الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الزحف الإيراني نحو اللاتين

الزحف الإيراني نحو اللاتين
10 نوفمبر 2008 00:09
إيران، المشاغب الكبير الذي يعتمد الفوضى وسيلة، بات ذا امتدادات عالمية ومصالح تعاكس مصالح الولايات المتحدة· فها هي طهران تحقق اليوم اختراقات دبلوماسية تحت أنظار واشنطن· وهو أمر مذهل حقا؛ فإيران في النهاية تعتبر من قبل معظم دول العالم بلداً خارقاً للقانون؛ وهناك عقوبات مفروضة على قطاعها العسكري؛ وبات من شبه المستحيل أن تحصل على ضمانات قروض دولية· كما أن الاقتصاد يوجد في حالة يرثى لها''؛ ففي الوقت الذي كانت أسعار النفط تفوق سقف الـ100 دولار وتغني معظم البلدان المنتجة في المنطقة، فإن هذا القطاع المتهالك، والذي يعتمد تكنولوجيا قديمة بالكاد حقق أرباحاً، بل إن 6 في المئة من احتياجات البلاد من الجازولين تستورد من الخارج· ومع ذلك، عملت إيران دون كلل طوال العام الماضي على توسيع وتعزيز علاقاتها مع عدد من بلدان أميركا اللاتينية، والتي يتوفر معظمها على زعماء شعبويين يكنون مشاعر الشك والارتياب تجاه الولايات المتحدة، ويبحثون عن صديق قوي لمساعدتهم على صد نفوذ واشنطن· فالرئيس الفنزويلي هوجو شافيز على سبيل المثال يقدم علاقاته الوثيقة مع إيران كمثال على ما تستطيع ثورته أن تفعله من أجل المنطقة· والحق أن لديه الكثير ليتفاخر به، ومن ذلك مصنع إيراني للأسلحة، وآخر لتجميع السيارات، ومصنع إسمنت، ومجالات تعاون أخرى مماثلة تعتمد على الاستثمارات الإيرانية· وعلاوة على ذلك، دشنت شركة الطيران الإيرانية مؤخراً رحلات جوية مباشرة بين طهران ودمشق وكراكاس· ثم هناك رئيس الباراجواي ''فرناندو لوجو منديز''، الذي أشادت به وسائل الإعلام الإيرانية ووصفته بـ''عدو الشيطان الأكبر''، بعد أن قام بتعيين ''أليخاندرو حامد فراكو'' المعروف بتعاطفه مع ''حزب الله''، وجمع التبرعات لصالحه، وزيراً للخارجية· والواقع أن ''حزب الله'' -الذي تموله إيران وتدعمه- يتمتع بحضور في الباراجواي، وقد حظرت وزارة الخارجية الأميركية على ''أليخاندرو'' دخول الولايات المتحدة أو السفر على متن طائرة أميركية· أما الرئيس البوليفي إيفو موراليس، فقد قفز إلى أحضان إيران على نحو أسرع من جيرانه، حيث أمر وزيرَ خارجية حكومته برفع قيود التأشيرة على المواطنين الإيرانيين مقابل 1,1 مليار من الاستثمارات الإيرانية في منشآت الغاز البوليفي· كما أعلن موراليس أن بوليفيا ستنقل مقر سفارتها الوحيدة في الشرق الأوسط من القاهرة إلى طهران· وذهب التلفزيون الرسمي الإيراني إلى حد الموافقة على منح نظيره البوليفي برامج باللغة الإسبانية، وهو ما سيجعل من السهل على البوليفيين الحصول على أخبار وأعمال وثائقية منتجة في إيران، أي بعبارة أخرى: البروباجندا الإيرانية· بيد أن الخطر الحقيقي هنا لا يكمن في معركة دبلوماسية حول من يتوفر على أكبر عدد من الأصدقاء في أميركا اللاتينية، بل إن المشكلة تكمن في سفر الإيرانيين دون الحاجة إلى تأشيرة مع ما ينطوي عليه ذلك من إمكانية خلق قاعدة إرهابية للعمليات في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة· فإذا استطاع أي شخص يتوفر على جواز سفر إيراني دخول بوليفيا من دون الحاجة إلى تأشيرة، فإن البلاد ستصبح قريباً مفتوحة في وجه ضباط سريين من وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، وحرسها الثوري الإسلامي، وفيلق القدس، وهو منظمة عسكرية إيرانية مهمتها نشر الثورة الإسلامية عبرالعالم· ففي ،1994 على سبيل المثال، قام عملاء إيرانيون رفقة إرهابيي ''حزب الله'' بتفجير مركز للجالية اليهودية في الأرجنتين، مما أسفر عن مقتل 85 شخصاً وجرح المئات· وعليه، فمن شأن وجود الاستخبارات الإيرانية وتنقل عملائها بكل حرية عبر بلدان أميركا اللاتينية أن يجعل جهود محاربة الإرهاب في المنطقة أكثر صعوبة وتعقيداً· بيد أنه مازال أمام الولايات المتحدة فرصة لوقف الإيرانيين عن المضي قدما في مخططاتهم في أميركا اللاتينية· ولكنها مهمة كبيرة؛ فالنفوذ والتأثير الإيرانيان المتزايدان - وهو أمر كان من المستحيل توقعه قبل عام- إنما هو نتيجة لقرار الولايات المتحدة وقف الاهتمام بالمنطقة، ولن يمكن وقفهما إلا إذا أعادت الولايات المتحدة النظر في سياستها تجاه المنطقة· أولا، على الرئيس الجديد أن يوقف السياسات التي تتبناها إدارة بوش تجاه أميركا اللاتينية والقائمة بشكل أساسي على تجاهل المنطقة، والعمل بدلا من ذلك على إشراك تلك البلدان ضمن دبلوماسية نشطة· ويجب تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية إلى الحد الذي يصبح فيه التعاون مع إيران دون جدوى· غير أنه ينبغي توقع أن تكون الدبلوماسية بطيئة وصعبة، وباهظة ربما· فإيران تنفق مليارات الدولارات على أميركا اللاتينية؛ وبالتالي، سيتعين على الولايات المتحدة أن تقوم بنفس الشيء؛ حيث ينبغي مناقشة اتفاقات تجارية، ووضع وتنفيذ سياسة خاصة بالهجرة· باختصار، يجب على الإدارة الجديدة أن تولي لجيراننا الاهتمـــام اللازم من أجل الفوز بعقلوهم وقلوبهم، وذلك لأن البديل الوحيد هو جبهــة أخرى في المعركة المتواصلة ضد الإرهاب· جون كيرياكو مسؤول سابق عن محاربة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©