الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

ملف الأسبوع : تجارة السلاح.. سوق مجنون ومصالح متضاربة

ملف الأسبوع : تجارة السلاح.. سوق مجنون ومصالح متضاربة
11 مايو 2013 14:07
لهيب عبدالخالق - وسط ازدواج المعايير وجدل لم يخمد حول تسويق أدوات القتل في عالم تختل موازينه التي تعمدت بدماء نثرتها الحروب في كل أركان الأرض، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في أبريل 2013 معاهدة دولية تنظم بيع الأسلحة، بموافقة 155 دولة. وكي تصل إلى تلك النتيجة، شقت جهود الأمم المتحدة طريقها خلال سبع سنوات بين تذبذب أميركي رافض تحول فيما بعد قبولا، وإصرار روسي على تصحيح الاتفاقية لما فيها من خلل، وتأرجح دول العالم الباقية بين الموقفين. وفي المعلن من الأهداف لمعاهدة “تنظيم تجارة الأسلحة ومراقبتها” (ATT)، حماية المدنيين ومنع الصادرات العسكرية في حال احتمال تسببها في انتهاك حقوق الإنسان، أو ارتكاب جرائم حرب، أو المساهمة في دعم الإرهاب والجريمة المنظمة. ورغم تكريس هذه المبادئ لم تحظ المعاهدة بالإجماع في الأمم المتحدة، فهناك دول اعتبرت مثل هذا القانون تمييزا ويحد من تسليم السلاح لجهات غير حكومية من دون سبب واضح. الاتفاقية التي عارضتها 3 دول هي إيران وسوريا وكوريا الشمالية إضافة إلى امتناع 22 دولة عن التصويت أهمها روسيا والصين، لم يعرف متى ستدخل حيز التنفيذ، فقد لاتجد مجالا لتطبيقها خاصة أنها تتعارض مع مصالح المجمعات الصناعية العسكرية وكبار مصدري السلاح، الذين قد يشكلون ضغطا على برلمانات الدول المؤيدة ضد التصديق عليها. وتحتاج المعاهدة إلى تصديق 50 دولة عليها لتصبح نافذة، وهو ما يؤجل تطبيقها، أو قد تبقى حبيسة أدراج البرلمانات. وتمنح معاهدة تجارة الأسلحة الحيز الأوسع الممكن للعتاد لاسيما الأسلحة الخفيفة والصغيرة وكذلك الذخائر. وافترضت أن تضع كل دولة نظاما وطنيا لمراقبة عمليات نقل الأسلحة يقوم على تحليل المخاطر الناجمة عن المعدات المصدرة التي من الممكن استخدامها، لاسيما بالارتباط مع مختلف أنواع الانتهاكات (الحظر المفروض وفق الأمم المتحدة، وحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني). وعلى الرغم من وجود عناصر قوة في الاتفاقية، إلا أنها عانت من الضعف نتيجة تضارب المصالح. ومحاولة الدول المنتجة ترك الباب مفتوحا للاحتفاظ بسيطرتها وعائداتها من تجارة الأسلحة. وساعد على ذلك عدم شمول الاتفاقية كل الأسلحة العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى تركيزها على المبيعات المباشرة وعدم تغطيتها لعمليات إعادة التصدير أو الشحن والنقل لحساب أطراف ثالثة، وغيرها من جوانب متشعبة في تجارة السلاح التقليدية عبر أنحاء العالم. يلحظ الخبراء أن التكنولوجيات العسكرية، وطرق الإنتاج وتداولها، تتغير باستمرار ولا يمكن التقاطها بواسطة مجموعة واحدة من التعاريف والقواعد المنصوص عليها في المعاهدة التي تم تبنيها هذا العام. وقد تغيرت جذريا تجارة الأسلحة في العقود الأخيرة، وهي مستمرة في التطور بوتيرة سريعة. وفي كثير من الصراعات أصبحت الأسلحة الوقود الذي يزيد هذه الصراعات اشتعالا، خاصة أن تجارتها أخذت شكلا قانونيا دوليا اليوم وهو ما لم يكن ممكنا قبل 20 عاما. لم تعد تجارة الأسلحة تدور حول نقل شحنات كبيرة من الأسلحة المصنعة مباشرة من المنتج إلى البلد المتلقي. وقد بينت البيانات التي أصدرتها المراكز المتخصصة في مراقبة سوق الأسلحة، أن عددا من الموردين الناشئين اكتسبوا أسهما كبيرة من سوق السلاح العالمي، أو