الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثقافة التعايش والتفاهم

11 مايو 2013 22:18
إندي بيوني صحفي وكاتب إندونيسي لقد تباعدت المسافة بين العالَمين الغربي والإسلامي في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر. وقد تبعت الهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001 هجمات مدمرة مماثلة في بالي ولندن ومدريد ومومباي وأماكن أخرى من العالم، ربط الإعلام الغربي بينها وبين اسم الإسلام. والآن بعد ما يزيد على عشر سنوات، وحربين دمويتين شنتهما الولايات المتحدة باسم محاربة الإرهاب، تبقى التوترات عالية بين بعض المجتمعات المسلمة وما يشار إليه بالغرب. وما زال العديد من الناس يتوهمون أن العالم منقسم نتيجة للاختلافات الثقافية أو الدينية، وهم يرون حضارتين غير متوافقتين، كأن مصيرهما الصدام. ليس هذا المنظور قاصراً وخاطئاً فحسب، ولكنه خطير أيضاً لأنه يجازف بأن يصبح نبوءة ذاتية التحقيق. وأحد العيوب البارزة في نظرية الحضارتين المتنافستين هو أنه لا يوجد «عالم مسلم» واحد، تماماً مثلما لا يوجد «عالم غربي» واحد. وليس العالم قابلاً لأن ننظر إليه بمنطق الحدية والأسود والأبيض، كما يعكسه هذا المنظور. وهناك درجات متعددة مختلفة من الثقافات المسلمة، كما هو الحال بالنسبة للثقافات الغربية. سكان العالم الإسلامي، على سبيل المثال، متنوعون إلى درجة أنه يصعب وصفهم أو وضعهم جميعاً في سلة واحدة، أو بثقافة معينة. ويمتد العالم الإسلامي جغرافياً من إندونيسيا إلى المغرب، وهنالك أيضاً أعداد كبيرة من السكان المسلمين في دول أخرى مثل الصين والهند والولايات المتحدة، وكذلك عبر أوروبا. إلا أنه باستثناء بعض الشعائر الدينية المشتركة، لا يوجد شيء تقريباً يربط المسلمين في إندونيسيا مع إخوانهم في الإيمان في باكستان، على سبيل المثال، أو تركيا. وليس لديهم سوى القليل مما يشتركون فيه ثقافياً وأيضاً سياسياً. ومن الناحية السياسية، يبدو التنوع أكثر وضوحاً داخل المجتمعات نفسها كذلك. فلدى المجتمعات المسلمة حصتها من الليبراليين والمعتدلين والديمقراطيين والمحافظين والأصوليين. ولهذه المجتمعات حصتها من الجماعات الهامشية المتطرفة كذلك، ولكنها لا تمثل الغالبية بأي شكل من الأشكال. ويؤدي وضع 1,6 مليار مسلم في بوتقة أو سلة واحدة إلى إصدار تعميمات مضللة وخطيرة وترسيخ صور نمطية خاطئة، من بينها أن المسلمين عنيفون، وهو منظور ساعد على إدامة الرهاب الإسلامي «الإسلاموفوبيا» في الغرب. وسيصبح من الصعب، طالما توهمنا أن الناس ينتمون إلى منظور عالمي منقسم عبر خطوط حضارية مختلفة، في الغرب والعالم الإسلامي، جسر الصدع، أو التغلب على الشكوك المتبادلة بين الطرفين. ومثل هذه التوترات يتم استغلالها عادة من قبل المتطرفين في كلا المعسكرين، وهدفهم أبعد ما يكون عن السلام. وهناك العديد من الجماعات في العالم الإسلامي التي تستفيد سياسياً من إثارة المشاعر المعادية للغرب أو العواطف المعادية لأميركا، تماماً مثلما توحّد جماعات في الغرب تستغل المشاعر المعادية للمسلمين في مجتمعاتها. وفي الوقت الذي عمل فيه العديد من الناس حول العالم في محاولة لجسر الصدع، إلا أن هؤلاء الناس ذوي الغايات الحسنة ما زالوا يرقصون مرغمين على إيقاع الحرب الذي يعزفه المتطرفون. وبدلاً من ذلك، يتوجب علينا اليوم أن نرقص على إيقاع جديد يشجع السلام، ويوحّد العالم كحضارة واحدة تضم أكبر عدد من الثقافات يستطيع العالم تحملها. ونستطيع عمل ذلك، من خلال تجاوز أوهام الانقسام، وعدم التسليم بصورة العالم على أنه منقسم بين المسلمين والغرب. وربما يملك الناس في هذين العالمين ثقافات وتقاليد مختلفة، ويتواجدون في مراحل متباينة من التطور الاقتصادي. ولكن من ناحية أخرى، لديهم أمور أخرى يشتركون فيها، فلديهم نفس التطلعات، عندما يعود الأمر إلى الحرية والديمقراطية والكرامة والازدهار. إن لدينا فرصة أفضل بكثير لتحقيق هذه التطلعات المتبادلة من خلال التعاون، بدلاً من التنافس، أو محاربة بعضنا بعضاً. وهناك حضارة واحدة متواجدة اليوم، تطوّرت ونمت عبر مئات السنين، وقد لعب فيها المسلمون والغربيون دوراً قيادياً. ويجب عدم تعريف الأمم والقوميات تعريفات استقطاب أو صراع. وكلما أسرعنا في تقبّل تنوعنا داخل الوحدة الإنسانية، ورسخنا تقاليد الحوار والتفاهم، كلما كان الأمر أفضل لمستقبل العالم ليتعايش، ويتعامل مع المشاكل والتحديات المشتركة التي تواجه الإنسانية جمعاء. ينشر بتريب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©