الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما··· وتحديات ما بعد الفوز

أوباما··· وتحديات ما بعد الفوز
8 نوفمبر 2008 02:56
تمكن باراك أوباما من الفوز في الانتخابات الرئاسية يوم الثلاثاء الماضي، لأنه نجح في إقناع الناخبين الأميركيين باعتناق ما يبدو على أنه مفارقة قائمة على قيادة تتبنى مبادئ متناقضة تتأرجح بين الدعوة إلى التغيير من جهة، والحرص على طمأنة قطاعات شعبية واسعة من جهة أخرى· فقد جمع سيناتور ولاية إلينوي المتوج رئيساً بين أهداف طموحة ومزاج حذر، حيث تعهد بخفض الضرائب، وتحسين الرعاية الصحية والاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة والانضباط المالي دون أن يولد ذلك المرارة والخوف اللذين غالباً من يطفوان إلى السطح كلما أثيرت تلك المواضيع وطرحت للنقاش· واليوم، وفيما يمر أوباما بمرحلة انتقالية تمهد لدخوله الفعلي للبيت الأبيض، ستكون إحدى أكبر تحدياته إقامة التوازن بين التناقضات التي شابت خطابه الانتخابي، فأي من الوجهين سيبرز لأوباما في بداية حكمه؟ فهو إذا أفرط في ميله تجاه ليبراليته الطموحة لاشك أنه سيؤجج تلك الصراعات الحزبية، التي يفترض أنه جاء ليتعالى عليها، وإذا بالغ في حذره وحصر دوره في التواصل مع الخصم بحثاً عن توافق مع الحزب ''الجمهوري'' فإنه سيغامر بفقدان الكثير من الحيوية والمثالية اللتين ألهبتا حماس الملايين من الأميركيين· وبالطبع، لن يُـمضي الرئيس المنتخب وقتاً مريحاً وهو يسعى إلى إقامة توازن دقيق بين خطاب الأمل والمستقبل، وإكراهات الواقع، فمعروف ما تمر به أميركا حالياً من ظروف اقتصادية صعبة يريد الحزب ''الديمقراطي'' أن يستغلها للتشمير عن ساعديه وتطبيق سياساته الإصلاحية، فيما سيبقى الحزب ''الجمهوري''، الذي لم يمت بعد، مراقباً للوضع ومستعداً للتدخل والعرقلة كلما اضطر إلى ذلك· لذا، سيكون على الرئيس أولاً العمل على استقرار الاقتصاد وتبديد المخاوف، وفي هذا السياق سيركز اهتمامه، حسب مستشاري أوباما وأقطاب الحزب ''الديمقراطي''، على تحقيق نجاحات سريعة في البداية وتسجيل نقاط لصالحه من خلال العمل مع الحزب ''الجمهوري''، إذ من المحتمل أن يلجأ إلى ترحيل بعض القضايا الخلافية والمثيرة للجدل لمرحلة لاحقة من ولايته الانتخابية، وهي الخطوة التي تهدد بإدخال مؤيديه الليبراليين في مرحلة اكتئاب بعد الانتخابات· لكن أوباما من جهته كان واضحاً في خطابه بشيكاجو بعد ظهور النتائج، حيث أعلن أمام أنصاره قائلاً: ''إن صعودنا سيكون شاقاً، وقد لا نصل إلى القمة في سنة، أو حتى خلال ولاية انتخابية واحدة، وستكون هناك انتكاسات وبدايات مخطئة، كما سيكون هناك العديد من الناس لن يتفقوا مع كل قرار أتخذه''· ويرى المستشارون أن مصدر التوجس الأساسي هو الركود الاقتصادي الذي بات الأولوية الأهم والأكثر استعجالاً لدى الحكومة الفيدرالية، وهو ما يؤكده ''ليون بانيتا''، كبير موظفي إدارة كلينتون والذي استشاره فريق حملة أوباما قائلاً: ''أولاً عليه معالجة الاقتصاد، وإذا لم يتوصل إلى حلول