مكانة خاصة. وللمثال، فقد انضمت الصين مؤخرا إلى أكبر مصدري العالم الخمسة للأسلحة، وهي تأتي في هذه القائمة اليوم في المرتبة الثالثة بعد الولايات المحتدة وروسيا. هذه التغيرات لها تأثير هام على عمليات نقل الأسلحة على الصعيد الدولي والجهود الرامية إلى منع المعاناة البشرية والاتجار بالأسلحة غير المشروعة. ومما يثير القلق في الاتفاقية أن النقاط المرجعية لمشروع المعاهدة لا تزال تضرب بجذورها في الماضي، بينما تبحث الدول المتحفظة والرافضة عن نصوص تستطيع مواكبة التغييرات التي لا مفر منها في المستقبل. وكمثال واضح، يبدو نطاق المعاهدة ثبت وفقا للمصطلحات والتوصيفات الواردة في سجل الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية (UNROCA)، وقت بناء الاتفاقية الجديدة (ATT). وتم تعريف نطاق (UNROCA)على أنه العناصر التي لا غنى عنها في الهجمات المفاجئة واسعة النطاق، والعمليات العسكرية الهجومية في نهاية الحرب الباردة، التي انتهت منذ أكثر من عقدين من الزمان. ورغم بعض التحديث، لا تزال تستثني (UNROCA) صواريخ أرض- جو التي تمثل حصة كبيرة من التجارة الدولية في الأسلحة التقليدية الرئيسية، و(الطائرات من دون طيار) ومجموعة واسعة من مضاعفات القوة الكبيرة، وكذلك الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة. اللاعبون الجدد على مدى السنوات العشرين الماضية، كان أكبر خمسة موردين للأسلحة التقليدية الرئيسة في أميركا الشمالية وأوروبا هم الولايات المتحدة، روسيا، ألمانيا، فرنسا، والمملكة المتحدة. وأظهرت بيانات مركز سيبري للأبحاث (SIPRI)، كيف انقسم العالم لسنوات عديدة بين مصدري الأسلحة ومستورديها. وكان هذا الواقع الذي نظر إليه خلال الكثير من الأعمال التحضيرية للمفاوضات حول اتفاقية (ATT) والتي سبقت إقرارها. وتظهر أحدث البيانات التي نشرها سيبري في مارس الماضي، كيف أن هذا آخذ في التغير. فقد زادت الصين من حجم صادراتها بنسبة 162% في سنوات 2003-2007، وسنوات 2008-2012، مما رفع الصين لتتصدر قائمة الخمسة الكبار المصدرين للأسلحة، وللمرة الأولى منذ الحرب الباردة. وعلاوة على ذلك، فإن زيادة الصادرات بنسبة 162% يعني زيادة حجم الصادرات بحوالي 10 أضعاف صادرات الولايات المتحدة، و6 أضعاف صادرات روسيا. وتشير البيانات أيضا إلى أن أوروبا آخذة في الانخفاض في أهميتها كمصدر للأسلحة، بينما زادت المملكة المتحدة صادراتها من الأسلحة 1% فقط، وانخفضت الصادرات الألمانية بنسبة 8% والصادرات الفرنسية بنسبة 18%. وعلى الرغم من صعود الصين كدولة مصدرة مدفوعة أساسا عن طريق زيادة كبيرة في التصدير إلى باكستان، يجري الاعتراف بها كمنافس محتمل لروسيا والموردين الأوروبيين الآخرين لشمال أفريقيا، وآسيا والأميركتين. وعلى مدى العقد الماضي كانت الصين واحدة من أكبر المستوردين للأسلحة، وتصدرت أكبر خمسة مستوردين للأسلحة التقليدية الرئيسية في آسيا، تليها الهند وباكستان وكوريا الجنوبية وسنغافورة. وتعطي اتفاقية (ATT) أهمية خاصة للصفقات التي عقدتها هذه الدول والعديد من الصادرات والواردات، التي تمت في السنين الأخيرة، المرتبطة بمعدات تم تجميعها أو أنتجت برخصة من منتجي السلاح الأصليين، أو بأجزاء خاصة بالعربات المدرعة والطائرات والسفن التي صنعت في الصين والهند وكوريا الجنوبية. وتسعى القوى الإقليمية مثل البرازيل وجنوب أفريقيا وتركيا أيضا لاستيراد التكنولوجيا لتعزيز قدرة صناعاتها للأسلحة على المنافسة في أسواق السلاح الدولية، وفي العديد من الدول الصغيرة في جميع