الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان وقبضة التطرف

10 نوفمبر 2008 00:10
بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، بدأت الحكومة الباكستانية، بدعم من الولايات المتحدة عمليات عسكرية لمطاردة الإرهابيين، الأمر الذي زاد من كراهية الشعب أولاً لحكومتــه، ومن ثم للولايات المتحدة، بسبب سقوط ضحايا مدنيين أثناء العمليات· وقد نتج عن هذه الكراهية أعمال تمرد ضد أهداف غربية وأمنية، الأمر الذي ساهم في المزيد من الاستقطاب في الخلافات الداخلية· باكستان، التي يعتبرها البعض أكثر الأماكن خطورة في العالم كانت حتى أواخر ستينيات القرن الماضي عبارة عن مجموعة جميلة ومتنوعة من الشعوب يعيش أفرادها الذين ينتمون إلى أديان وطوائف ومعتقدات متنوعة معاً بسلام· قلّة هم الذين يذكرون أن أول وزير خارجية لباكستان، ظفر الله خان، كان من الطائفة القاديانية، مثله مثل الباكستاني الوحيد الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء، الدكتور عبدالسلام· وهذه الطائفة تُعتبر غير مسلمة حسبما أعلن في دستور الدولة أواخر سبعينيات القرن الماضي· ومما هو غير معروف للكثيرين أن ''جوغندار ناث مندال''، أول وزير عدل باكستاني كان هندوسياً· وعند تأسيس باكستان، لم يعترض أحد على قيام هندوسي بترجمة وتفسير قوانين أول دولة تأسست باسم الإسلام· إلا أنه ولسوء الحظ، تآكلت هذه المؤشرات المبكرة من التعايش والتماسك والمساواة الدائمين وأصبحت صورة باكستان المتنوعة ممزقة· يمكن إرجاع العنف والاقتتال الطائفي الذي جرى مؤخراً في باكستان إلى فترة استخدام الدين من قبل الرئيس الجنرال ضياء الحق كوسيلة لإضفاء الشرعية على النظام في الثمانينيات، عبر كسب ود ''اليمين'' المتدين، ولكن بدلاً من ذلك قام بتقسيم الأمة حسب خطوط دينية· بعد الغزو السوفييتي لأفغانستان عام ،1979 تطورت شبكة معقدة بين المجاهدين الأفغان والمجموعات الدينية المحلية والدولة الباكستانية، بدعم سخي بالأسلحة والمعدات الآتية من الولايات المتحدة· وقد أدت سهولة الحصول على الأسلحة ونمو عدد المحاربين المتحفزين إلى انتقال العنف بشكل سريع من أفغانستان إلى باكستان نفسها· حرب الولايات المتحدة على الإرهاب أثرت على باكستان مباشرة، فبعد سقوط ''طالبان'' في أفغانستان، هرب العديد من المتهمين بالانضمام إلى ''القاعدة'' إلى باكستان، حاولت الحكومة عقد العديد من صفقات السلام مع هؤلاء المتشددين، إلا أنه لم يتم التوصل إلى أية اتفاقيات، كما أن المناهج الباكستانية المحفّزة دينياً أوجدت المزيد من الخلافات والفرقة· وتصور المناهج ''المؤسلمة'' التي يجري تدريسها في المدارس الحكومية المسلم على أنه البطل من خلال رفض مساهمات غير المسلمين، بصورة صارخة، حسب دراسات قام بها كتّاب مستقلون· بذلك يجري تأصيل السلوك السلبي والتوجهات المنحازة والعقليات التمييزية تجاه غير المسلمين محلياً ودولياً في سن مبكرة· ويعرض الحب الشديد للسلطة من قبل الزعماء السياسيين والدينيين والقبليين نسيج المجتمع إلى الخطر ويشجع على الظلم والتمييز· وحتى يتسنى جعل باكستان أمة حديثة معتدلة مزدهرة تنعم بالصحة، يتوجب علينا تغيير الأنظمة والهياكل الاستغلالية وأنماط التمييز والظلم وعدم التسامح، التي تطورت خلال السنوات الأخيرة· وتحتاج باكستان لاستراتيجية لمحاربة الاقتتال الداخلي أو الطائفية وإيجاد بنية سلام وتناغم وفرص متساوية للجميع· من الضروري اشتمال الذين يشعرون بالعزلة والمهمشين والأقل حظاً، بغض النظر عما إذا كانوا مهمشين عقائدياً أو دينياً أو سياسياً أو اقتصادياً· وعلى المدى البعيد هناك ضرورة ملحة لتغيير شامل لنظامنا التعليمي والعملية السياسية، إضافة إلى توزيع الثروة والموارد بين جميع المقاطعات والقطاعات· نحن بحاجة لأن نعيد روح التقدم والنمو الوطني المبنية على أسس الوحدة والإيمان، واعتناق التنوع والتعددية والعدالة والمساواة، وجميعها جزء لا يتجزأ من هذه الأمة· سايقا قريشي منسقة برامج في مركز الدراسات المسْحية في راولبندي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©