الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوجه الاختلاف بين «الثلاثي بوش» وترامب

17 أكتوبر 2016 09:26
إنه لمن الصعب أن ينتسب المرء إلى «آل بوش» هذه الأيام. وما يبرّر هذا الحكم هو أن الليبراليين ما زالوا يشجبون ممارسات «بوش الابن» عندما كذب على الشعب الأميركي وورّطه في الحرب على العراق. وحتى لو كنتَ ممن يؤمنون بحسن نواياه، فإن ما لا شك فيه أن ممارسته الحكم كانت تدعو إلى الاكتئاب. وفيما يتعلق بالسياسات الخارجية والمالية وغيرها، بما فيها جهله الفاضح بأهداف وإمكانات بن لادن، فقد كانت ذات نتائج كارثية في معظم الأحوال. وأما أخوه «جيب بوش» فلقد سبق له أن أثار السخرية، وهو الذي رفع قيمة الرهان إلى أقصى الحدود في السباق التمهيدي للتسمية الانتخابية عام 2016. صحيح أن ترشحه أعاد «آل بوش» إلى الواجهة من جديد، إلا أنه لقي أيضاً هزيمة منكرة أمام منافسيه على رغم ما أظهروه من جهل فاضح في التعامل مع القضايا العامة. وهناك «بوبي» Poppy، وهو الاسم المختصر لجورج بوش الأب الذي بلغ عمره الآن 92 عاماً، وهو من بقايا عصر سياسي ولّى وانتهى منذ زمن بعيد. ولا شك في أن ما نقلته عنه وكالات الأنباء من أنه يعتزم التصويت لصالح هيلاري كلينتون بدلاً من المرشح عن حزبه، قد لقي الترحيب في معسكر دونالد ترامب. وقد يتطلب دعم «آل بوش» في معارضتهم ترامب، معرفة الخصائص التي يتميز بها سياسيوهم ويفتقر إليها غريمهم ترامب. وتمثل الخبرة العنصر الواضح في هذه المقارنة. ومن ذلك مثلاً أن «بوش الابن» كان حاكماً لولاية تكساس الكبيرة بين عامي 1995 و2000. ويتميز عن ترامب بلياقته الشخصية والسياسية. إلا أن تحدي «آل بوش» لأساليب حزبهم «الجمهوري» في تسمية المرشحين للرئاسة ترتكز على أسس سياسية تبدو صعبة التحليل والتفسير من النواحي الأخلاقية. ولكن قبل أي شيء آخر، من هم «آل بوش» حتى يعبروا عن نفورهم واستيائهم من طموحات وتطلعات ترامب الغريبة؟ وهل هم مستاؤون بالفعل من أطروحاته العنصرية؟ لقد سبق لـ«بوش الابن» أن قدم إلينا نسخته المحرّضة على العنصرية وخاصة من خلال حملته الانتخابية الرئاسية لعام 2000 في ولاية ساوث كارولينا حيث عمل على نشر إشاعات عنصرية ملفقة ضد المعارض الأكبر لعائلة بوش «جون ماكين». فهل يعتقد هؤلاء أنهم بلغوا من النقاء ما يؤهلهم لرفض أطروحات ترامب السياسية؟ قد يكون من العسير تفسير السبب الذي يجعل الجواب عن هذا السؤال هو «نعم». ولكن، بدلاً من البحث المعقد عن هذا التفسير، يكون من الأسهل علينا أن نقول إن «كلا الفريقين يكذب». وقد عُرف عن «آل بوش» أنهم رجال يعمرهم الطموح، وتمكنوا من جمع ثروات ضخمة، وأرادوا أن يضموا إلى مكتسباتهم الفوز بالسلطة والنفوذ. وكانوا يغرقون حتى بلوغ القاع وهم يلهثون جرياً وراء هذه المطامح. ومن هذه النواحي بالذات، لا يبدو أن هناك اختلافاً بين «آل بوش» ودونالد ترامب. وأما الذي يفرق بينهم وبينه ويبرر ازدراءهم إياه، فهو أن بوش الأب بذل الكثير من التضحيات في خدمة وطنه وساهم في رفع مستوى الخبرة السياسية قبل وأثناء فترته الرئاسية. وسجل «جيب بوش» نجاحاً لافتاً خلال فترتي ولايته كحاكم لولاية فلوريدا بين عامي 1999 و2007. وحقق لنفسه شهرة واسعة كرجل سياسة محنك. وبعد انتهاء فترتي ولايته كحاكم، أصبح ثريّاً. وحرص بعد ذلك على أن يحصل على جرعة إضافية من العلم والثقافة استعداداً لاحتلاله منصباً أعلى بعد أن فهم أن ذلك يتطلب ميزات وخبرات لم يكن يمتلكها. وكان بوش الابن الأقل تميّزاً من بين هؤلاء «البوشيين الثلاثة». إلا أنه شعر بأنه قد «انسحق» تحت ثقل المسؤوليات التي واجهته عندما حكم البيت الأبيض في أكثر الأوقات حرجاً في التاريخ. وكان يعتقد أن مسؤوليته الكبرى تقتضي منه أن يحمل الأمة بأكملها فوق كتفيه، وليس أن يكتفي بحمل نفسه فقط خوفاً من التداعي والسقوط. وبالعودة إلى ترامب، وخلال سبعة عقود كاملة، لم تظهر أية مؤشرات تدل على أنه حاول التخفيف من أنانيته. ومهما كان الرأي الذي يضمره حول الثلاثي بوش، فإن من شبه المستحيل أن يشنّ أي منهم مثل هذه الحملة العنصرية المبيّتة التي أطلقها ترامب منذ اللحظة الأولى لترشحه للتسمية الانتخابية عن حزبه الجمهوري. وبالنسبة إلى ثلاثي بوش، كانت الرئاسة تمثل ما هو أكثر من جائزة يمكن استغلالها لتحقيق المآرب الشخصية والشهرة وتعظيم الذات. وعليك أن تكون ذا شخصية طموحة، تتصف بالحزم والقسوة في بعض الأحيان، إذا كنت تفكر في أن تصبح رئيساً لأميركا. وهذه الخصائص تجتمع في الثلاثي بوش، ولكن عليك أيضاً ألا تكون دنيئاً تعوزك الأخلاق لبلوغ هذا الهدف. وهذه الصفات الأخيرة هي التي يحملها دونالد ترامب. * محلل أميركي متخصص في السياسات المحلية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©