أنحاء العالم. حتى المنتجون المجهزون مثل روسيا، أبرموا صفقات لإنتاج مرخص ونقل التكنولوجيا لبناء المركبات المدرعة الحديثة، والطائرات من دون طيار والسفن، ليس فقط لتجهيز القوات المسلحة الوطنية، ولكن أيضا لتعزيز الصناعات الوطنية والقدرات التصديرية للأسلحة. هذه التغييرات في واقع تجارة الأسلحة الدولية لها ثلاثة آثار رئيسية على الاتفاقية: 1- أن عددا من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لديها طموحات تصدير الأسلحة التي تعمل مع ممارسات مختلفة جدا، وتفاهمات حول مسؤوليات تجارة الأسلحة، إلى جانب أولئك الموردين الأكثر رسوخا. ويرى الخبراء أنه ينبغي أن يحدد نص (ATT) بوضوح التزامات نقل الأسلحة بشكل مسؤول. ورغم أن الاتفاقية الحالية التي أقرت تتضمن عدة عناصر مهمة في هذا الصدد، لكنها مرتبكة بقضية واحدة رئيسية هي، كيف تعمل الدول على منع تحول الأسلحة إلى أسواق سوداء أو جهات غير مرخص لها واستخدامات غير مشروعة، وهذه أحد الأهداف الرئيسية لمعاهدة تجارة الأسلحة. 2 - أن معاهدة (ATT) تحتاج إلى فقرة شرطية لعدم التحايل لإغلاق ما يشبه ثغرة كبيرة في مشروع النص في المعاهدة الحالية. فالمعاهدة تحتاج للتأكد من أن الدول لا تتهرب من التزاماتها من خلال تزويد مجموعات تجمع قطع الغيار اللازمة لمنظومات الأسلحة، للتجميع في البلد المتلقي، من ضمنها الإنتاج المرخص ونقل التكنولوجيا التي يعتقدون أنها خارج نطاق من معاهدة تجارة الأسلحة. كما تحتاج إلى تأكيد أهمية تغطية الإمدادات من قطع الغيار والمكونات اللازمة للصيانة، والتطوير لتحديد الأسلحة التقليدية. 3 - تحتاج معاهدة (ATT) إلى تضمين نصوصها آلية لضمان نطاق الأسلحة التي تغطيها المعاهدة تتم مراجعتها بانتظام. فقد أمنت التغييرات التدريجية في نطاق (UNROCA) خلال العقد الماضي، عددا من عملياتها وأدائها وأهميتها كل ثلاث سنوات. والنص الحالي لمعاهدة تجارة الأسلحة يشير فقط إلى احتمال أن تستعرض مؤتمرات الدول الأطراف تنفيذها، والنظر في القضايا الناشئة عن تفسير هذه المعاهدة. وسيكون أفضل بكثير إذا تضمنت المعاهدة النهائية اقتراحات صريحة طرحتها فرنسا للالتزام على نطاق المعاهدة بإعادة النظر بانتظام أيضا. تحديات وسيناريوهات هذه الأمور وغيرها من الاعتبارات قد تكون أسبابا لتأخير إنفاذ المعاهدة التي تواجه تحديات لوبيات الضغط في كل الدول التي وافقت عليها، وبخاصة وهي تحتاج إلى تصديق 50 دولة لتصبح نافذة. ويرى الخبراء أن الولايات المتحدة ستكون أول الذين سيخوضون صراعا مع الكونجرس لتصديق المعاهدة، وخطوة مثل هذه تشجع الدول الأخرى على اتباع الخطى الأميركية، ولاسيما روسيا. وفي الواقع، فإن الإدارة الأميركية الحالية وجدت في المعاهدة ما ينسجم مع توجهاتها لتقنين حمل السلاح. فهي في الداخل تواجه انفلاتا تسليحيا وجدت مليشيات داخلية وأفرادا في تشريعات دستورية منفذا لها لحمل السلاح وتكديسه، مما أقلق أمنها الداخلي، وقد وقعت بالفعل أحداث كانت أليمة بسبب عدم السيطرة على اقتناء السلاح. وحاولت إدارة أوباما أن تمرر قرارا بتقنين حمل السلاح لوقف العنف الداخلي، لكنها لم تفلح فقد واجهت معارضة الجمهوريين الذي هم في معظمهم إما جزء من لوبيات صناعة السلاح، أو مقربون منها. وبالتالي، فإن من المتوقع أن تمر المعاهدة في مجلس الشيوخ الذي تسيطر الغالبية الديمقراطية عليه، لكنها ستواجه بالتأكيد صراعا شديدا في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون. والصراع حول المعاهدة في الأروقة الأميركية يتجاذبه تياران، الأول