الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في سوريا.. «جيل ضائع» دون مهن أو صنائع!

في سوريا.. «جيل ضائع» دون مهن أو صنائع!
24 مايو 2014 23:29
إليزابيث ديكنسون عمان – الأردن عندما تضع الحرب أوزارها في سوريا، سيتم استدعاء جيل الشباب الحالي لإعادة إعمار بلاده، ولكن بعد أن ضاعت أهم سنوات حياتهم المهنية، فقد توقف كثير منهم عن عمله وتعليمه، ونزح ما يربو على مليوني سوري هرباً من الموت. وكثير من السوريين الذين وصلوا حديثاً إلى الأردن كانوا من الطبقة المتوسطة في سوريا، تلك الدولة التي اشتهرت بتخريج بعض من أفضل الأطباء والمحامين ورجال الأعمال في المنطقة. ولكن الأردن، الذي عانى من ارتفاع معدلات البطالة بين شبابه الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاماً لتصل إلى نسبة 37 في المئة، حظر عمل السوريين، وعلى رغم أنه فتح أبواب التعليم الحكومي مجاناً للأطفال السوريين، إلا أنه ليست ثمة ترتيبات لتوفير التعليم الجامعي أو المهني. وتقدم مخيمات اللاجئين، حيث يعيش نحو خمس السوريين في الأردن، بعض برامج التعليم المهني البسيطة التي تستهدف ما يسمى بـ «الجيل الضائع» ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً. وفي جنوب مخيم الزعتري، الذي يؤوي 85 ألف سوري في الوقت الراهن، يتعلم 350 طالباً مهن الحياكة والحلاقة واللحام والكمبيوتر، وتحيك شابات سوياً حقائب وفساتين من قماش الخيم أو الملابس القديمة، بينما يحلق شباب شعر اللاجئين مجاناً مرة في الأسبوع لممارسة المهنة. وأوضحت ياسمين فرحات، المسؤولة في برنامج التدريب المهني لدى مجلس اللاجئين النرويجي، قائلة: «نريد أن نراهم يعملون ويستغلون هذا الوقت في تحسين مهاراتهم». ويقيم برنامج التدريب الخدمات المطلوبة في المخيم، ويدرب الشباب السوريين على تقديمها، ولا يمكن للاجئين العمل مقابل أجر داخل المخيم أيضاً، ولكن يمكنهم الحصول على «حوافز» مثل قسائم أغذية أو سلع منزلية أخرى. وفي مدن أخرى يبدو الوضع أكثر صعوبة، إذ تعمل 78 مدرسة في الفترة المسائية لتوفير التعليم الحكومي لنحو مائة ألف تلميذ سوري، ولكن لا نظير لذلك في التعليم الجامعي، بسبب ارتفاع تكلفته. وقبل الحرب، كانت المدارس السورية ترسل كثيراً من الطلاب إلى الجامعات الحكومية في البلاد، بينما كانت المدارس الخاصة تسجل نمواً أيضاً، وكان ما يناهز خمس الإنفاق الحكومي يُوجّه للتعليم. وقد أفادت آيات الخطيب، وهي سورية كانت توشك على بدء دراسة الماجستير قبل أن تفر من سوريا، بأن التعليم الجامعي مهمل تماماً بين اللاجئين، مضيفة «اعتدنا على الدراسة المجانية في النظام الحكومي، ولكن الآن حتى اللاجئون الذين يحصلون على أعلى الدرجات في المدرسة الثانوية لا يتوقعون أن تتوفر لهم فرصة التعليم الجامعي». أما محمد البدوي، وهو حرفي، كان يتوقع مستقبلاً مبهراً قبل اندلاع الحرب في عام 2011، فبعد أن تخرج في الجامعة حصل على وظيفته الحكومية في إصلاح المعدات الزراعية في حمص، وارتبط بفتاة أحلامه نادين من قريته نفسها ، وكان حلمه أن يبني منزله، وكان قد بدأ في فعل ذلك، وكان يستعد لمفاجأة خطيبته بتغطية جدران المطبخ بألوان زاهية تلمع مع غليان الطعام على الموقد. ولكن دارت رحى الحرب في حمص، ولم تتمكن نادين من عبور المدينة لزيارة المنزل، ولكن بدوي أرسل لها الصور عبر الهاتف، بينما كان ينتظر تسليم الإسمنت المعطل. وفي غضون ذلك، بدأت حياة نادين تنهار، بعد أن قتل والدها وشقيقها وعمها على أيدي قوات النظام السوري على مدار أربعة أيام في عام 2012. وفرّ الزوجان عندما تفاوض جيش النظام السوري على مقايضة الأسرى، ما سمح للنساء والأطفال من الحي الذي كانت تعيش فيه نادين بالخروج في مقابل إطلاق سراح سجناء كانوا محتجزين في الحي الذي يعيش فيه بدوي. وأسرع بدوي ونادين بالنزوح إلى حمص لعقد الزواج، وبعد سبعة أيام أخرى، رحلوا إلى عمان، وكان ذلك منذ عامين. ولا يمتلك بدوي الآن منزلاً أو وظيفة، ويتطوع بالعمل لدى منظمة دولية غير حكومية توفر له الغذاء كأجر نظير العمل لمدة ستة أشهر، ويعيش الآن مع نادين في شقة يتقاسمانها مع شقيقه وأسرته في عمان. ويعتبر بدوي من المحظوظين، فهناك آخرون في مثل عمره يعملون في وظائف غير قانونية دون مؤهلاتهم مقابل أجور منخفضة. ومن بين هذه الحالات، علاء وهو عامل في مصنع فقد قدمه، ويعيش مع زوجته في شقة مكونة من غرفة واحدة على تلة منحدرة في عمان. وزوجة علاء حامل بطفلهما الأول، بينما يساوره هو القلق بشأن توفير احتياجات أسرته التي تنتظر فرداً آخر، وعلى رغم عدم حصوله على شهادة عليا، إلا أنه كان قبل الحرب يتقاضى راتباً جيداً من العمل في مصنع إسمنت في السعودية. وبعد عودته إلى سوريا لأداء خدمته العسكرية، فقد قدمه في حادث سيارة، وقع في خضم مواجهات بين الثوار والنظام، وبعد إصابته، ومن ثم عدم قدرته على العودة إلى وظيفته السابقة في السعودية، نزح إلى الأردن وسط ظروف صعبة بالنسبة له ولعائلتيه. وحتى فرص العمل الضئيلة المتوافرة ذات الامتيازات غير الملائمة من الصعب العثور عليها، ولا يمكن للسوريين الذين يفتتحون مشاريع تجارية توظيف أكثر من نصف قوة عملهم من السوريين، ولا تقبل المنظمات الدولية غير الحكومية سوى متطوعين بدوام جزئي مقابل أجر رمزي وبعقود قصيرة المدة. وبدأ بدوي العمل مع منظمة دولية غير حكومية تقوم بزيارات مجتمعية، تساعد اللاجئين على الحصول على مساعدات والعثور على مأوى جديد، ويتقاضى في مقابل يوم عمله الذي يبدأ في الثامنة صباحاً وينتهي في الخامسة مساء 18 ديناراً أردنياً (نحو 25 دولاراً)، ويعتبر هذا المبلغ بدل غذاء، نظراً لأن الرواتب ممنوعة. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©