بين صراع الحياة والغربة، جاء طلب الإجازة ممزوجاً بحنين للوطن والأهل والأصدقاء.. مضت ثلاث سنوات ونصف السنة، مضى الكثير في الغربة.. ليس عدلاً احتساب اليوم بيوم، مغامرة قاسية على النفس والعمر، رافضاً الحظوظ والأحلام المؤجلة، رافضاً حتى صوت عقارب الساعة الجدارية لأنها لا تمثل له الوقت بتصميمها الغريب وعقاربها المزعجة، النقود هدية الغربة، والشيخوخة عقابها، لكن عليه أن يقنع نفسه بأنه فعل شيئاً جميلاً.
كتب في دفتره كلمات مثلاً «الغربة صعبة»، «وجوه الأصدقاء القديمة»، «زوايا المكان البعيد» كلمات لا تنتهي، كرجل ميت قلبه ينبض بعد سني الفراق، مزحوم بالأسماء والأشياء، بفضل الغربة تصبح الأشياء البعيدة أجمل، الأهل أوفى، الأصدقاء أقرب.
من منزله إلى المطار، طريق طويل، من السكون إلى الحركة، من الهدوء إلى الزحام، الخروج من دائرة الملل، وأعباء الذاكرة، تجاوز القيود التي صنعها، الديار القديمة ممتلئة بأناس أحبهم، من بقي ومن رحل؟
أنهكه التعب، دعوه ينام مائة عام بل ألف عام.. دعوه فقط ينام وأيقظوه، وأسمعوه، ليقص لكم حكايات الطفولة، حكايات الغربة الصعبة.. دعوه يحكي ويفعل ما يريد.
عمرو أبو العطا