبا». وخلص معاليه إلى أنه من الضروري الاستمرار في مواجهة التطرف والإرهاب، وانتظار مستجدات المشهد العالمي، وما ستسفر عنه نتائج الانتخابات الأميركية، والموقف الروسي المستقبلي، والتغيرات الإقليمية المتسارعة.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©