الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كراكاس وبوجوتا: ما بعد القطيعة الدبلوماسية

26 يوليو 2010 22:46
لقد تجددت التوترات مرة أخرى على امتداد الخط الحدودي البالغ قرابة 2000 كلم بين كولومبيا وفنزويلا. فعن طريق استخدام الصور الفوتوغرافية وأشرطة الفيديو اتهم الدبلوماسيون الكولومبيون فنزويلا بالسماح بوجود 1500 مقاتل من حركة "فارك" اليسارية المتمردة على بوجوتا في أراضيها. وأثار الدبلوماسيون الكولمبيون اتهاماتهم هذه لفنزويلا بواسطة عرض للصور الفوتوغرافية وأشرطة الفيديو أقاموه يوم الخميس الماضي أمام "منظمة الدول الأميركية". وطالب الدبلوماسيون بتولي هيئة دولية لمهمة مراقبة الحدود المشتركة بين بلادهم وفنزويلا، إلى جانب التحقق من وجود مقاتلي حركة "فارك" الثورية المسلحة. وفي خطاب له ألقاه يوم السبت الماضي، قال الرئيس الكولومبي المنتهية ولايته ألفارو أوريبي: "إن هذه العصابات المسلحة تتسلل إلى أراضي بلادنا، وتلحق بنا أذى قبل أن تعود لتستقر في تراب دولة أجنبية. وبذلك تنتهك هذه العصابات سيادة كلتا الدولتين الجارتين". وعلى إثر الإعلان عن تلك الاتهامات مباشرة، سارع الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز إلى قطع علاقات بلاده بكولومبيا، وإصدار الأوامر بطرد الدبلوماسيين الكولومبيين من كراكاس. كما توقفت تجارة الحدود المتبادلة بين الدولتين، التي تراجعت أصلاً بسبب القيود التي فرضها عليها شافيز، لتصل إلى نقطة التوقف التام يوم السبت الماضي. وفيما يتصل بمطالبة كولومبيا بنشر مراقبين دوليين على الحدود، لم تبدر استجابة بعد لذلك الطلب. وفي خطاب ألقاه شافيز أمام قادة منظمات نقابية، حذر كولومبيا من مهاجمة المتمردين، قائلاً إن مهاجمتهم عسكريّاً ستتسبب في إسالة الدموع لمئة عام مقبلة. ولكن مع ذلك دعا شافيز، في تعليق آخر له، المتمردين لإعادة النظر في نشاطهم المسلح ضد كولومبيا، وهو ما اعتبره بعض المراقبين مؤشراً على تنازل ما من جانبه. وقد صادف هذا التدهور في العلاقات بين الدولتين الجارتين وقتاً يتهيأ فيه الرئيس الكولومبي الجديد المنتخب، مانويل سانتوس، لتولي مهامه الرئاسية في السابع من أغسطس المقبل. وعلى رغم تعرضه للهجوم الحاد من جانب شافيز، أثناء توليه لمهام وزير الدفاع في إدارة الرئيس السابق أوريبي، أعرب الرئيس المنتخب سانتوس عن رغبته في تطبيع العلاقات بين بوجوتا وكراكاس، مصحوبة بتصريحات تشير إلى استعداده لتقديم التنازلات التي يتطلبها تطبيع العلاقات. هذا ويرى المحلل السياسي باتريك إستريولاس -المتخصص في شؤون أميركا اللاتينية لدى مجموعة "يوريشيا جروب"، وهي متخصصة في تحليل المخاطر، مقرها نيويورك- أن الاتهامات العنيفة التي وجهها الدبلوماسيون الكولمبيون مؤخراً إلى فنزويلا، ربما تكون بمثابة "هدية عيد ميلاد مبكرة" من شأنها مساعدة شافيز كثيراً في التوجه بها إلى فئات الناخبين الوطنيين المتشددين، ليحصد بها أصواتاً مذهلة في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في شهر سبتمبر المقبل. ويعتقد أن الاقتصاد الفنزويلي يواجه أزمات وتحديات كبيرة في الوقت الحالي، بينما تراجعت شعبية شافيز أيضاً بسبب ضغوط الأزمة الاقتصادية. يذكر أن العلاقات بين بوجوتا وكراكاس كانت قد توترت منذ القرار المفاجئ الذي اتخذه الرئيس الكولومبي أورويبي بإلغاء التفويض السابق الذي منحه لشافيز في عام 2007 بالتوسط بين بوجوتا وحركة "فارك" الثورية المتمردة بغية إطلاق سراح الأفراد الذين اختطفتهم الحركة. ولكن الحقيقة أن المزاعم والاتهامات الموجهة إلى كراكاس بتوفير ملاذ آمن للمتمردين الكولومبيين في الأراضي الفنزويلية، سبقت تولي حكومة شافيز لمهامها الرئاسية. ويعتقد بفرار المقاتلين الثوريين إلى الأراضي الفنزويلية منذ عقد الثمانينيات، هرباً من العمليات والحملات العسكرية التي كان يشنها ضدهم الجيش الكولومبي. وقد استفاد المتمردون كثيراً من تضاريس الغابات والجبال الوعرة التي تتسم بها الحدود المشتركة بين الدولتين، مع ملاحظة ضعف المراقبة التي تخضع لها تلك الحدود. غير أن إعلان شافيز عن تعاطفه مع المتمردين، والتصريح بإعجابه الشخصي بقائد الحركة القتيل، مانويل مارولاندا، أثار شكوك المسؤولين في بوجوتا في أن يكون شافيز متساهلاً على أقل تقدير مع وجود المقاتلين المتمردين داخل حدود بلاده، إن لم يكن ناشطاً في مساندتهم وتقديم مختلف أشكال الدعم اللازم لهم. ولا تقتصر هذه الشكوك في احتمال تساهل شافيز مع المتمردين، على بوجوتا وحدها، وإنما يشاطرهم فيها أيضاً كثير من المسؤولين الغربيين. فقد أعلن دبلوماسي غربي مؤخراً أن ثلاثة من أعضاء السكرتارية القيادية لحركة "فارك" المتمردة يقيمون في العاصمة الفنزويلية كراكاس. ومن جانبه يرجح "إستريولاس" المحلل المذكور من "يوريشيا جروب"، أن تنخفض صادرات كولومبيا إلى فنزويلا بحدة نتيجة للقيود الجديدة التي فرضها شافيز على التجارة الحدودية بين البلدين. واستطرد "إستريولاس" قائلاً: في السابق كان قائدا الدولتين الجارتين قد اتفقا على ألا يتفقا أيديولوجيّاً في توجهاتهما وسياساتهما الوطنية الخاصة. ومع ذلك فقد اتفقا على ألا يتركا خلافاتهما الأيديولوجية تؤثر سلباً على التبادل التجاري والاستثمار المشترك بينهما، لما يعودان به من مصلحة ثنائية على كلتا الدولتين. غير أن الأمور قد تغيرت منذ أن دعا أورويبي نظيره شافيز للتوسط بينه وبين المتمردين لإطلاق سراح المختطفين، ثم تخلى فجأة عن دعوته تلك. ولم يصفح له شافيز مطلقاً ذلك القرار، ما أدى، تاليّاً، إلى تصعيد التوتر بين بوجوتا وكراكاس. كريس كارول بوجوتا - كولومبيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «أم. تي. سي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©