الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

استنزاف الأشجار مستمرّ رغم تغليظ العقوبات و «السّمر» أبرز الضحايا

استنزاف الأشجار مستمرّ رغم تغليظ العقوبات و «السّمر» أبرز الضحايا
11 مايو 2013 00:14
آمنة النعيمي (الشارقة) - تعاني المناطق البرية في الشارقة انحسار الغطاء النباتي، خاصة بالنسبة لشجر السمر، الذي يتعرض دون سواه إلى القطع الجائر بسبب جودة نوعية أخشابه واستخدامها المكثّف في الطهي خلال الرحلات البرية. ورغم الجهود التي تبذلها البلديات وهيئة البيئة للمحافظة على الغطاء النباتي، وتغليظ عقوبات من يتعرّض له بالسوء، إلا أن عملية استنزافه ما زالت مستمرة، حيث وصلت في بعض المناطق إلى أرقام خطيرة، وفقدت المنطقة الوسطى بالشارقة نحو 65 في المائة من الغطاء النباتي. وتزيد الأمر خطورة عملية بيع أخشاب السمر في معظم الأسواق المحلية؛ ما يدل على ازدهار هذه التجارة، وعدم خشية أصحابها من القوانين، ما يتطلّب تفعيل هذه القوانين وإعادة النظر فيها، كي تؤدي دورها في التصدي لهذه التجارة ومنعها من الاستمرار؛ لأن منع بيع حطب أشجار السمر يعتبر الخطوة الأولى في الحدّ من ظاهرة قطعها. ولا تقتصر ظاهرة انحسار أشجار السمر وبقية الأشجار المعمرة في المناطق البرية على الشارقة والمناطق التابعة لها، بل تمتدّ لتطال مختلف المناطق الصحراوية في الإمارات؛ ما يتطلب حلولاً عامة من قبل وزارة البيئة للتصدي للظاهرة التي تساهم في القضاء على أشجار معمرة، ليس من السهل إعادة زراعتها، حيث تحتاج شجرة السمر إلى عقود لكي تنمو. ورصدت حملة التوعية البيئية لمرتادي المناطق البرية في الشارقة، التي تنظمها هيئة البيئة والمحميات الطبيعية بالشارقة بشأن منع التدهور البيئي في المناطق البرية، نحو 5 حالات مخالفة للقرار رقم 9 لعام 2012. تحت طائلة القانون وأوضحت هنا السويدي مدير “الهيئة” أن المخالفات تمثلت في قطع الأشجار البرية المعمرة، وهي: الغاف، والرمس، والسمر والتي تمثل غطاءً نباتياً طبيعياً للمناطق الصحراوية يحدّ من التصحّر وتشكل غذاءً للحيوانات الصحراوية. وحذّرت من أن هذه المخالفات تضع أصحابها تحت طائلة القانون، حيث حدّد القرار 10 آلاف درهم لكل من حاول تجريف التربة، وإتلاف الغطاء النباتي وقطع الأشجار المعمرة وغير المعمرة ذات الأهمية الوطنية والبيئية؛ بغرض الاحتطاب في المناطق البرية، مشيرة إلى مصادرة حمولة الأخشاب من المخالفين، وتحويلهم إلى الشرطة لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم. واعتبرت السويدي إصدار القرار قفزة نوعية مهمّة وفرت الضمانات القانونية والإدارية اللازمة لصون منظومة التنوّع الحيوي والحياة الفطرية في بيئات المناطق البرية في الشارقة. وأوضحت أن القرار حدّد الأسس القانونية والغرامات الإدارية التي تمنع الأنشطة والأعمال، التي تتسبّب في التأثير السلبي على مكونات البيئة البرية والإضرار بمصالح المجتمعات المحلية والسكان الأصليين، وتساهم في تنمية الموارد البيئية واستغلالها الاستغلال الأمثل لصالح الأجيال الحاضرة والمقبلة. وأشارت السويدي إلى أن هيئة البيئة صادرت جهازين لصيد الطيور استناداً للمادة 12 من القانون الاتحادي التي تحظر صيد الطيور والحيوانات البرية، والمادة 86 التي تعاقب المخالفين بالحبس، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف درهم. وأشارت إلى جهود الهيئة في مكافحة الصيد الجائر سواء للطيور البرية أو البحرية المهاجرة التي تشهد الدولة توافدها بكثافة خلال فصل الشتاء، فيما تحظر الأجهزة والمعدات المضللة للطيور وخداعها بغرض صيدها. إجراءات بلدية صارمة