بشأنه فإن ذلك سيؤثر على باقي الأولويات''· وفي هذا الإطار، يتوقع من الكونجرس الحالي أن يصادق على حزمة جديدة من الحوافز الاقتصادية مع نهاية السنة الجارية، وإذا لم يفعل فسيكون أمام أوباما عمل شاق لتمريره، أما إذا صادق الكونجرس على الخطة الجديدة فلاشك أن أوباما سيطلب المزيد، بما في ذلك تمويل خفض الضرائب على الطبقة الوسطى التي جعلها ركناً أساسياً في حملته الانتخابية، فضلاً عن مشاريع البنية التحتية الجديدة المرتبطة باستثمارات الطاقة التي يفترض أنها ستخلق وظائف في وقت تتصاعد فيه معدلات البطالة· ففي خطابه الذي أنهى به حملته الانتخابية، توجه أوباما إلى الحضور قائلاً: ''سنوفر مليوني فرصة عمل من خلال بناء طرقنا وجسورنا ومدارسنا المتهالكة، كما سأخصص 15 مليار دولار في العام للاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة لخلق خمسة ملايين فرصة عمل على مدى السنوات الخمس المقبلة، وظائف ذات دخل جيد ولا يمكن تصديرها إلى الخارج''· لكن كل هذا الإنفاق لابد أنه سيمثل مشكلة بالنسبة لرئيس تعهد بتقليص عجز الموازنة، كما سيطلق نقاشاً حاداً داخل الكونجرس بين أنصار الإنفاق و''الصقور'' المعارضين لذلك من الداعين إلى أولوية معالجة عجز الموازنة، بمن فيهم بعض أعضاء الحزب ''الديمقراطي''، هذا النقاش قد يخفت قليلاً إذا استمر الركود الاقتصادي واتجه نحو كساد عام يشبهه الكثير من المراقبين بالكساد الكبير الذي ضرب أميركا والعالم في ثلاثينات القرن الماضي· فما هي الأوليات التي قد يضطر أوباما إلى تأجيلها؟ القضية الأولى المرشحة للتأجيل هي بلاشك خطة أوباما لتعميم الرعاية الصحية على الأميركيين التي يقر مساعدوه بأنها ستكلف 50 مليار دولار سنوياً لتطبيقها مع بعض التقديرات المستقلة التي تتوقع أن يتجاوز الرقم الحقيقي التقييمات الرسمية، وبدلاً من المضي قدماً في تطبيق خطة شاملة، وهي المقاربة التي حاول كلينتون تجريبها دون جدوى، سيسعى أوباما إلى تنفيذها على مراحل· ونفس المقاربة التدريجية، قد يعتمدها أوباما أيضاً في تنفيذ مقترحاته الخاصة باستثمارات الطاقة البديلة، فإذا كانت بعض أجزاء المقترح تلقى تأييداً شعبياً واسعاً كتلك المرتبطة باستحداث الوظائف، إلا أن الصعوبة تكمن في تطبيق برامج تفرض قيوداً على انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري واحتمال مقاومة الشركات لذلك بدعوى رفع تكلفة الطاقة· هذا في الوقت الذي بدأ فيه بعض ''الديمقراطيين'' في مناقشة خطة أوباما لإلغاء الضرائب المفروضة على الطبقة الوسطى، حيث يدعو عدد من الأصوات إلى التراجع عن الخطة حتى لا تتأثر الموازنة التي سيكون عليها تمويل المشاريع الأخرى الطموحة للرئيس المنتخب· وهكذا تبقى الطريقة الأمثل، حسب مساعدي الرئيس المنتخب، لدعم مسيرة أوباما خلال الأشهر الأولى على الأقل هي تجنب القضايا الخلافية والتركيز على النجاحات التي قد تحشد المزيد من التأييد لإدارته وترص الصفوف من حولها· دويل ماكمانوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©