الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

تربويون: تعديل المناهج الدراسية من متطلبات الثورة المعرفية.. ومطالبات بالثبات لإتاحة الفرصة للتقييم

تربويون: تعديل المناهج الدراسية من متطلبات الثورة المعرفية.. ومطالبات بالثبات لإتاحة الفرصة للتقييم
14 مايو 2011 23:53
تحرير الأمير، دينا جوني، مريم الشميلي (دبي، الشارقة، رأس الخيمة) - لا يمكن للمار في الطابق الثاني من المبنى الرئيس لوزارة التربية والتعليم، إلا أن يلحظ أن مكتب إدارة المناهج الذي يحتل نصف الطابق تقريباً يبدو أقرب إلى “خلية نحل” منه إلى إدارة بيروقراطية. وتنتشر الكتب المدرسية ومسوداتها وصورها وأغلفتها ونصوصها على مكاتب الموظفين في الإدارة وبين أيديهم في حركة لا تهدأ، محاولين استباق الزمن مع كل فصل دراسي لتجهيز مختلف الكتب الجديدة والمعدلة ووضعها بين أيدي الطلبة عند دخولهم الفصول الدراسية. ويتفق تربويون وأكاديميون وطلبة على أهمية تطوير المناهج التربوية بما يتناسب مع متطلبات العصر، إلا أن بعضهم يطالب بـ”عدم التخبط” في تعديل المناهج ومنحها الفرصة لتقييمها والوقوف على إيجابياتها ومحاولة علاج سلبياتها. ويبلغ عدد الكتب المدرسية الجديدة والمطورة التي أعلنت وزارة التربية والتعليم عن طرحها خلال العامين الدراسيين الحالي والمقبل حوالي 45 كتاباً، إضافة إلى إجراء 22 تعديلاً على عدد من المناهج. ولا يبدو هذا الرقم وتلك الحركة التجديدية الدائمة في المناهج التربوية أمراً غريباً بالنسبة للشيخة خلود القاسمي مديرة إدارة المناهج في الوزارة، بل ذلك يعدّ أحد بدهيات العمل في إدارة المناهج، كما تقول. وشرحت القاسمي أن عملية تطوير المناهج تتم بطريقتين: الأولى كلية تحدث مرة خلال مدة زمنية محددة قد تزيد على عقدٍ من الزمن، والثانية جزئية ومستمرة من دون توقف تحدث في كل عام دراسي، بل في كل فصل دراسي. ولفتت إلى أن آلية التطوير الكلية التي تتم مرة كل عدة سنوات ترتبط ارتباطاً وثيقاً ببناء الوثائق الجديدة للمناهج، والتي تقتضي بناء مناهج جديدة تترجمها. ويعتبر هذا التطوير الكلي للمنهج عملية منهجية تقوم على أسس علمية وتعتبر شاملة لجميع جوانب المنهج وترتبط بجميع العوامل المؤثرة فيه كالأساليب والوسائل وغيرها. دواعي التطوير اعتبرت القاسمي أن هذا التغيير الكلي له دواعيه ومبرراته التي تحتّمه باعتبار أنه تطور الفكر الإنساني وتجدد معارفه وما يواكب ذلك من ثورة معلوماتية تصبغ الحقبة الزمنية المعاصرة لها، وكذلك تطور الفكر التربوي وانعكاساته على غايات التعلم والتعليم وأساليبهما ومصادرهما، إضافة إلى تجدد الاحتياجات الإنسانية والمجتمعية من جهة، وتغير الحاجات الفردية لدى المتعلم. وبذلك، فإن تغير اهتمامات المتعلم وميوله يقتضي ضرورة مراعاته ببناء مناهج جديدة بوصف المتعلم محور العملية التعليمية، إضافة إلى الانفتاح الثقافي والحضاري، وظاهرة العولمة وتأثيرها في النظام التعليمي، والحاجة الماسة إلى مبدأ التعلم الذاتي والمستمر نتيجة للثورة المعرفية المعلوماتية، كل ذلك كان له أثر كبير في بناء بعض المناهج الجديدة وأحد أهم أسباب تطوير المناهج الأخرى. تقييم مستمر وقالت القاسمي إنه بعد بناء المناهج الجديدة، فإن الإدارة تضعها دوماً في دائرة التقييم المستمر سواء كانت علمية أو أدبية أو دينية، وذلك من قبل اختصاصيي المناهج، والميدان التعليمي وذوي الخبرة كل في مجال تخصصه. وشددت على أن إدارة المناهج تحرص على أن تتواصل بشكل مستمر مع جميع المعنيين بالكتاب المدرسي من فئات الميدان التعليمي، وتتلقى منهم تغذية راجعة مستمرة عبر قنواتٍ عدة، وما تتلقاه من ملحوظات حول الكتب يتعرض للمراجعة والتدقيق أولاً، وما صلح منه يتمَّ إدراجه في إطار التحديث والتعديل. ويتم هذا