الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا... وقت قليل وخطوط حمراء كثيرة

11 مايو 2013 22:17
جيفري جولدبرج كاتب ومحلل سياسي أميركي يرى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، مستدلاً بعدد من الظواهر، أن النظام في سوريا قد عبر «الخط الأحمر»، الذي حدده أوباما، باستخدامه للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين؛ حيث قال في تصريح له مؤخراً: «هناك طائفة متنامية من المعلومات المحدودة، ولكن المقنعة في الوقت نفسه على أن النظام السوري قد استخدم ويواصل استخدام الأسلحة الكيماوية بما في ذلك غاز السارين، ومساحة الشك حول هذا تتناقص باستمرار». ولكن المشكلة أنه في عصر ما بعد العراق لا تعتبر «المعلومات المحدودة، ولكن المقنعة» كافية للبدء في أي عمل يفكر فيه- أو كان يفكر فيه- أوباما ضد نظام الرئيس السوري. ولكن ما يبدو هو أن الإدارة لن تتمكن من الاستمرار في تغييب هذه الأدلة للأبد(حتى الآن عبرت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل والبنتاجون عن شكهم في أن الأسد قد استخدم الأسلحة الكيماوية بالفعل). دعونا نصف ما شاهدناه هذا الأسبوع من قبل إدارة أوباما على أنه لم يكن نوع من الخدر الحسي والفصام الأخلاقي، وإنما نوع من الحذر. حتى لو كان الأمر كذلك، فإن التركيز على الخط الأحمر الخاص بالأسلحة الكيماوية قد غطى على بقية الخطوط الحمراء التي عبرها الأسد- وليس بالضرورة تلك التي حددها الرئيس، أو غيره من الرؤساء ورؤساء الوزراء، وإنما الخطوط الحمراء التي تدركها الشعوب المتحضرة في كل مكان. إنني واحد من هؤلاء الأشخاص المهمومين دوماً بآثار المواد الكيماوية والعواقب الأخلاقية المترتبة على استخدامها(فزيارة واحدة لقرية حلبجة الكردية التي ضربها صدام بالغازات الكيماوية كافية كي تذكر أي أحد بذلك). وعلى الرغم أنني من أول من يدركون الطبيعة البشعة لغاز السارين، فإنه من المهم تذكر أنه ليس السلاح الكيماوي الوحيد الرهيب في ترسانة الأسد. فعلى سبيل المثال تم عبور الخط الأحمر المتمثل في اغتصاب الفتيات منذ شهور عدة. فهناك تقرير لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»يروي ما حدث في بلدة «كرم الزيتون» عندما اقتحم عملاء النظام أحد المباني السكنية، وقاموا بالطرق على باب أحد السكان بقوة مهددين بأنهم سيطلقون النار إذا لم يفتح من بالداخل الباب». وحسب ما جاء بالتقرير فإن شاهدة عيان تدعى «سلمى»، روت ما شهدته، وقالت إن الباب لم يفتح في البداية، وإن العملاء قاموا بإطلاق النيران عليه. وإن أحد القاطنين بالداخل من الرجال خرج في حالة من الفزع استعطفهم ألا يؤذوه، وإنهم دفعوه ودخلوا ثم سمعت صراخاً بالداخل صادراً من فتاة في وجه أحد أنصار النظام انتهت بإطلاقه للنار على رأسها وقتلها، وإن تلك الفتاة كانت في العشرين من عمرها. ولم يتوقف الأمر بعد ذلك، حيث قام أفراد الجماعة المهاجمة باغتصاب فتاة يبلغ عمرها 12 عاماً، بعد أن مزقوا ملابسها. وأن سلمى عرفت منها بعد ذلك أنهم قد اغتصبوا فتاتين أخريين يبلغ عمرهما 16 و18 عاماً. كما عبر نظام الأسد الخط الأحمر، عندما قام عملاؤه باغتصاب الصبية، كما يقول شاهد عيان تضمن تقرير «هيومان رايتس ووتش» إفادته ويدعى سميث، يقول إنه شاهد غلامين معهم في الزنزانة، وقد انتزعت أظافرهم، وتورمت وجوههم من الضرب، وأن السجانيين كانوا يعاملونهم أسوأ من الكبار، وأن تعذيبهما لم يقتصر على الضرب، بل كانوا يأخذونهما ويغتصبونهما، وأنه كان يراهما عندما يعيدهم الجنود إلى الزنزانة، بعد أن يفعلوا بهم ذلك، وهم غير قادرين على المشي والدماء تنزف منهم من الخلف، وأن المساجين كانوا يبكون عندما يرونهما على تلك الحالة التي لا يمكن وصفها». كما عبر نظام الأسد خطاً أحمر، عندما قرر إطلاق صواريخ سكود ضد المدنيين من شعبه. من الأمثلة على الخسائر التي لحقت بالمدنيين جراء ذلك مصرع 20 شخصاً في شهر مارس، عندما سقط صاروخ سكود على بلدة «حريتان» الشمالية. كما اجتاز النظام خطاً أحمر، عندما استخدم طائراته الحربية ضد أهداف، كان من بينها طابور من المواطنين المصطفين أمام أحد المخابز، كما كان من بينها مستشفيات. ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث عبر النظام خطاً أحمر آخر، عندما قامت المليشيات الموالية له بمعاونة من «حزب الله» المدعوم من قبل إيران، بممارسة التطهير العرقي بالقيام بطرد السُنة من مناطق العلويين في سوريا- من المعروف أن الأسد ينتمي للطائفة العلوية- توقعا على ما يبدو لإقامة منطقة علوية حصينة في حالة فقدان النظام لسيطرته على العاصمة دمشق. وفي الأسبوع الماضي نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان تقريراً جاء فيه، إن القوات الموالية للحكومة قد قتلت عشرات من الأفراد في مدينة «البيضاء» ذات الأغلبية السُنية، وإن عدداً كبيراً منهم قد قتل طعناً وذبحاً بالسكاكين. بمقدوري المضي قدما في سرد المزيد من الوقائع، التي تجاوز فيها النظام خطوطاً حمراء، ولكني سأنهي هذه القائمة من الشكاوى، وأسجل أن قصدي ليس إثبات أن استخدام غاز السارين يمثل انتهاكاً لخط أحمر لمجرد أن الرئيس أوباما-أساسا- قد قال ذلك، وإنما قصدي القول إن واجب الولايات المتحدة هو قيادة حملة للقيام بالمزيد من الإجراءات الفعالة ضد نظام الأسد(كفرض منطقة حظر طيران فوق ملاذات آمنة مقتطعة من الأراضي السورية، على سبيل المثال، لأن القيام بذلك سينقذ حياة كثيرين)، ليس لأن النظام السوري يستخدم أسلحة كيماوية وإنما، لأن تكتيكاته- ومنها على سبيل المثال جرائم القتل الواسعة النطاق، والتطهير العرقي والاغتصاب الجماعي، يجعل من استمرار النظام السوري في الحكم إهانة كبرى للحضارة الإنسانية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة»واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©