يميل لجهة وضع ضوابط في أميركا لحمل السلاح واستخدامه، في مقابل ضغوط للحفاظ على نصوص الدستور الذي يعطي الحق بذلك. أما روسيا، فإنها بالتأكيد ستراقب الوضع في الولايات المتحدة ودول التصديق الخمسين المتوقعة، ثم يؤول الأمر إلى عرضها على الدوما لتمريرها، وبالطبع بعد أن تصبح نافذة سيكون من الأفضل للروس الدخول فيها ولو آخر الركب، لأنهم لن يكونوا الأوائل بالطبع. وبين الضفتين الأميركية والروسية، ستكون بريطانيا أول المصدقين عليها فقد تبنت النص منذ 2005، وسيكون الاتحاد الأوروبي متناغما مع الولايات المتحدة في أي خطوة تجاه معاهدة (ATT). وتبقى الصين اللاعب المتصدر للتنافس الدولي حول سوق السلاح، تنسج طريقها بهدوء وسط سوق مجنون. الإمارات: المعاهدة تنقذ أرواح ملايين البشر ولكن.. صوتت الإمارات العربية المتحدة بالإيجاب لصالح قرار اعتماد معاهدة تنظيم تجارة الأسلحة، انطلاقا من إيمانها بأهميتها باعتبارها توفر الآلية الدولية اللازمة لتحسين وتنظيم تجارة الأسلحة، في إطار الاحترام الكامل للمصالح المشروعة للدول في الحصول على الأسلحة للدفاع المشروع عن النفس، إضافة إلى الحد من التهديدات التي يواجهها ضحايا النزاعات المسلحة وخاصة فئتي الأطفال والنساء وإنقاذ البشرية وأرواح الملايين من البشر من المعاناة. وقالت الإمارات على لسان السفير أحمد عبدالرحمن الجرمن مندوب الدولة الدائم لدى الأمم المتحدة “إن بنود هذه المعاهدة المنتظر أن تبدأ الدول التوقيع عليها اعتباراً من 3 يونيو المقبل، على أن تدخل حيز التنفيذ بعد مرور 90 يوما على تصديق 50 دولة على الأقل عليها، توفر الإطار الملائم للتعاون الدولي في مجال تجارة الأسلحة التقليدية بما يعزز بناء الثقة بين الدول الأطراف فيها. لكن الإمارات سجلت في الوقت نفسه قلقها إزاء بعض بنود المعاهدة، لافتة إلى أنه رغم التصويت الإيجابي لصالح المعاهدة إلا أنها تنضم للمشاغل التي عبرت عنها المجموعة العربية، خاصة فيما يتصل بعدم تضمين المعاهدة أي نص يكفل الحق غير القابل للتصرف لجميع الشعوب الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي في تقرير المصير والحق في السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للدول، بجانب رفض الاحتلال الأجنبي وعدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة استنادا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. كما أعربت عن تحفظها إزاء عدم تضمين المعاهدة أي صيغة تكفل تمويل صندوق للتعاون التقني والمساعدات الفنية، من خلال المساهمات الإلزامية للدول الأطراف الكبرى المصدرة والمنتجة للسلاح بما يوفر الفرصة لمساندة الدول النامية في تنفيذ التزاماتها الواردة في المعاهدة. «يونيسف»: التحدي الآن في التنفيذ رحبت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة معاهدة تنظيم تجارة الأسلحة كخطوة حاسمة نحو حماية الأطفال من خلال تنظيم نقل الأسلحة من بلد إلى آخر. لكنها أكدت أن التحدي الآن هو إدخال المعاهدة حيز التنفيذ، لتنظيم صناعة ضخمة ذات نطاق عالمي ويصل تأثيرها إلى أصغر المجتمعات. وقالت سوزان بيسيل رئيسة قسم حماية الطفل في «يونيسف» التي تعمل على ضمان وتحسين حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم وتطورهم وحمايتهم «إن وجود إشارة محددة في معاهدة تجارة الأسلحة إلى الأطفال والنساء يمثل خطوة متقدمة وبناءة، حيث تطلب المعاهدة من الدول قبل السماح بعبور الأسلحة من أراضيها التدقيق في مخاطر نقل الأسلحة والتي يمكن أن تسهل وتسبب أعمال