ولمواجهة الممارسات السلبية تجاه الأشجار المحلية، وأبرزها قطع الأشجار والرعي الجائر الذي أدى إلى تقلص الغطاء النباتي في المنطقة الوسطى بنسبة 65 في المائة، اتخذت بلدية الذيد إجراءات صارمة. وأوضح علي مصبح الطنيجي مدير البلدية أن أشجار السّمر تنمو في مناطق مكشوفة ومفتوحة، ما يعرضها للتعدي الجائر، بفعل قطع العمالة الآسيوية هذه الأشجار التي تدرّ عليها ربحاً مجزياً بفعل جودة أخشابها التي تجعلها مرغوبة في العديد من الاستخدامات كالتدفئة والطبخ وغيرها. وأضاف: “غير أن التجار يجهلون حجم الضّرر البيئي لممارساتهم، فضلاً عمّا تتعرض له من الرعي الجائر نتيجة إغفال أصحاب الإبل مراقبتها أثناء الرعي”. وقال: “تنبّهت البلدية إلى هذه الإشكالية مبكراً، وعملت على احتوائها، وأفلحت جهودها في تقليل نسبة تأثر الغطاء النباتي في الذيد، إذ بلغت نسبة انخفاض أشجار السمر 35 في المائة فقط في الذيد، فيما تجاوزت النسبة 60 في المائة في المناطق الأخرى؛ بفعل الإجراءات التي اتخذتها البلدية منذ نحو 4 سنوات في معالجة التحديات التي تواجه واقع انحسار الغطاء النباتي في المنطقة. وتابع الطنيجي: “إن أبرز الظواهر التي ضبطت، كان نزع لحاء أشجار السمر من قبل قطعان الجمال السائبة، الأمر الذي إلى إتلاف الأشجار وموتها”. وأوضح أن “البلدية تكفّلت بحجز الحيوانات المضبوطة، التي لا يتم إطلاق سراحها إلا بعد استكتاب أصحابها إقرارات بعدم تكرار المخالفة، وفي حال ضبطها للمرة الثانية فإنهم يغرّمون 500 درهم، حيث يتم توثيق المخالفات بموجب محاضر ضبط مع تصوير المخالفة ووضع علامة مميزة للحيوانات المتسببة”. «البلدي» يتدخّل وأضاف مدير بلدية الذيد أن “المجلس البلدي منع قطع الأشجار والشجيرات بأنواعها كافة، خاصة الرمث، والأورطى، والثمام، والخضرم، والسمر، باعتبارها أشجاراً دائمة وحولية، وبناءً على ما تقتضيه المصلحة العامة من المحافظة على البيئة وتنميتها”. وتنظم البلدية حملات توعية للحافظة على الأشجار، كما تم وضع لوحات إرشادية بعدم القطع، فيما يتكفل قسم البيئة بمراقبة تنفيذ القرار وضبط المخالفين، ويتم حجز مركباتهم وتغريمهم 1000 درهم، على أن تضاعف الغرامة في حال التكرار. وأردف الطنيجي: “إن البلدية تنبّهت لظاهرة تجريف الأودية التي تستخدم في الزراعة، ما يضرّ بالأودية وبمساراتها، فضلاً عن تلويث بعضها بالمخلّفات، الأمر الذي حدا بالبلدية فرض غرامات كبيرة لكل من يعبث ويخرب هذه الأودية، وصرف مكافأة مالية لكل مواطن يضبط هؤلاء المخالفين أو يساعد في القبض عليهم”. ورأى الطنيجي أن هذه الجهود أفلحت في تقليل نسبة تأثر الغطاء النباتي بالذيد، والحدّ من الممارسات السلبية، حيث كفّ المخربون من قطع الأشجار في المنطقة الوسطى، والتزم أصحاب الإبل بمنعها من الرعي دون رقابة. محمية سيح البردي وأشار علي مصبح الطنيجي إلى أن من أهم الإجراءات التي اتخذتها البلدية لإعادة الغطاء النباتي للمنطقة، إنشاء محمية سيح البردي الواقعة شرق الذيد، وتبلغ مساحتها 40 ألف متر مربع في إطار النهج الفكري والبيئي والحضاري لصاحب السمو حاكم الشارقة، بإقامة المحميات الطبيعية الهادفة إلى الحفاظ على النظم البيئية وصون الحياة الفطرية وتنوعها الأحيائي، وتجسيداً أكيداً للتوجّه الاستراتيجي الهادف إلى تشييد البنى الثقافية والاجتماعية والبيئية. ووصف الطنيجي ذلك التوجه بأنه يشكّل في جوهره استجابة لازمة لإيقاف حالة التدهور المتزايدة للنظم البيئية ومواردها الطبيعية، نتيجة النشاطات البشرية غير الرشيدة. وأوضح أن محميّة البردي تعدّ أول محمية طبيعية مُسيّجة في الإمارة، يحدّها من الغرب