في الدمام·· منتخبنا آخر تمام

يجب أن تكون هنا لتدرك حجم الفرحة، كان يجب أن ترتاد ملعب ستاد الأمير محمد بن فهد في ليلة السبت السعيد، وتستمع إلى هدير الجماهير السعودية التي زادت عن عشرة آلاف متفرج جاءت تؤازر منتخبها الشاب، وهو يواجه منتخبنا، كان يجب أن تكون وسط الخمسين مشجعاً الذين جلسوا في مدرج بسيط، حتى كاد المتابعون لا يرونهم، وشعرنا من فرط الهدير والصيحات ودقات الطبول السعودية، أن المشوار قد ينتهي هنا، ولكن أبطال الأبيض الشاب كان لهم رأي آخر، لقد تمكنوا في النهاية من جذب الجماهير السعودية لصفهم بأدائهم الرائع وروحهم الرجولية، وفي النهاية تمكنوا من الصعود إلى كأس العالم التي تقام في ضيافة مصر العام المقبل، لتستقر أحلامهم على شاطئ النيل، بعد أن ضمنوا لأنفسهم مقعداً، هو العربي الوحيد في المونديال· وبعد المباراة، ليتك أيضاً كنت هنا، وما أدراك ما هنا، لقد اختزل الفريق ومحبوه شوارع الإمارات وفرحتها بجوار الحافلة، حيث تشعر أنك في شارع المطار، ولا يسعك إلا أن تغني وترقص، وتبارك وتتلقى التهنئة، كانت باختصار ''ليلة إماراتية'' في الدمام التي شهدت ملحمة الأبيض البطل وتأهله إلى كأس العالم· عاشت ''الاتحاد''الفرحة لحظة بلحظة، منذ أن أطلق الحكم القطري عبدالرحمن محمد صافرة النهاية، وحتى خلد اللاعبون للنوم، بعد عناء يوم شاق ومرحلة شاقة، ناموا وقد اطمأنوا على أن الحلم بات حقيقة، بعد أن تأهلوا لكأس العالم، وإن كان اليوم لديهم حلم آخر، وهو الفوز بلقب بطولة كأس آسيا للشباب، بعد تأهلهم للدور نصف النهائي الذي يواجهون فيه الفريق الأسترالي غداً· كانت بداية الفرحة مع الكابتن مهدي علي قائد الأبطال والمدرب الوطني الذي استطاع أن يخوض مع لاعبيه ملحمة حقيقية، حيث حاصرته كاميرات محطات التلفزة العربية والدولية، تريد أن تقف منه على سر الخلطة الإماراتية، ومفتاح التألق والحماس الذي بثه في قلوب لاعبيه، حتى حان موعد المؤتمر الصحفي، فاستأذن لحضوره، وبعده أيضا طاردته الكاميرات لينخرط في سلسلة من اللقاءات، وعلى عكس الكثيرين من المدربين غيره، فإن مهدي علي يزداد تواضعاً عند كل انتصار، وهو لا ينسب على الإطلاق النصر لنفسه، لكنه يؤكد أنه جزء من منظومة عمل، وأنه لولا استجابة اللاعبين والتزامهم بتعليماته، ما كان الفوز· بعد ذلك أطلق اللاعبون شلالات الفرح بجوار الحافلة التي من المفترض أن تقلهم إلى مقر إقامتهم بفندق الشيراتون بالدمام، ظلوا يرقصون ويغنون، ولكن تدخل مهدي علي مدرب الفريق، وطلب منهم إيقاف الاحتفالات، حرصاً على مشاعر الجماهير السعودية، التي كان بعضها لازال يغادر أرض الملعب، واستجاب الاعبون بالفعل، بينما ظل بجوار الحافلة، كل من راشد الزعابي رئيس البعثة وعضو مجلس إدارة اتحاد الكرة، ومحمد عبيد حماد المشرف على الفريق وعضو اللجنة