النوع من التطوير المستمر في جوانب معينة من المنهج دون المساس بنظامه أو فلسفته أو إحداث تغيير في مفاهيمه الأساسية، وهو أمر ضروري تمليه طبيعة الحياة وتغييراتها على الصعد المختلفة. فمثلاً الواقع التاريخي اليوم، يحتم التحديث في مناهج التاريخ، والواقع التكنولوجي التقني بمتغيراته وتطوراته، ويحتم التحديث في مناهج تقنية المعلومات وغيرها من المواد الدراسية. وأكدت القاسمي أن كل عملية تطوير تجريها إدارة المناهج هي في الحقيقة عملية هادفة تعود لمصلحة المتعلم، وتتم من خلال فرق تخصصية، وتقوم على أسس علمية وتربوية، كما تعتمد على منطلقات ودواعٍ تبرر القيام بها، لافتة إلى أن التطوير يعدّ ضرورة بشرية لكل عمل بشري. لا للترقيع في المقابل، وعلى الرغم من تأكيدهم أهمية تطوير المناهج المدرسية، إلا أن قيادات تربوية ومدرسين يفضلون ما أسموه “الثبات” لفترة زمنية بقصد رصد النتائج وتقييم المخرجات، قائلين إن قضية التغيير لا بد أن تكون جذرية ومدروسة بمعزل عن فكرة “الترقيع” الذي لا يصلح إلا لفترة محدودة أو التغيير الدائم الذي ينسحب عليه “تيه وتشتت وخسارة مادية”. وقالت حصة الخاجة رئيس قسم البرامج والمناهج في منطقة الشارقة التعليمية إن دور المنطقة يقتصر على رصد الميدان والاطلاع على رأي المدرسين والطلبة وأيضا أولياء الأمور عبر استبانات توزع عليهم بالتعاون مع مجالس أولياء الأمور، ومن ثم نعمل على إرساله لإدارة المناهج في وزارة التربية. وأكدت الخاجة عدم ورود أي شكاوى من قبل المدارس باستثناء بعض المشكلات التي وصفتها بالبسيطة مثل الأخطاء الإملائية أو تكرار الصفحات أو نقص بعضها. وأشارت إلى أن مادة التربية الوطنية للصف الرابع كانت استثناء لما سبق، حيث اعتبرها التوجيه مادة صعبة، وأعلى من مستوى الطلاب، وقد تم إرسال تقرير لإدارة المناهج في الوزارة يوضح هذا الأمر. وقال عصام عبد العليم، مدرس مادة الرياضيات في مدرسة المجد الثانوية بالشارقة، إن التغيير الدائم “ليس إيجابياً”، حيث لا بد من الثبات قليلاً، خشية وقوع فجوة بين صف وآخر. واعتبر عبد العليم التغييرات الأخيرة على المناهج أتاحت للطالب فرصة جيدة للتفكير والتحفيز بعكس المناهج القديمة التي تعتمد على الحفظ والتلقين. واعتبرت معلمة لغة عربية، فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن منهج اللغة العربية “غير متصل ويخلو من فكرة التسلسل المنطقي”، حيث إن منهاج الصف الأول يركز على تعليم مهارات بسيطة ومن ثم يقفز في الصف الثاني بتعليم عدة مهارات كالقراءة والإملاء وكتابة الرسائل والقواعد، مطالبة بعدم تعددية منهاج اللغة العربية والاكتفاء بكتاب واحد للصف الأول يشتمل على تطبيق جميع المهارات أو تطبيق منهج الغد الذي أثبت أنه منهج مميز ومدروس ومنطقي، ويعمل على تعليم المهارات المطلوبة بطريقة ذكية ومتطورة باستخدام الرسومات والألوان الجذابة للأطفال في هذه المرحلة، بحسب تعبيرها. وكما طالبت بتغيير منهج التربية الوطنية، والعمل على وجود وحدات وموضوعات تعزز وتنمي الروح الوطنية الإماراتية في قلوب جميع الطلبة بمعزل عن أصولهم وانتماءاتهم. وأشارت آمال يوسف العلي مديرة مدرسة فاطمة الزهراء إلى أن التغيير السنوي ليس صحياً، وأبعد ما يكون عن الإيجابية، “إذ يعود بنا إلى الصفر عقب أشهر من التدريب على المنهج وشراء الأدوات، لنفاجأ بأنه تم تغيير وحدات بكاملها”. ورأت العلي ضرورة الثبات النسبي في التغيير كي يتسنى معرفة المخرجات والنتائج للتجربة؛ لأن التغيير لا بد أن يكون مدروساً وواضحاً ومرفقاً بخطة لثلاث سنوات كحد أدنى. وبينت أن مادة الفيزياء من بين المواد التي شهدت تغييراً سنوياً، ما أدى إلى غياب مرجعية لدى المدرس والطلبة وتشتت الجهود، فضلاً عن الخسارة المالية بسبب زخم المادة