كثبان رملية، وتنتهي في امتداد صغير يفصلها عن المدينة، فيما تميل تربتها إلى السواد في أرض السيوح أعلى المحمية، وتميل إلى الصفار كلما اقتربت من الكثبان. واعتبر مدير بلدية الذيد أن “الاهتمام بالمحمية أمراً لابدّ منه للحصول على نموذج مرجعي لبيئة المنطقة كما كانت في الماضي تسودها بعض وجوه الحياة الفطرية التي كانت سائدة في المنطقة، والغطاء النباتي الذي أصبح في طريقه للانقراض”. وأشار الطنيجي إلى أنه يمكن تصنيف النباتات في أرض المحمية إلى حولية و موسمية و معمرة، لافتاً إلى الأشجار والنباتات المعروفة عند الأهالي في المنطقة، ومنها: السمر، والغاف، والرمث، والعسج، والعرفج، والثمام، والحرمل، والأرطى، والسدر، والنباتات الرسمية مثل: المرار، والجعد، والحميض، وغيرها. طرق من دون رصف وكشف مدير بلدية الذيد عن توجّه لتخطيط طرق داخلية طبيعية بالمحمية من دون رصف، مع وضع الإرشادات وإقامة بعض الخدمات السياحية للزوار. وتناول ما تمتاز به أشجار المحمية من تكيّف مع البيئة الصحراوية التي تسود الموقع، منوهاً بأهمية هذه الأشجار التي وصفها بالكبيرة لما تتميز به من خصائص فريدة وقيمة غذائيةً. وتطرق مدير بلدية الذيد إلى أن البلدية سيّجت المحمية من جميع الجهات بعد اعتماد مخططها من الجهات المعنية، وزراعة بعض الأشجار من الفصائل نفسها التي توجد بها. كما تمت زراعة الأشجار التي انقرضت من المنطقة، حيث يمنع السياج الدخول العشوائي في المحمية، وكذلك الرعي الجائر، إضافة إلى منع الصيد أو نقل وقتل أو إزعاج الكائنات البرية نباتية كانت أم حيوانية بأعمال من شأنها القضاء عليها. وحظرت البلدية إقامة مباني أو منشآت أو أي نشاط إنساني إلا بتصريح من الجهات المعنية، وذلك من أجل صون الحياة الفطرية وتنوعها الإحيائي. وقال: “إننا بحاجة إلى إضافة عناصر جذب أخرى للمحمية، سواء للإنسان أو الطير أو الحيوان، وهذه العناصر يجب أن تكون من الماضي، مثل مجموعة من القدران الماء (الصناعية)، وروضة فيها بعض النباتات والزهور الصحراوية، كذلك مكان مرتفع يحوي على مراتع فيها قطعان من الغزلان (غزلان الريم الذي كان مستوطن المنطقة منذ 100 عام تقريباً)، وكذلك المها العربي (الذي كان يطلق عليه الوضيحي)، وقطعان من النعام وبعض المعالم الأخرى التي تعطي للمحمية نوعاً من الجذب السياحي والجمال الطبيعي”. وتابع: “كما يمكن أن يكون في المحمية أكثر من بنية طبيعية، تتمثل فيها أشكال من التنوع البيئي - بيئات معروفة في المنطقة”. وتضمّ المحميّة أسراباً كثيرة من الطيور المهاجرة، ومنها البوم، إضافة إلى أنواع من الحمام البري والغربان، وطائر الحدأة وهو نوع من الصقور الصغيرة يسمّى عند الأهالي (الشمالية)، فيما تتواجد في موسم هجرة الطيور طيور الحبارى والقطاه وأنواع أخرى، لكن بقلّة”. وتضم المحمية بعض الحيوانات التي انقرضت مثل الغزال العربي والطيور والحيوانات البرية التي تتمكن مع التعايش مع جو المنطقة وطبيعتها. وتعمل البلدية على تطبيق إجراءات الأزمة التي تحقق الأهداف المنشودة في حماية الحياة الفطرية وصون الموارد الطبيعية، والحفاظ على الإرث الطبيعي والتراث الحضاري لمدينة الذيد. تشديد العقوبات أعرب عدد من المواطنين عن استيائهم تجاه اجتثاث الأشجار المحلية زعلى أيدي آسيويين تجاوزوا الحدّ في عملية الاحتطاب دون مراعاة الأثر البيئي وما تشكله هذه الأشجار بالنسبة للمواطن الذي يعتبرها جزءاً لا يتجزأ من تراثه. وطالبوا بإيجاد حلول أكثر عملية للحد من ظاهرة انحسار الأشجار المعمرة ومنع المتاجرة بأخشابها. وثمّن حميد محمد جهود إمارة الشارقة في الحفاظ على البيئة