السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين وتايوان··· محاولة للاندماج الاقتصادي

الصين وتايوان··· محاولة للاندماج الاقتصادي
8 نوفمبر 2008 02:56
الاحتجاجات العارمة التي شهدتها العاصمة التايوانية، تايبيه، يوم الثلاثاء الماضي ونظمتها الجماعات المطالبة بإعلان الاستقلال عن الصين، لم تمنع إبرام مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة بين الغريمين التقليديين، الصين وتايوان· فقد توصل الطرفان إلى اتفاقيات تشمل قطاعات متعددة مثل النقل الجوي والشحن والبريد ليسهم في اندماج أكبر لتايوان ضمن الاقتصاد المزدهر لجارتها العملاقة، هذا الاتفاق الذي يأتي بعد سلسلة من المفاوضات المتعثرة الممتدة طلية عقد التسعينات· غير أن التقارب الاقتصادي بين الطرفين لم يثمر علاقات سياسية صحية، حيث ظلت الخلافات قائمة والتوتر مستمراً، مما يشير إلى درجة من الالتباس مازالت قائمة لدى تايوان في تحديد علاقاتها تجاه الصين، إذ فيما يعتبر أغلب التايوانيين، حسب استطلاعات الرأي، أن الصين بلد ''غير صديق'' تحبذ الأغلبية أيضاً تعزيز العلاقات التجارية مع جارتهم القوية· ولعل ما يشجع على التقارب الصيني التايواني صعود الرئيس ''ما ينج-جو'' إلى السلطة في تايبي خلال شهر مايو الماضي وتعهده بتحسين العلاقات بين البلدين بعد عقد كامل من تنامي الشعور القومي لدى النخبة السياسية التايوانية· فمباشرة بعد فوزه الكاسح في الانتخابات بادر ''ما ينج-جو'' إلى إجراء مباحثات مع ممثلين عن الصين، وبحلول شهر يونيو الماضي كان البلدان قد وقّعا على اتفاقية تنظم الرحلات الجوية بينهما وتدعم السياحة البينية، لكن ومنذ ذلك الوقت تراجعت شعبية الرئيس التايواني والتي تزامنت مع الهبوط الحاد الذي عانت منه سوق الأسهم المحلية بسبب تداعيات الأزمة المالية، بالإضافة إلى الدور الذي لعبه تقاربه مع الصين في إثارة مخاوف بعض الأوساط التايوانية مما أثّر سلباً على معدل شعبيته في أوساط الرأي العام· ومن جهتها تراجعت الصين، التي تعتبر تايوان جزءاً من أراضيها، عن خطابها المتشدد الذي ألمح سابقاً إلى استعداد الصين للدخول في حرب للحفاظ على تايوان عندما صعد الرئيس ''ما ينج-جو'' إلى السلطة، حيث أبدت بكين رغبتها في بناء علاقات جديدة مع تايبي، لاسيما في المجالات الاقتصادية· وفي هذا السياق، وصل يوم الاثنين الماضي المفاوض الصيني ''تشين يونلين''، وهو أكبر مسؤول في الحزب الشيوعي الصيني يزور تايوان، لإجراء مباحثات مع نظرائه التايوانيين تمتد لأسبوع من الزمن، حيث التقى الطرفان برجال أعمال محليين في ناطحة السحاب الأشهر في تايبي· ومن المتوقع أن يناقش المفاوضون الصينيون سبل تسهيل عملية تمويل المشاريع المشتركة عبر المضيق الذي يفصل البلدين، بالإضافة إلى تقديم زوج من حيوان الباندا إلى حديقة الحيوانات في تايبيه كدليل عن عمق النوايا الحسنة، وهي الخطوة التي كانت تايوان ترفضها لسنوات لما رأت فيه من مساعي الصين إلى توحيد البلدين· وبالنسبة للعديد من المدافعين عن استقلال تايوان، أحدثت الزيارة الأخيرة نوعاً من عدم الارتياح واتهموا الرئيس الحالي لتايوان بالسعي إلى بيع سيادة البلد وتهديد استقلاله، لاسيما أنه قدم في رأيهم العديد من التنازلات مثل إزالته للعلم الوطني التايواني من المناطق التي سيمر بها موكب المفاوض الصيني تفادياً لإحراجه· لكن، وفي ظل المقاعد القليلة التي يتوفر عليها المدافعون عن الاستقلال في البرلمان وعدم قدرتهم على تعطيل أجندة الرئيس، فإن كل ما يستطيعون القيام به في اللحظة الحالية هو تصعيد احتجاجاتهم في الشارع والتعبير عن معارضتهم من خلال التظاهر· وعن التقارب الصيني التايواني يقول أحد المدافعين عن الاستقلال: ''نفضل أن نظل فقراء على أن تحكمنا الصين، أما العلاقات المباشرة فهي فقط تصب في مصلحة رجال الأعمال، ولا تساعد في شيء الشعب التايواني''· وجاءت الاتفاقيات الموقعة يوم الثلاثاء الماضي لتلغي الحواجز بين البلدين التي يرجع تاريخ إقامتها إلى 1949 من قبل النظام المنافس للسلطة في الصين والذي رفض الاعتراف بسيادة الحزب الشيوعي، بحيث يفتح الاتفاق المجال أمام رحلات جوية جديدة من شأنها اختصار الوقت وتقصير المسافة· فقبل الاتفاق الأخير، كانت الرحلات بين البلدين تضطر إلى التوقف أولاً في هونج كونج قبل التوجه إلى الصين، أو القدوم إلى تايوان، وسيصبح من السهل في ظل الوضع الجديد على رجال الأعمال في تايوان استيراد المعدات من الصين بشكل مباشر ودون حاجة إلى التوقف في هونج كونج· ويرى ''و تشانج شو''، عميد كلية الإدارة في جامعة تايوان أن ''الاتفاق الذي وقع يقلص نفقات الشحن والنقل التي كانت تثقل كاهل المصدرين والمستوردين في تايوان''· ومع ذلك، فمن غير المتوقع أن يسهم فتح الحدود الجوية والبحرية بين الصين وتايوان في عزل هذه الأخيرة عن التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية، حيث تظل تايبيه، حسب العديد من المراقبين، إحدى أكثر الدول تأثراً بالأزمة بسبب علاقاتها الاقتصادية القوية مع الولايات المتحدة· وبوصول المفاوض الصيني إلى تايوان لأول مرة، شددت السلطات إجراءاتها الأمنية بنشرها للآلاف من رجال الشرطة وتكثيف الحراسة على المطار والفندق الذي ينزل فيه الضيف الصيني الذي تحول إلى شماعة يعلق عليها العديد من الأطراف مشاكلهم بدءاً من التايوانيين المناوئين للصين وليس انتهاء بمناصري إقليم التبت الذين تظاهروا أيضاً في الشوارع تعبيراً عن احتجاجهم على زيارة المسؤول الصيني· وفيما سعى الرئيس التايواني السابق ''تشينشو-بيان'' إلى تأجيج المشاعر المناهضة للصين، رأى البعض الآخر في هذا التحرك مجرد محاولة يائسة لصرف الانتباه عن مشاكله القانونية، لاسيما أنه يخضع للتحقيق بتهم الاختلاس وتبييض الملايين من المال العام أثناء فترته الرئاسية· جونثان آدامز- تايوان ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©