الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الراديو سحر وعشق عبر الأثير

الراديو سحر وعشق عبر الأثير
8 نوفمبر 2008 01:31
سحر الكلمة، جودة الإلقاء، حسن الإصغاء، كلها مرادفات لشيء اسمه الإذاعة، تعبر الحدود وتتجاوز المسافات لتطرق آذان المستمعين وتفرض نفسها على عوالمهم، نسجت خيوط الخيال الواسع عبر أصوات عذبة تربط المتلقي في أوقات محددة مسبقاً مع جهاز يجبره على اتباع طقوس الصمت وحسن المتابعة عبر الأثير، ولم تفارق خيالنا يوماً أصوات لم تنم الليل لتلقي الشعر، أو تقرأ قصة أو تطرح للنقاش قضايا ساخنة توجه وتؤسس أجيالا، واستطاعت بذلك التواصل مع شرائح مختلفة من الناس بكل حميمية، تخاطب فكرهم وأحاسيسهم وتشاركهم آلامهم وآمالهم، وسط مناخ من الألفة عبر فترات من البث الإذاعي الليلي والنهاري· فأين الراديو أو المذياع اليوم في ظل زخم الفضائيات وديموقراطية الريموت كونترول، وما تتيحه أمام المتلقي من خيارات، حيث بلمسة زر يمكن التغيير من فضائية لأخرى؟ توجهنا بأسئلتنا لشرائح مختلفة من الناس وفئات عمرية غيرمحددة: هل من مستمع للراديو؟ هل من ممسك بهذا الجهاز العجيب الذي نثر الكلمات عطراً وورداً فرسمنا صوراً في مخيلاتنا لمذيعين ومذيعات وفق توليفة رائعة، حيث تطرح القضايا بتلقائية وعفوية وإحساس عميق لا يخلو من جمالية·· سحر خاص يؤكد محمد، إماراتي الجنسية، أنه كان يستمتع بقرب الراديو أيام زمان، وقال: ''لا أستطيع تحديد بداية العلاقة بيننا، ومع مرور الوقت تمدد حبي لهذا الجهاز ليشمل كل البرامج وفي جميع الأوقات، وإلى هذا الحين أجد متعة كبيرة في متابعة بعضها، وكم عشقت من خلاله الكلمة الجميلة عبر أصوات رقيقة ترقى بالذوق العام، فهو أتاح لنا فرصة الحلم والتعلم·· له سحر خاص يذكرني بالأجمل في حياتي، أما اليوم وسط كثرة المشاغل فأكتفي بتشغيله داخل السيارة''· ويذكر أبوعلي (سائق تاكسي) أن ما يخفف تعبه وعناء شغله هو الإنصات للراديو، وهو يستمتع كثيراً بما يطرح من مواد عبر الأثير، خاصة الأغاني الشبابية، أما داخل بيته فهو يؤكد أنه لا يشغل المذياع إلا نادراً، وأقرب إذاعة لقلبه هي محطة القرآن الكريم· ويتحدث نجيب المدني (موظف): ''كنت مدمناً عليه، واهتمامي كان ينصب على بعض البرامج الثثقيفية، والدينية والبرامج الاجتماعية التي كنت أحفظ مواعيد بثها، عشقت من خلاله الاستماع للموسيقى الكلاسيكية والشعر والقصة، ومن خلال ترنيمات الصوت العذبة ربطت ألفة مع مذيعين دون رؤيتهم، إضافة لذلك فالراديو عائلي، يتيح الفرصة لاستماع كل أفراد الأسرة دون الخوف من كلام مبتذل أو تعليقات تثير خجل الأم أمام ابنها أو العكس، كالذي يبث على بعض القنوات· فالراديو يرتبط في ذهني بالكثير من الأوقات الجميلة والحميمية، حيث كنت أسهر الأماسي استمع لبعض الأغاني أو انتظر موعد برنامج يطرح مشاكل الناس، أو القاء الشعر· أفضله صباحاً وجّهنا استفساراتنا لبعض الشباب ولم ننس بعض النساء اللواتي تحدثن عن الراديو وما يذاع فيه من برامج وما يخلفه في أنفسهن من آثار إيجابية، وتوضح نورة أن الفترة الصباحية هي المفضلة لديها حين تكون ببيتها تحضر نفسها لاستقبال العمل، وتحب الاستماع لــ''استديو واحد''، الذي يسلط الضوء على العديد من المشاكل ويحاول إيجاد الحلول العاجلة والناجعة لها، وتقول إنه لسان المواطن وهمزة وصل بينه وبين المسؤولين· كنت متلهفة للجلوس في وقت معين للاستمتاع ببعض البرامج''، تذكر السيدة فاطمة، وتضيف: ''أحببت ذلك عن أبي الذي كان يعشق الإذاعة لحد الهوس، حيث لا يفارقه المذياع أبداً، خاصة بالليل يجلس يحتسي قهوته وينصت لبرامج متتالية، لا نستطيع دخول غرفته خشية أن نقطع الحبل الواصل بينه وبين ما يدور داخل ذلك الجهاز، وحين يغالبه النعاس يستسلم ويسلم الجهاز لراحة مؤقتة إلى حين، أما اليوم فيرتبط الراديو في ذهني ببعض الأوقات فقط عندما أكون داخل سيارتي، وذلك أظنه عائداً لسرعة الحياة، ولأن جهاز الراديو وبرامجه تتجاوب فقط مع من يحترم طقوسها في صمت وسكينة وحسن إصغاء· كذلك كان لطلبة في مقتبل العمر صادفناهم بباب إحدى المدارس، أن أجابوا بإجماع مدهش أنّ ليس من علاقة تربطهم بالراديو، مقابل ما تتيحه القنوات المتعددة من اختيارات، وكذا ما توفره الشبكة العنكبوتية من تسلية ومرح· من قال إن هناك تراجعاً؟ سعياً وراء تحديد أدق لموقع الراديو اليوم، ولتوضيح ما إذا كان هناك تراجع حقيقي للراديو أمام الفضائيات، وجّهنا بعض الأسئلة للسيد يعقوب يوسف الروسي وهو (مراقب محطة إف أم) من أبوظبي الذي قال: ''الإذاعة لها خصوصية كبيرة رغم ما يظهر، بالعكس ليس هناك أي تراجع، بل هناك إقبال كبير في أوقات معينة، خاصة عند سائقي السيارات، إذ يكون ارتباطهم بالراديو أكثر، وهناك عوامل طورت التقنيات والقنوات التي جعلت المحطات الإذاعية تبث على الأقمار الصناعية حيث يمكن للمستمع المتابعة وهو جالس بالمنزل أو المكتب أو في أي مكان، كما تصل المحطات الإذاعية لكل الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية''· مقاييس النجاح أما عن دليل النجاح وعدم التراجع، فقال الروسي: ''نعتمد على استبيانات عن طريق شركات عالمية متخصصة، تبين فئة المستمعين وعددهم، وكلها تبشر بالخير، فهناك أوقات ذروة من السادسة للعاشرة صباحاً، ومن الساعة الثانية بعد الظهر للرابعة عصراً، ومن الساعة السابعة إلى التاسعة مساء، وهذا يفسر أن المستمع الحقيقي للراديو هو المتواجد على الطريق، وبذلك نركز برامجنا على هذه الأوقات'
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©