البرية، مشيراً إلى أن آثارها أصبحت واضحة للعيان، لكنه رأى أن الإجراءات والعقوبات تجاه كل من يخرب ويجتثّ هذه الأشجار يجب أن تعمم على جميع إمارات الدولة. وأضاف: “كان الإماراتي في الماضي يحتطب من أشجار الصحراء، غير أنه كان رحيماً بها، بحيث لا يقطع غير الأطراف وما يسدّ حاجته، أما ما يقوم به الآسيويون من اجتثاث للأشجار بغير رأفة ورحمة وبكميات كبيره بهدف التربح كفيل بأن توجّه إليهم أقصى العقوبات”. بدورها، قالت شيخة سالم: “كانت الصحراء في الماضي مملوءة بأشجار السّمر التي تعدّ عيدانها مصدراً رئيسياً للتدفئة والشي ومرعى الإبل”. وتابعت: “واليوم نفتقد هذه الأشجار التي تقلّصت بشكل واضح في الكثير من المناطق البرية، لدرجه أننا نقضي ساعات في البحث عن تجمّعاتها التي يعد الجلوس تحتها متعة في الرحلات البرية الشتوية”. وزادت: “ما زلنا نفضّل عيدان وفحم أشجار السمر لاستخدامها للشواء ونشتريها من المتاجر بأسعار زهيدة، إلا أن وجودها في المتاجر بكميات كبيرة يشي بما تتعرض له الأشجار من قطع واجتثاث”، مطالبة بملاحقة المخربين ورصد المحال التي تعرض هذا النوع من الأشجار، ومنع المتاجرة بها. إجراءات وغرامات كان المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة قد أصدر القرار رقم 9 لسنة 2012 بشأن منع التدهور البيئي في المناطق البرية بالإمارة. وحدّد القرار غرامة 10 آلاف درهم لكل من حاول تجريف التربة وإتلاف الغطاء النباتي وقطع الأشجار المعمرة وغير المعمرة ذات الأهمية الوطنية والبيئية بغرض الاحتطاب في المناطق البرية. كما حدّد 50 ألف درهم غرامة التخلّص من مخلفات العمليات الفنية والإنتاجية في المناطق البرية، ومثلها غرامة التخلص من مخلفات البناء والهدم في المناطق البرية. كما حدد مبلغ 50 ألف درهم غرامة التخلص من المياه العادمة والزيوت المستعملة في شبكات الصرف الصحي في المناطق البرية. وغرّم القرار الرعي الجائر وترك الحيوانات السائبة دون راع في المناطق البرية 1000 درهم، فيما فرض 10 آلاف درهم غرامة للصيد الجائر أوقتل أو إيذاء الكائنات البرية أو تدمير التكوينات الجيولوجية والمناطق التي تعد موطن الفصائل لحيوانات والنبات أو الطيور أو التكاثر في المناطق البرية. كما حدّد ألف درهم غرامة لمرور المركبات بأنواعها عشوائياً في مواقع نمو الأعشاب والنباتات، وفي المواقع ذات الأهمية البيئية بالمناطق البرية. وواجه إلقاء مخلفات أو ترك بقايا الأطعمة والفضلات ومخلفات الشواء في المناطق البرية، بغرامة 500 درهم، ورمي المخلفات أو تركها أوالتخلص منها بأي شكل بـ 1000 درهم. دورة حياة السمر يعيش شجر السمر في كل مناطق الدولة، ومن مزاياه أنه ينمو سامقاً، بحيث يصل بعضه إلى ارتفاع نحو 20 متراً. ورقه مفروم إلى وريقات صغيرة، وقاعدته شوكية يصل طول الشوكة أحياناً إلى 5 سنتيمترات. وتبرز منه في أوقات معينة من العام أزهار صفراء، يطلق عليها محلياً برم، تبدو في شكل رؤوس كروية في الفترة من شهر أبريل إلى يونيو. يسمّى ورقه الأخضر بالخباط، وهو غذاء للإبل؛ لأن الأشواك لا تضرّه، كما تأكل منه الأغنام. أما بذورها الصغيرة، فتسمى “حنبل”، وهي بذور تشبه العدس الأسود تصلح غذاء للأغنام، حيث كان رعاة الإبل والغنم يجمعون البذور في أكياس ويخزّنونها لحيواناتهم في الشتاء. كان السكّان في المراحل الزمنية السابقة قبل النفط يستهلكون من أغصان أشجار السمر كميات لا بأس بها في (الوقيد) من أجل الطهي، فيما كان لسكان الجبال والصحراء الأيدي الطولى في تسويقها على شكل أغصان يابسة، أو تحويلها إلى فحم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©