الفنية، ومترف الشامسي مدير الفريق، وياسر سالم الإداري، ومهدي علي المدرب، للاطمئنان على أن كل أعضاء البعثة قد صعدوا ولتلقي التهاني من الجماهير التي التفت حول الفريق· وداخل ''الباص'' واصل اللاعبون رقصهم على أنغام أغنية ''منصور يا منتخبنا'' التي تم تشغيلها عبر مكبرات الصوت داخل الأتوبيس ، ومع سخونة الاحتفال، ووصوله إلى الذروة، لم يعد الباص يكفي اللاعبين، فعادوا للنزول ثانية بجوار الباص ، حيث واصلوا احتفالهم، بينما كان مهدي علي يتحدث إلى قناة ''أبوظبي الرياضية''، وتواصلت الاحتفالات قرابة الساعة، بعدها صعد اللاعبون إلى الحافلة مجدداً، لكن احتفالهم لم يتوقف، وشارك فيه الجميع، بمن فيهم راشد الزعابي رئيس البعثة الذي شارك اللاعبين الغناء، وأعضاء الجهازين الفني والإداري· وأثناء الاحتفالات لم تتوقف هواتف أعضاء البعثة عن الرنين للتهنئة بالفوز والتأهل إلى كأس العالم، خاصة تليفون راشد الزعابي، ومن بين هذه الاتصالات كان اتصال محمد خلفان الرميثي رئيس اتحاد الكرة الذي تحدث أولا مع رئيس البعثة، ثم مع مهدي علي وعدد من أعضاء البعثة ولاعبي الفريق، قبل أن يفطن إلى أن رئيس الاتحاد لن ينهي مكالمته قبل أن يتحدث مع الجميع فرداً فرداً، فاهتدى إلى حل مريح، وهو أن وضع الهاتف على مكبرات الصوت بـ''الباص'' ليصبح حديث رئيس الاتحاد، على الهواء مباشرة· وخلال اتصاله، هنأ الرميثي جميع أعضاء البعثة واللاعبين، وقال: ألف مبروك، ألف مبروك، ألف مبروك ''كررها ثلاث مرات''، مبروك على الأداء وعلى النتيجة وعلى الجهد الذي بذلتموه في المباراة، لقد تابعناكم بفخر وسعدنا جميعا بهذا الإنجاز الكبير الذي حققتموه للكرة الإماراتية، ما قصرتم جميعا، الشكر للاعبين ولمهدي ومحمد عبيد ومترف الشامسي وياسر سالم، والدكتور جلال غالي، ولكل أعضاء الجهازين الفني والإداري، والتحية إلى رئيس البعثة النشط والواعي والذي نطمئن لوجوده معكم، راشد الزعابي، مبروك للكل الفوز والصعود إلى كأس العالم· أضاف الرميثي خلال الاتصال على الهواء: الحمد لله الصعود تحقق، وهو مهم، ولكن الآن، صار هناك أمر مهم آخر، وهو الفوز بالبطولة الآسيوية، وأنتم قادرون على ذلك إن شاء الله، وقد رأينا عطاءكم ومستواكم، ونحن واثقون في قدرتكم على تحدي الصعاب، ''شدوا الحيل''، وعندما تعودون سترون إن شاء الله مالا تتوقعون· إلى هنا انتهى حديث الرميثي، وبعده انخرط اللاعبون في الصياح والغناء وتواصلت الاحتفالات داخل الحافلة حتى الوصول إلى الفندق، حيث تفاعل النزلاء مع اللاعبين، وتواجد في بهو الفندق بعض المشجعين الذين جاءوا لمؤازرة الفريق، حيث قدموا التهنئة لأعضاء البعثة، وصعد اللاعبون إلى غرفهم ليواصلوا احتفالاتهم، فيما تفرغ راشد الزعابي وبقية أعضاء البعثة لتلقي سيل المكالمات القادمة من إمارات الخير تهنئ بالفوز والصعود·