الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

هل هناك مجال للإنسانية في محل العمل؟

هل هناك مجال للإنسانية في محل العمل؟
19 يونيو 2018 20:48
أنت تتعاطفين مع الموظفين أكثر من اللازم، في وظيفتك عليك أن تكوني أكثر موضوعية، هكذا تحدث رب العمل في المؤسسة التي كنت أعمل بها في قسم الموارد البشرية. وبالفعل، في بعض الحالات كنت اصطف بجانب الموظف، مثلًا كانت هناك حادثة وافقت فيها على طرد أحدهم، لكنني حلمت ليلتها بأفراد أسرته وهم يتوسلون إليّ كي أحجم عن ذلك. عندما بحت بذلك لأحد صناع القرار انفجر ضاحكاً وقال: «لا تقلقي، إنه ثري جداً، سيكون على ما يرام». لكنني لم أطمئن لأن تحميه ثروته من ألم الشعور بالرفض. وفي واقعة أخرى أعرب أحد المديرين عن خيبة أمله في أحد أفراد فريقه، فما كان مني إلا أن سألت المدير: «لو كان هذا والدك أو أخاك، بأي طريقة كنت تود أن نعامله؟» قد أكون بهذا قد محوت حداً فاصلاً بين العمل والحياة الشخصية، لكن طريقتي أفلحت. فقد بدأ الموظف المعني يحقق نجاحاً. وقد أخبرت المدير فيما بعد عندما بدا عليه الاندهاش: «لقت منحته أنت فرصة عندما غيرت مقاربتك». وقد نصت إعلانات الوظائف في المؤسسة على أننا نسعى لتوظيف أفراد يتسمون بالتعاطف. وقد حرصت على ذكر ذلك والتأكيد على أنني ذات شخصية تتعاطف مع الآخرين في كل مقابلة عمل من الإحدى والعشرين التي أجروها معي قبل أن يمنحوني الوظيفة. لكن بعد مضي ثلاثة أشهر ونصف الشهر من تعييني غادر مديري المباشر المؤسسة وتركني بلا توجيه يُذكر. وظللت بلا قيادة جديدة ستة أشهر كاملة وعندما حل المدير الجديد أدركت أنني في وضع سيء لأنه ورثني من عهد سابق. وفي الأسابيع الأخيرة التي أمضيتها في عملي كنت في حالة يرثى لها، فكل ما أفعل كان يعد خطأ. وقد جرى تهميشي في الفريق ما زاد من توتري وبالتالي تزايدت أخطائي. وفي صبيحة يوم خميس تلقيت طلباً من مديري بأن نلتقي في الاثنين التالي للوقوف على آخر الأخبار. وخلال عطلة نهاية الأسبوع السابقة للاجتماع هدأ أخي من روعي قائلاً: «لن تفقدي عملك، فالمديرون لا يرسلون دعوات كهذه من أجل إبلاغ أحد الموظفين أنه فقد عمله». لكم حدسي كان صادقاً. فقد اتضح أن «الوقوف على آخر الأخبار» هو رمز للطرد من العمل. وبينما كنت أترنح تحت تأثير فشل مشواري الوظيفي أدركت أن كلمة التعاطف ليس الكلمة المثلى في وصف مهام الموظف. لقد تمكنت بسبب خبرتي المهنية من تعزيز قدراتي على فهم الآخرين. لكن هل أنا اهتم لأمرهم أكثر من اللازم؟ ربما. في الشركة التي أعمل بها حالياً، أقوم بإعداد البيانات الخاصة بالموظفين ليراجعها المديرون: «لن يفي معظمنا بالتوقعات عند نقاط محددة. ولكن عندما يعتقد الموظفون أن هناك من يستثمر فيهم، فإنهم يكونون أكثر هدوءاً ويحولون معاناتهم إلى النجاح». عندما أكره شخصاً ما، أذكر نفسي بأنه «مثلي تماماً، هذا الشخص لديه شخص يحبه. مثلما يوجد هناك من يحبني أيضاً، هذا الشخص يعرف الألم مثلما أعرفه أنا أيضاً». عندما أكون في حالة فوضى في مجال العمل، أحاول معرفة عيوبي أولاً حتى أعالجها. لقد قمت مؤخراً بالمساهمة في وضع قاعدة بيانات بطريقة علمية لعدد من المتخصصين من أجل بحث بشأن الاهتمام بالنواحي الإنسانية في مجال العمل. ووضعت في البيانات ما حدث معي في الشركة السابقة «لقد قيل لي إنني كنت متعاطفة للغاية ومن ثم فقدت وظيفتي». ضحك الجميع على تلك الكلمات، لكن في الحقيقة، الأمر بالنسبة لي كان «بمثابة إدراك للواقع». * الكاتب: ماريسا لاشر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©