وصعوبتها وقلة حصصها. وقالت علياء حسن الشامسي مديرة مديرة الإبداع إن تغيير المناهج يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مستويات الطلبة، وأن يكون متسلسلاً كي يؤتي ثماره. كما اعتبر خلفان الرويمة مدير مدرسة الخليج العربي أن التغييرات السريعة وغير المدروسة جيداً تضر بجميع أطراف العملية التربوية ابتداءً بالمعلم مروراً بالطالب، وانتهاءً بولي الأمر. انقسام طلبة وكما هي حال التربويين، انقسم الطلبة إزاء التعديلات على المناهج بين مؤيد ومتخوف، حيث قال الطالب جمال أحمد السلام، طالب في الصف العاشر، إن قرار التعديل أمر جيد، خصوصاً أنه سيشمل كتاب الرياضيات بجزئيه الأول والثاني والتاريخ وكتاب علم الاجتماع، وجعلها متناسبة وفق جدول المعايير المأخوذ به في نظام التصحيح في الامتحانات الذي يستند على الفهم والاستيعاب وليس الحفظ والتلقين. واتفق معه الطالب حسن علي الشحي في الصف الحادي عشر العلمي الذي أشار إلى أن مسألة التعديل في الكتب وطرح مناهج جديدة في منظومة التعليم أمر مستحب وجيد يفضل أن يكون في مصلحة الطالب في الدرجة الأولى حتى يتوافق التعليم بالدولة مع بقية نظم التعليم بالعالم، خصوصاً في عدد من المواد الدراسية كالرياضيات واللغة العربية والفيزياء. إلا أن الطالبة سهى مصطفى في القسم العلمي، اعتبرت أنه لا توجد دواعٍ أو مبررات لتغيير وتعديل الكتب أو المناهج التعليمية؛ لأنها جميعها متوافقة مع بقية نظم التعليم في دول الخليج العربي، مشيرة إلى أن التغيير المستمر يصعب على المعلم فهم الكتب الجديدة ما يتسبب في التأخير في المنهج، وهو ما يرجع بشكل مباشر وسلبي على الطالب. أما طلبة الصفوف التأسيسية في الحلقة الأولى، فاتفقوا على عدم معرفتهم بإيجابيات أو سلبيات التغيير في المنهج، متمنين فقط أن يكون المنهج والكتب المدرسية سهلة بشكل يمكنهم من الحصول على تقدير عالٍ. كما اعتبر طلبة في المدارس الخاصة التي تدرس منهاج التربية أن طرح كتابي “أحب الإسلام”، و”أتعلم الإسلام”، باللغة الإنجليزية قرار إيجابي يخدم الطالب، ويضعه في مصاف أقرانه الطلبة الدارسين في المدارس الحكومية حتى يسيروا جميعهم وفق خط واحد. طرح 3 مناهج جديدة وإجراء 17 تعديلاً على 8 مواد دراسية وكانت “الاتحاد” نشرت خطة إدارة المناهج للعام الدراسي المقبل 2011 - 2012 من خلال طرح 3 مناهج جديدة في المدارس الحكومية والخاصة تشمل مادة التربية الفنية للصف الخامس من الحلقة الأولى، إضافة كتابي “أحب الإسلام” و”أتعلم الإسلام”، المنشورين باللغة الإنجليزية للمدارس الخاصة. وستقوم الإدارة بإجراء 17 تعديلاً على 8 مواد دراسية، وطرح 19 طبعة جديدة من الكتب لـ10 مواد أخرى. وسيبلغ عدد الكتب الدراسية للعام المقبل 386 كتاباً من ضمنها 274 كتاباً للمدارس الحكومية، منها 185 للأجزاء الأولى، و89 للأجزاء الثانية، و11 كتاباً للمدارس الخاصة، و16 كتاباً لمرحلة رياض الأطفال، و47 كتاباً لتعليم الكبار، و38 كتاباً للمعاهد الإسلامية. وبالنسبة للتعديلات، فقد اقتصرت على دمج جزءي الكتاب المدرسي لعدد من المواد الدراسية في مختلف المراحل التعليمية. كما طرحت الوزارة للعام الدراسي الحالي 2010 - 2011، 23 كتاباً مدرسياً جديداً ومطوراً لـ9 صفوف من الحلقتين الأولى والثانية، إضافة إلى المرحلة الثانوية، فيما يبلغ عدد الكتب الخاصة بجميع الصفوف من الأول إلى الثاني عشر العلمي والأدبي 289 كتاباً، منها 186 كتاباً للأجزاء الأولى، و103 كتب للأجزاء الثانية. كما طرحت الوزارة 22 دليلاً جديداً للمعلم في 6 مواد دراسية لعدد من الصفوف. وتوزعت كتب الطلبة على 8 مواد دراسية مختلفة منها 3 مناهج جديدة، أما الكتب المعدّلة، فشملت 5 مناهج أخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©