عنف خطيرة ضد النساء والأطفال. شركات ودول تصدير السلاح.. نظرة عن قرب تصنف تجارة السلاح إلى تجارة مشروعة وأخرى غير مشروعة، تتم الأولى في إطار صفقات علنية وشبه علنية وأحيانا سرية تتحكم بها علاقات الدول التي تتجر بالسلاح، وينخرها في الكثير من الأحيان الفساد المالي والإداري بين المصدر والمستورد. أما الثانية فتتم في سرية تامة وفي دهاليز مظلمة، تتحكم بها شركات تصدير الأسلحة وهي المنتجة للسلاح، وتستهدف مناطق الصراعات، ولديها سوق مزدهرة ومتنامية. ووفقا لتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية مثل “أمنستي” و“أوكسفام” ومراكز الدراسات الاستراتيجية مثل معهد “استوكهولم سيبري”، فإن أكثر من 68% من صادرات السلاح يذهب إلى بلدان الجنوب في العالم، حيث هناك 35 دولة تستورد 90% من الأسلحة في العالم من حيث القيمة. كما تشير الأمم المتحدة إلى أن 88% من الأسلحة التقليدية المصدرة في العالم، مصدرها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. وتحتل الولايات المتحدة المكانة الأولى على الإطلاق، حيث تمد معظم حلفائها بالأسلحة والعتاد الحربي، وتبلغ عائداتها السنوية نحو 8 مليارات دولار. وتشكل شركاتها المصنعة للأسلحة إلى جانب شركات الطاقة الحاكم الفعلي، والمحرك الأساسي للسياسة الأميركية. وتبلغ معدلات عوائدها من تجارة السلاح 8 مليارات دولار سنويا. أما روسيا فتحل ثانية في قائمة تجار السلاح، بفارض ضئيل في ميزان العوائد حيث تصل أرباحها إلى 7,3 مليار دولار سنويا. وتتصدر شركة “روس أوبورون إكسبورت” والمجمع الصناعي العسكري الروسي، الشركات الروسية المصدرة والمنتجة للسلاح. وذكر الرئيس فلاديمير بوتين أن مبيعات روسيا من الأسلحة خلال العقد الحالي بلغت أكثر من 64 مليار دولار، مشيرا إلى أن روسيا تصدر العتاد العسكري إلى 85 بلدا. وتحتل إسرائيل أيضاً موقعاً متقدماً في عمليات بيع وتصدير الأسلحة، وتأتي في المرتبة الثامنة في قائمة مصدري السلاح في العالم، حيث تصدر الأسلحة إلى ما يقارب ستين دولة في العالم، منها 11 دولة أفريقية. وأفصح تقرير سيبري للأبحاث في 24 فبراير 2012 عن أكبر مائة شركة منتجة للسلاح في العالم، صنفت استنادا إلى أدائها خلال عام 2010 ، تنتمي إلى أكثر من عشرين دولة، لكن التقرير رتب الشركات الأميركية والأوروبية المصدرة للسلاح لذلك جاءت قائمته مقتصرة عليها. - حلت شركة لوكهيد مارتن الأميركية في المرتبة الأولى، بإجمالي مبيعات قدرها 45,8 مليار دولار، بينها 35,73 مليار دولار مبيعات عسكرية، صعوداً من 33,43 مليار دولار عام 2009. أي أن نسبة المبيعات العسكرية لدى الشركة بلغت 78% من إجمالي المبيعات. - وجاءت شركة “بي أيه اي سيستمز” في المرتبة الثانية عالمياً، بعد لوكهيد مارتن. وقد بلغت القيمة الإجمالية لمبيعات سيستمز 34,6 مليار دولار، بينها 32,88 مليار دولار مبيعات عسكرية، صعوداً من 32,54 مليار دولار تحققت في العام 2009، أي أن نسبة المبيعات العسكرية إلى إجمالي المبيعات تبلغ 95%. -أما الشركة الثالثة عالمياً في قائمة (سيبري) فهي شركة بوينج الأميركية. وقد بلغت القيمة الإجمالية لمبيعاتها 64,3 مليار دولار في العام 2010، أي حوالي ضعف مبيعات سيستمز. وعلى الرغم من ذلك، فإن المبيعات العسكرية لشركة بوينج كانت 49% فقط من إجمالي مبيعاتها. أي ما يعادل 31,6 مليار دولار. تليها رابعا شركة “نورثروب جرومان” الأميركية، ثم شركة جنرال داينمكس الأميركية خامسا، فشركة رايثون الأميركية سادسا. أما الشركة السابعة عالميا على قائمة (سيبري) فهي شركة إيداس الأوروبية، وقد حققت مبيعات إجمالية قدرها 60,59 مليار دولار في العام 2010، بينها مبيعات عسكرية قيمتها 16,36 مليار دولار، أو ما نسبته 27% من إجمالي المبيعات. عامان أو 3 أعوام قال السفير المكسيكي في الأمم المتحدة لويس ألفونسو ألبا “إن دخول أي معاهدة حيز التنفيذ يستغرق عادة ما بين عامين وثلاثة أعوام، لكنه يأمل أن تدخل معاهدة تنظيم تجارة الأسلحة حيز التنفيذ في وقت أسرع”. بينما قالت منظمة “أوكسفام” “إن العالم انتظر طويلا هذه المعاهدة التاريخية التي تستطيع أن تحول دون وصول أسلحة إلى بلدان تستخدم فيها لارتكاب فظائع، وتوجه رسالة قوية إلى تجار الأسلحة الذين يمونون الطغاة وأرباب الحرب بأنهم ما عادوا قادرين على التحرك من دون عقاب”. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن المعاهدة تشكل نجاحا دبلوماسيا تاريخياً من شأنه أن يعطي دفعاً جديداً مرحباً به لجهود أخرى بشأن نزع السلاح، وقال “إن هذه المعاهدة ستكون أداة جديدة وقوية في جهود منع حصول انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي”. تحولات ومواقف في تبني المعاهدة تشمل معاهدة تنظيم تجارة الأسلحة (ATT)، وهي الأولى منذ معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية في 1996، الدبابات والآليات المصفحة ومنظومات المدفعية من العيار الثقيل والطائرات القتالية والمروحيات الهجومية والسفن الحربية والصواريخ وراجمات الصواريخ، إلى جانب الأسلحة الصغيرة والخفيفة. وهي تهدف إلى إلزام كل بلد بفرض رقابة على صادرات الأسلحة. والذي يتابع قصة المعاهدة يجد أن بدايتها تعود إلى أواسط التسعينات حيث شكلت مجموعة دولية لوضع شكل قانوني ينظم سوق السلاح العالمية. وهي أول محاولة لوضع وثيقة قانونية على مستوى عالمي لتنظيم تجارة الأسلحة التقليدية، والتي قوبلت طوال عقود برفض وعدم تفهم بعض بنودها، ولهذا لم تتم مناقشتها على مستوى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، حتى عام 2005 عندما حظيت بموافقة بريطانيا. وطوال تلك المدة كانت الولايات المتحدة ترفض لأسباب مختلفة مع تغير إداراتها الحديث عن تنظيم سوق السلاح. وقد أوضح الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن أن إدارته تعارضها لأنها لا تقدم شيئا وتحد من قدرة الولايات المتحدة على تقديم الدعم لأصدقائها أو من تعتقد أنهم يحتاجون ذلك الدعم. وبقيت أميركا تعارض هذه المعاهدة أو تتحفظ على بعض بنودها، فالولايات المتحدة المصدر الأكبر للسلاح في العالم. وصيف العام الماضي رأى الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه مع بعض التعديلات قد تلبي المعاهدة طموحات الولايات المتحدة، ولذا اتخذ قرارا بدعمها، وعملت إدارته مع الأمم المتحدة ودول العالم على تعديل البنود التي تتعارض مع الرؤية الأميركية، حتى آلت إلى نص أرضى الإدارة الأميركية، وبخاصة بعد الانتخابات الأخيرة التي جددت ولاية أوباما. في مقابل ذلك، كانت روسيا متحفظة منذ البداية، فقد نظرت إلى غموض بعض الفقرات التي تترك المجال مفتوحا للمعايير المزدوجة عند تطبيقها، ناهيك عن أن المعاهدة قد تكبد الروس خسارة 10% من حجم صادراتهم سنويا والتي تقدر بنحو مليار دولار، رغم أن تلك الخسارة غير محسوسة قياسا إلى عوائد الروس من تجارة السلاح والتي تقدر بنحو 7,3 مليار دولار سنويا، وهي تأتي بعد الولايات المتحدة التي تقدر عائداتها من تجارة السلاح بنحو 8 مليارات دولار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©